البداية..

 

«مكنش ناقصنا حب قد ما كان ناقصنا توقيت»

 

 

وأهي جملة بقولها وبصبّر نفسي بيها بعد فراقه اللي فات عليه ٨سنين.. معقول بقالي ٨سنين بقول لنفسي نفس الجملة ومتعبتش!! مملتش!! مزهقتش من انتظاري!!

 

 

يالله! طب هو فاكرني، مستنيني، حاسس بقلبي اللي مستني شوفته وكأنه مستني حد اتغرب عنه وراجع، أنا إزاي ضامنة إنه راجع أصلًا؟

 

_يلا يا حورية هتتأخري على شغلك

_أنا صاحية يا ماما ولبست خلاص، هنزل أهو

_هتتأخري؟

_لا يا حبيبتي ده أنا عمو هيخليني اخلص حسابات بس في المحل وهمشي على طول بإذن الله

_ربنا يوقفلك ولاد الحلال ويرزقك بالزوج الصالح يارب

 

المشهد الثاني:

بصيتلها وأنا عارفة إنها بتتمنى ده وفي تفكيرها إني مُعقدة زي ما بتقول كل مرة، بس ما باليد حيلة، أصلي حاولت مرة إني اتناساه بس مقدرتش حسيت إني بظلم طرف ملوش أي علاقة ولا دخل بأي حاجة، فـليه آخد ذنبه وأكون سبب في أذيّته!

 

 

نزلت وفضلت طول الطريق سرحانة، يمكن بقت عادة ملزماني إن غصب عني بقيت اسرح وافتكر لما كنا سوا، طريقة كلامه، هزاره، ضحكنا، خناقاتنا، كل تفصيلة كنا فيها سوا

 

 

المشهد الثالث:

وصلت عند باب المحل، وقفت لحظة قبل ما أدخل، أخدت نفس عميق كأني بحاول أرجّع نفسي من الماضي للحاضر.

الشارع هو هو، المحل هو هو، بس أنا… مش نفس البنت.

 

 

دخلت، سلمت على عمي بابتسامة مصطنعة كالعادة،

_صباح الخير يا عمو

_صباح النور يا بنتي، مالك؟ باين عليكِ تعبانة

_لا أبداً، بس منمتش كويس

 

المشهد الرابع:

قعدت على المكتب، فتحت الدفاتر، بس عيني كانت بتزوغ على الباب كل شوية، مش عارفة ليه كل مرة بتمنى أشوفه داخل كأنه صدفة من القدر، كأني مستنية مشهد مش مكتوب في حياتي بس أنا مصممة أعيشه.

 

 

وبين ورقة وورقة، لمحت شاب واقف بعيد، ملامحه مش واضحة من ضوء الشمس اللي داخل من الشباك جنبي، قلبي دق بطريقة غريبة، قلت في سري:

 

_معقول؟!

 

بس أول ما قرب شوية، اكتشفت إنه مش هو، ضحكت بسخرية من نفسي وأنا بردد بخيبة

 

_هو لسه فيّ أمل بالشكل ده بعد ٨ سنين!

المشهد الخامس:

 

رجعت أكمّل شغلي، بس وأنا بكتب في الدفتر، لقيت نفسي بكتب اسمه من غير ما أحس وقفت أستوعب، اسمه لسه حافظ مكانه في إيدي قبل قلبي.

 

يمكن الحب عمره ما كان المشكلة، يمكن فعلاً زي ما قلت زمان وكل وقت

 

إن مكنش ناقصنا حب، قد ما كان ناقصنا توقيت

بس يمكن كمان اللي ناقصنا أكتر، كان نهاية ترضي الطرفين بشكل مُريح للقلب

 

 

عدت ساكتة، ببص في الدفاتر قدامي ومش شايفة منها غير أول حرف من اسمه، وبعدين قلت لنفسي

 

_هو يمكن فعلاً كان لازم نمشي في طريقين مختلفين علشان نعرف إحنا مين من غير بعض.

 

يمكن لو كنا كملنا سوا كنا كرهنا بعض، يمكن كان هيشوفني بشكل تاني، أو أنا كنت هشوفه أقل من اللي في خيالي.

 

بس دلوقتي هو فضل زي ما هو في ذاكرتي، بنقائه، بضحكته اللي كانت دايمًا بتطمنني.

 

أهي الذكرى بقت وطن مؤقت برجعله كل ما الدنيا تبقى تقيلة عليّا

 

بصيت من الشباك على الناس رايحة جاية وأنا بقول

 

_يا رب يكون بخير، حتى لو مش معايا.

 

ولأول مرة من زمان، حسّيت إن الدعوة دي طلعت من قلبي مش من وجعي، يمكن دي كانت النهاية اللي كنت بدور عليها من ٨ سنين،مش رجعته لكن راحتي اللي بحاول ألاقيها في بُعده

 

 

المشهد السادس:

رجعت أكمل شغلي، بس المرة دي كنت حاسة بهدوء غريب، كأن كل حاجة حواليّا بتهمسلي إن خلاص كفاية وجع أوي لحد هنا

 

خلصت الحسابات، قفلت الدفاتر، وخدت شنطتي وأنا ناوية أعدّي اليوم من غير ما أستسلم لأي ذكرى تاني، وأنا خارجة من المحل، سمعت صوت خفيف ورايا بيقول:

 

_آنسة حورية؟

 

لفيت بسرعة، لقيت شاب واقف بابتسامة مهذبة، ماسك ظرف في إيده.

_حضرتك نسيتِ الورق ده جوّا، كنتِ بتكتبي عليه.

 

بصيت على الورق، لقيت أول حرف من اسمه اللي كنت كاتباه بالغلط، ضحكت بخفة، وخدت الورقة وأنا بقول:

_شكرًا… واضح إن الاسم بيجرّلي مشاكل حتى وهو في الورق.

 

ضحك هو كمان وقال:

_ولا يهمك، أهم حاجة إنك واخدة بالك المرة الجاية.

 

النهاية..

مشيت، بس المرة دي حسّيت بحاجة بسيطة جوايا بتتحرك، مش حب، ومش حنين، يمكن أمل صغير، أو استعداد، أو مجرد راحة إن الحياة لسه بتكمّل مش واقفة عند حد معين

 

 

رفعت عيني للسما، الشمس كانت بتغرُب بس الدفا بتاع طول النهار لسه موجود، وكنت حاسة لأول مرة من ٨ سنين، إني فعلاً جاهزة أبتدي من جديد، بس تفتكروا هقدر؟

༺༻༺༻༺༻༺༻༺༻༺༻༺༻༺༻

بقلم رنـا محمد “حبة البُندق”

رأيكم

 

 

Visited 2 times, 1 visit(s) today

تعليق واحد

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *