جميع الحقوق مَحفوظة للكاتِبة مَلك إبراهيم وأي إقتباس أو إعادة نَشر دونَ أخذ الموافقة يُعرِض صاحبهُ للمُسألة القانونيه.
_أنا عاوزة أتطلق يا سليم.
نظرَلها لِبُرهةً وهو يتطلع بكِلتا عيناها البُنيتان، ومِن ثمَّ تنهدَ مُردفًا بسُخرية ملحوظة:-
_ويا ترىٰ ليه يا سَما عَلشان مثلًا مجبتش ليكِ البسكويت إللي بتحبيه! ولا دي هرمونات الحَمل! سما أنا مِش فايق بجد للهَبل دا دلوقتي.
_لا أنا عاوزة أتطلق بجد يا سليم، مامتك بقت لا تُحتمل الصُبح طلعِت هزقتني إني منزلتش أنضف ليها البيت رغم إن عندها أخواتك البنتين، وأنا زي ما قولت حامِل وكمان عندي بيتي وبهتم بيه، معرفش هيَ بتعمِل معايا كدة ليه ولَكِن قررت متحملش بصراحة لإنها سِت لا تُطاق وكمان مش كويسـ….
لمْ تكاد أن تُكمِل حديثها حتىٰ وجدَت صفعة مُداوية تهبِط علىٰ إحدىٰ وجنتيها مِما أدىٰ إلىٰ إحمرارِها وبِشدة، نظرت لهُ بِصدمة والعِبرات مُتجمدة في مُلتقيها، بينما نظرَ سِليم ليداهُ التي صفعتها ولا يعلم كيفَ فعلَ ذَلِك، تمتمت سَما بصوتٍ مبحوح مُردفةً:-
_أنا مش هعيش في البيت دا مِن إنهارده إنتَ مبقتش الشخص إللي أعرفه بقيت مَسخ ملهوش معنىٰ ولا بعرفه حتىٰ، بتفضل مامتك عليا رغم إنها من أول ما رجلي خطْت البيت وهيَ بتكرهك فيا رغم إني شيلاها فوق راسي، ورقتي توصلني علىٰ بيت أبويا يا سليم.
وجائت لتذهب من أمامه، شَعر حينها وكأن الغضب تصاعدَ بهِ وبِشدة حتىٰ صرخَ مردفًا وهو يقوم بإمساك يديها بعُنف شديد:-
_أنتِ مش هتمشي مِن هِنا، أسمعي يا سَما أنا راجل البيت دا وأنا إللي أحكُم فكراني هغضب أمي وأرضيكِ أنتِ، وأه أتغيرت لإنك بقيتي عيله، وكُل مشاكلك تافهه سنتين عايشين بقرف، وكل شويه تقنعيني أنه بسبب أمي وأنتِ أصلًا السبب في كُل حاجة.
وأخذ يقوم بمُحاولة إمساكِها حتىٰ يقوم بحبسِها في أحدىٰ الغُرف كالعادة، ولَكِنها حينَ رأتهُ يفعل ذَلِك حتىٰ حاولت أن تبتعد عنهُ بشتىٰ الطُرق، بينما تمتمت مُردفةً بصوتٍ مبحوح يتغللهُ البُكاء:-
_بقولك سيبني يا زباله، أبعد عني.
وما إن تركها علىٰ حين غفلةً حتىٰ عادت إلىٰ الوراء ساقطة علىٰ أحدىٰ الطاولات ما إن تسبب في أصابة رأسها وصدمة طفلها الذي تحملهُ بأحشائِها، وما إن رأىٰ سليم الدِماء وهيَ تدفق حولَها حتىٰ قام بِفتح باب المنزِل والهروب مِنهُ علىٰ الفَور تاركًا أياها بينَ يدي الله.
•••••
_وليه! ليه بجد يا علي! أنا سَجده حبيبتك! ليه!
نظرَ لها وجدَ عِبراتِها تتغلل بداخِل كلتا عيناها، فَـ عِندما عادت مِن عملِها إلىٰ المنزِل وجدتهُ بداخِل أحضان غيرها! لمْ تعتقد أنهُ بيومٍ ما ستراهُ هكذا، جاء لكي يتحدَث ولَكِنها أشارت لهُ بِعدم التحدُث بينما تحدثت مُردفةً بنبرة يتغلغلها الإنكسار:-
_مِش عاوزة أسمع حاجة يا عَلي، مبقتش عاوزة أسمعك! مِش أنتَ بيعت كُل شيء بينا وقدرت تخوني! قدرت تغدُر بيا يا علي! خليك معاها وأنا همشي بس عوزاك تعرف حاجة، دا مِش ضعف مني، ولَكِن أحترام لِنفسي علشان أنتَ عُمرك ما هتلاقي زي.
وأشارت إلىٰ تِلكَ الفتاة التي تجلس علىٰ الفِراش بجانبهُ، بينما أردفت قائِلة بسُخرية:-
_سِبت مراتك إللي عُمرها ما تبُص لضافِر راجِل غيرك وروحت لـ واحدة شبه بنات الليل! ونعم الإختيار يا علي، أنا هروح بيتي القديم ما أنا يتيمه وأنتَ إنهارده جددت اليُتْم دا يا علي، وورقتي توصلني لحد عَندي، الخيانة ملهاش عِلاج.
وذهبت علىٰ الفور إلىٰ الخارِج، بينما نهضَ عَلي سريعًا عن فراشهُ وهو يذهب ورائها بينما أردفَ قائِلًا:-
_سَجدة، يا سَجدة أستني.
وما إن دلفَ للخارِج حتىٰ سَمِعَ صوت إرتطامِها بالأرض وعِندما ركضَ نحوها وجدَ شفتاها تحولتان إلىٰ اللون الازرق القاتِم قام بِحملها وذهبَ إلىٰ الخارِج علىٰ الفَور إلىٰ أقرِب مَشفىٰ، والندم يتغلغلهُ وبِشدة.
•••••
_مِشمِش تعالَ هِنا، يا مِشمِش، يا قُط عبيط أنا مِش فايق ليك.
ظلْ ينظُر لهُ حتىٰ وجدهُ يذهب إلىٰ المنزِل المُقابِل لهُ، تمتمَ مردفًا بغضب مكتوم:-
_يا ولد تعالَ هِنا عيب ندخل بيوت الناس، وخصوصًا بيت أستاذ سليم راجل تِنك، ومعَفِن بصراحة أسوء جار مُمكن يعدي علىٰ البشرية كُلها.
ظلْ يسير ورائهُ حتىٰ أستطاع أمساكهُ وهو يبتسم بهدوء، ولَكِن سُرعان ما أختفت بسمتهُ عِندما رأىٰ الدِماء التي تدفق، وحينَ قام بِرفع عيناهُ حتىٰ رائها وهيَ مُستقلية علىٰ الارض تاركة ذَلِك العالم سُرعان ما تركَ الهِرْ مِن بين يديهِ وأتجه نحوها وهو يردف بقلق:-
_مدام سَما، مدام سَما مالك فوقي.
لمْ يدري بنفسهُ إلا وهو يقوم بِحملِها سريعًا والذِهاب لأقرب مَشفىٰ، ومِن حُسن حظِها أن المَشفىٰ لمْ يكُن بعيد عن المنزِل، وما إن دلفَ بداخلهُ حتىٰ قاموا بوضعِها علىٰ الحامِل النقال ودلفوا بِها إلىٰ غُرفة الطوارئ علىٰ الفور، بينما هوَ جلسَ واضعًا رأسهُ بينَ يديهِ وكأن مَن بداخِل هيَ زوجتهُ هو، لا يعلم ماذا حدثَ لها، تُرىٰ أينَ زوجِها!.
•••••
_قولي يا دكتور هيَ عاملة إيه دلوقتي! وليه وشها أصفر كِدة!.
تنهدَ الطبيب بعُمق، بينما تحدثَ مُردفًا بعملية:-
_للأسف مدام سَجدة عندها مُشكلة في الكَبِد، وأوشك علىٰ التَلف فعليًا ودا مُمكن يوصلنا لنُقطة نهائيه، لازِم تعمِل عملية زراعة علشان منضطرش فيما بعد نفقدها لقدر الله، تقدر تدخل ليها دلوقتي هيَ فاقت الحمدلله لَكِن الحالة شبه مُستقرة، بعد أذنك.
تركهُ الطبيب ورَحل بينما دلفَ عَلي إلىٰ الغُرفة علىٰ الفَور، وعندما رأتهُ سجدة قد قامت بالنظر إلىٰ الفراغ علىٰ الفور حتىٰ لا تراهُ، ظلْ يقترِب مِنها حتىٰ جلسَ أمام فِراشِها، بينما أطلق تنهيده عَميقه، وهو يُردف قائِلًا:-
_ليه مقولتيش ليا يا سَجدة.
ظلْت تنظُر للفراغ بينما أردفت قائِلة بجمود:-
_علي أطلع برا، أنا هتطلق وإنهارده، أنتَ واحِد خاين.
أطلقَ عَلي تنهيده عَميقة بينما أردف قائِلًا:-
_وأنا مِش هتطلقك يا سَجدة، أنتِ عارفة إن دي لحظة شيطان، وبعدين يا سَجدة كُل دا مِن عدم إهتمامك بيا، ديمًا الشغل الشغل الشغل، نسيتي أن ليكِ بيت حتىٰ الخِلفه يا سجدة منعتيها عني! منعتي أن يكون عندي طفل خلال الاربع سنين دول، وفي الآخر حطيتي الحق كله عليا، علىٰ العموم يا سَجدة أنا مش غلطان لوحدي، ودي لحظة شيطان، ربنا بيسامح أحنا العِباد مِش هنسامح! لو بصيتي في عيني هتلاقي مفيش حد هيحبك قدي، عُمري ما فكرت أخونك ويوم ما حصل معملتهاش برضو، سامحيني يا سَجدة وبالله عليكِ نعمل العملية علشان مش مُستعد أخسرك! مش هقدر أكمل ولو لدقيقه واحدة من غيرك!.
_الخيانة ملهاش عِلاج يا عَلي! ملهاش، أنا مش هنكِر إني أخطئت لما عملت كِدة، لَكِن ليه أنت عملت كدة، ولِذلك أنا هديك فُرصة تانيه، لَكِن لما تتعدل يا عَلي وتنزل شُغلك من جديد، وتبعد عن صحاب السوء إللي ودوك لِهنا وقتها لو أتعدلت هقدر أديك فُرصة ولحد ما تتعدل أحنا مجرد أصحاب وأخوات وبس.
كانت عيناها وهيَ تتحدث ممتلئتانِ الجمود الشديد، بينما هوَ ظلْ ينظُر لها بذهول وأردف قائِلًا بدهشه:-
_مدام سَجدة فيه سوء تفاهم أنا جوزك يا مدام! أنا عَلي صلاح مكتوب في القسيمة صح؟.
تمتمت سَجدة مردفةً بسُخرية:-
_بلا عَلي صلاح، بلا عَلي فساد، أمشي كِدة علشان أنا مِثال للمرأة الهبله إللي بتتخان وتتصالح علىٰ طول لَكِن ميغُركش، يالا روح للدكتور قوله العملية أمتىٰ.
نهضَ عَلي علىٰ الفور عن مقعدهُ وأردف قائِلًا وهو يذهب إلىٰ الخارج:-
_هوا يا أختي.
ظهر شبح إبتسامة علىٰ وجهِها ولَكِنها أخفتها سريعًا حتىٰ لا يراها وهيَ لا تعلم لما قد أعطتهُ فرصه ثانيه بهذهِ السُرعة!.
•••••
_أبني فين! أبني! أنا ليه حاسه إن معدتي فاضيه!
يخطو خطواتهِ الثقيله للغايه نحوَ فِراشِها، يتذكر عندما أخبرهُ الطبيب أنها قد فقدت جنينها أثر سقوطها بقوة علىٰ الارض، يتذكر عِندما جلس الليل بأكملهِ ينتظر أن تفيق لا يعلم كيفَ يُخبرها أن زوجها هو من فعلَ ذَلِكَ وتم القبض عليهِ عندما تشاجر مع أحد الاشخاص! عِندما رأتهُ سَما تمتمت مردفةً بتساؤل:-
_شادي! أنتَ بتعمل إيه هِنا، وإيه حصل، وفين أبني!.
تنهدَ شادي بعُمق شديد، بينما أردفَ قائِلًا بحُزن:-
_أهدي يا مدام سَما، أنا عارِف إن إللي جاي وهقوله مش هيكون سهل عليكِ لَكِن الدكتور قالي أن حضرتك للأسف فقدتي الجنين، وزوج حضرتك أتقبض عليه كان في إيده دم وأتخانق مع شخص في الشارع، وهو دلوقتي مَحبوس، هسألك سؤال واحِد هو إللي عمل كِدة؟.
حينها هجمت الذكريات علىٰ عقل سَما، وتذكرت ماذا حدث وأنهُ هوَ المُتسبب في فُقدانِها لِطفلها، أطلقت تنهيدة حارة يتبعُها هطول عِبراتِها علىٰ ما حدث، تشعُر وكأن كُل هذا قد مرَ بسُرعةِ البرق ولَكِن لن تتركهُ وشأنهُ ستقوم بجعله يدفع الثمن غاليًا، عادت من شرودها ونظرت تجاه شادي بينما أردفت قائِلة بصوتٍ مبحوح:-
_شادي، عوزاك تكلم أهلي يجوا لحد هِنا وعاوزة أطلع تقرير طبي بالواقعة إللي حصلت، هو إللي عَمل فيا كِدة ولازِم أخيه يتربىٰ مبقاش سَما مجدي إما وريته، هيدفع التمن غالي أوي.
