الفصل الرابع . سر الاله الزرقاء

حين وجه “علي” الشعاع نحو صورة الخاتم، لم يكن يتخيل أن اللامع في الصورة سيصبح حقيقة أمام عينيه…
لكنه لم يكن يعلم أن كل شيء له ثمن، وثمن هذه الآلة قد يكون أغلى مما يملك

والدة (علي) بخضة : ياخرااابى ، رايح تصيف وتتفسح وابوك لسه ميت يا (علي) !
(علي) : مصيف ايه بس يا حبيبتى ، هوا دا وقته دا أنا ابويا لسه ميت ، أنا رايح شغل !
والدة (علي) بفرحه : بجد لقيت شغل ، لحقت لقيته ، أوعى تكون بتشتغلني يا (علي) ومخبى حاجة عليا .
(علي) : طب عن اذنك بقى يا حبيبتى علشان متأخرش ” يقبلها من رأسها ويغادر ” .

( يخرج (علي) من بوابة المنزل ) يجد أدهم أمامه
أدهم : (علي) كنت جايلك لقيتلك شغل فى فرقة تانية اسمــ…..ها …..
(علي) يتركه مغادراً بسرعة قائلاً : بعدين يا أدهم بعدين .
أدهم بحزن : كده يا (علي) ، بتطنشنى وتمشى دا انا صاحبك الوحيد .

( داخل أحد وسائل المواصلات متجه (علي) إلى الأسكندرية )
(علي) مخاطباً نفسه بفرحة شديدة : يا رب يكون حقيقة ، معقول هبقى غنى زى ما قال ، الآلة بتطلع فلوس يعنى وكده ، يا رب تكون بتطلع دولارات ، انا عاوز أخد الدنيا كلها فى حضنى من الفرحة .
( أمام مكتبة الأسكندرية من الخارج )
يقف (علي) أمام المكتبة يتحفصها بفرحة شديدة ، و تعلو وجهه ابتسامة كبيرة ، كأنها الأمل الوحيد وملجأه فى الحياة للخلاص من حياته الجافة الفقيرة ، كانت بالنسبة له كطوق النجاه الذى سينجو به لسنوات مليئة بالعز والرخاء .
” يسير (علي) خطوات إلى الداخل بفرحة عارمة “
( داخل مكتبة الاسكندرية )
” يتجول (علي) في جميع أقسام المكتبة ولا يجد قسم منهم يكتب عليه جن أوعفريت أو ماشابه “
فيتجه (علي) لأحد العاملين داخل المكتبة ، (علي) : لو سمحت مفيش كتب هنا بتحكي عن الجن .
العامل : الجن !
(علي) : ايوه قسم بيحكي عن الجن والعفاريت وكده يعنى .
العامل : لو قصد حضرتك حكاوي الجن وعلاء الدين وكده بتاعت الاطفال هتلاقيها فى قسم الاطفال القسم اللى فى الوش ده .
(علي) : لا انا مقصدش كده خالص ، انا قصدي يعني كتب بتتكلم عن الجن نفسهم ، حياتهم ازاي ؟ عايشين ازاي ؟ كده يعني !
العامل : اصل أنا بصراحه جديد هنا ، بس هنا فى كل حاجة ، موجود ان شاء الله ، ثوانى ابحثلك على الكمبيوتر .
” يمر بعض الثوانى “
العامل : ايوه يا فندم لقيته اسم القسم ” أشباه البنى آدمين ” موجود على اليمين ، هتمشي قدام كده شويه أول ممر يقابلك يمين هتلاقيه ، هو ده القسم اللي حضرتك عاوزه .
(علي) : شكراً لحضرتك يا فندم . “ويغادر”

يسير (علي) بفرحة عارمة فى الممر متجهاً إلى القسم ، إلى أن يجده ، يتجول (علي) داخل القسم فلا يجد أى كتاب يحمل اسم أدوات الجن أو الآلات أو يدل اسم الكتاب على أنه يتكلم عن ما شابه ذلك ، غير أن هناك العشرات بل المئات من الكتب .
يتسأل (علي) فى نفسه هلحق اقرا كل ده امتى ، علشان ادور على استخدام الآلة ، أكيد الإستخدام فى كتاب منهم ، دا ولا 100 كتاب !
يسحب (علي) كتاب عشوائى ويجلس على الطاولة ليرتاح قليلاً ، ثم يميل برأسه على الطاولة متعباً من كثرة التفكير .
” بعد قليل “
* لو سمحت ؟
ينظر (علي) ليجد ( فتاة فى مقتبل العمر ، متوسطة الطول ، على قدر من الجمال ، ترتدى فستان طويل ذو رقبة ، ذات شعر انسيابى ) ، جالسة على المقعد الذى أمامه فى نفس الطاولة .
* لو سمحت ، ممكن تدينى الكتاب اللى معاك ده اصور منه بس شويه حاجات بالموبايل وارجعهولك تانى ، تقريبا دى النسخة الوحيدة اللى فاضلة من كتاب “حياة الجان” الجزء الثاني ، بقالى ساعة بدور عليه فى الأرفف ، لفيت عليها كتير قبل كده فى مكتبات برا ، مصدقت لقيته ، بالله عليك لو حضرتك مش محتاجة ضرورى زيى ياريت تسيبهولى.