أردفَ شادي قائِلًا بعزم:-
_متخافيش يا مدام سَما، أنا وأهل حضرتك في ضهرك، ومش هنسيبك أبدًا.
نظرت لهُ ببسمة، وكأنها مُمتنة لهُ علىٰ جميع ما يفعلهُ معها إلىٰ الآن.
••••••
أغلقت دفتر مُذكراتِها بعدَ أن قامت بالتدوين بداخلهُ عن مدىٰ عِشقها الآن لزوجِها الحبيبَ شادي وحينما كانت تقوم بالتدوين وجدت رِسالة قد كتبتها مُنذُ سبعة سنوات وكانت تحتوي علىٰ:-
” في يومٍ ما أعلمُ أنني سألقاكَ فارسي المَجهول، لا أعلمْ مَن أنتَ ولما لمْ تأتي بَعد، ولَكنني أتيقنُ أن عِندما أنتظرُكَ سأجِدكَ لينَ القلبِ، أتيقنُ أنكَ ستذوبَ بي عِشقًا حد النُخاعِ، وأيضًا لمْ يهزِمنا حينها الخِصام أو البُعدِ بلّ سأقوم بإمساكِ يديكَ مُتشبثةً بِها إلىٰ آخر حياتي، لا تقلق أنا هُنا بإنتظارِكَ”
بينما كانت من قَبل أن تقرأها، تقرأ ما حدثَ بالماضي ولِحُسن الحظ كانت سَجدة تجلِس بجانِبها وتُدَوِن هيَ الآخرىٰ، نظروا إلىٰ بعضِهم البعض وأخذوا يضحكونَ وبِشدة، بينما أردفت سَما قائِلة بمرح:-
_فاكرة لما عَلي جالك تحت البيت وهوَ ماسِك بوكيه ورد الساعة خمسه الفجر علشان أنتِ طلبتي منه كِدة!.
قهقهت سَجدة بصوتٍ عالٍ، بينما أردفت وكأنها تذكرت شيءٍ ما قائِلة:-
_طب هقولك أنتِ، فاكرة لما شادي جالك وأتقدِم بعد ما خلعتي سليم وشرب القهوة إللي مليانه ملح علشان يثبتلك أنه بيحبك لإن وقتها جالك تروما من الرجالة.
تنهدت سَما وهيَ تنظُر تجاه الموج، بينما تمتمت قائِلة بسعادة:-
_كانت فكرة جميله إننا نقرأ مُذكراتنا من تاني، كانت بدايتها وحشة، لكن ختامِها كان جميل أوي يا سجدة، دلوقتي قاعدين علىٰ البحر وهُما بيجيبوا لينا أكل وعايشيين حياتنا، حقيقي ربنا بيعوض، الحمدلله علىٰ ما مضىٰ وما هوَ آتٍ.
شعرت أن هُناك مَن يقوم بإحتضانِها مِن الخلف، وعلِمت أنهُ هوَ علىٰ الفور، بينما سمعتهُ يهمس قائِلًا:-
_كتكوتي الحلوة بتتكلم في إيه.
تنهدت تنهيدة عميقه وأردفت قائِلة ببسمة:-
_كُنت بقولها إنك وحشتني!.
وفجأةً أبتعدَ عنها، وقام هوَ، وعَلي بإخراج ورقتين وأخذوا يقرأون ما بداخِلها بصوتٍ عالٍ نسبيًا قائلين:-
_بنوعدكُم إننا ديمًا هنفضل نحبكم، لا عَلي يقدر يعيش من غير سَجدة ولا شادي يقدر يعيش من غير سَما، ويالا ناكل علشان الاكل هيبرد.
قهقهَ كُلًا مِن سَما وسَجدة، بينما أخذوا يتناولون الطعام وبجانبهم مشمش الذي كان يأكل معهم في سعادة غامِرة.
•••••
لِنكُن أنا وأنتَ كَما نحنُ،
لا تهزِمنا الحياةُ،
مررنا بهذهِ الصعابِ سويًا،
والآن أراكَ الصديقُ والحبيبُ الأبديُ لي.
تمّت بحمدِ الله.
في الساعة الثالِثة وأربعونَ دقيقة فجرًا قد أنتهيتُ مِن كِتابة إسكريبت “في يومٍ ما”
علىٰ أن القاكُم مرةً أُخرىٰ في عملٍ جَديد.