(علي) : هوا حضرتك عايزاه فى ايه !
* انا الدكتوراه بتاعتي عن ” أشباه البنى آدمين “.
(علي) : طب حضرتك متعرفيش حاجة عن الأدوات بتاعت الجان .
* اه طبعا اعرفها دي معروفة جداً ، وحكايتها كمان معروفة ، أى حد بيدرس فى علم الجان عارفها .
* بيقولوا أن ساحر قديم منهم سحر بير ميه ، قرأ عليه تعويذات من كتب الفراعنة القديمة ، البير ده بيطلع كل فتره أداة يرميها برا البير ، واللى يلاقيها هوا وحظه .
(علي) : طب ما تعرفيش أي كتاب من دول بيتكلموا عليها .
* تقريبا كلهم .
(علي) : ازاي ما لقتش ولا كتاب مكتوب عليه أدوات الجان أو ماشابه .
* مفيش كتاب بالأسم ده ، بيبقى فصل داخل كل كتاب بيحكي شويه عن جزء من الأدوات دى ، استنى كده ، هات مثلا الكتاب اللى معاك ده ندور فى الفهرس .
* اهوه الفصل السابع “أدوات الجان ” حتى فى الفهرس كاتب الأدوات اللى بيتكلم عنها الكتاب ده ، يعنى الكتاب دا بيتكلم عن 3 أدوات اسمهم المطرقة البنية و المطرقة الوردية و المطرقة الخضراء ، وهكذا بقيت الكتب هتلاقى تقريبا فصل زى ده فى كل كتاب .
(علي) : طب أنا اسف معلش هسألك سؤال كمان ، متسمعيش عن أداة مستطيلة الشكل شوية و….
* وبتلمع من جهة ، ولونها مطفى من جهة تانية .
(علي) بلهفة : بالظبط ، أنتى تعرفيها .
* ايوه طبعا مفيش أداة مستطيلة غيرها اتكتب عنها فى الكتب ، تصدق بالله حتى استخدامتها كلها مش مكتوبة ، لحد دلوقت محدش يعرفها .
(علي) بخضة : يعنى ايه ؟
* ثوان ، اجيبلك الكتاب اللى بيحكى عنها ، كنت لسه شيفاه ، ثوان .
( تتفقد الفتاة الكتب على الأرف )
يأتى (علي) اليها بلهفة : ها ، لقتيه .
* ايوه ، هوا ده ، ثوان كده ” تقلب الفتاة فى صفحات الكتاب ” ، ايوه اهى الأداة .
يشد (علي) الكتاب منها بلهفة تكاد عيناه تدمع ، يحتضن الكتاب بتنهيدة كبيرة ، وسعادة عارمة ، كأنه امتلك الدنيا كلها فى يده ، كانت فرحته لا توصف .
يفوق من تلك الفرحة على صوت الفتاة قائلة بتعجب : هوا مال حضرتك فرحت اووى كده ليه ، هوا حضرتك بتبحث عن الأدوات دى ليه اصلاً ؟
(علي) : ا….يه ، أ….صل ، أصل انا كمان بعمل ماجستير ودى الحاجة اللى كانت نقصانى فى البحث بتاعى .
*هوا عنوان رسالة حضرتك ايه .
(علي) : أ……نا ، طب عن اذن حضرتك أنا آسف ، شكلى طولت عليكى ، عن إذنك أصلى مستعجل .
” يأخذ (علي) الكتاب ويغادر “

” يجلس (علي) فى ركن بعيد من المكتبة يقرأ الكتاب ”
(علي) مخاطباً نفسه بصوت مسموع قليلاً : مش فاهم أى حاجة ! ، الكتاب مش موضح أوى ، أشياء لامعة ايه اللى بيتكلم عنها !
* بس انا ممكن افهمك ، أنا قريت كتيرعلى الأداة دى ، غير أنى فاهمة فى العلم ده كويس .
(علي) بإستغراب : انتى ايه حكايتك بالظبط ، انتى ماشية ورايا ولا ايه !
* مهو حضرتك كل ده مدتنيش أصور من كتاب حياة الجان .
” ينظر (علي) على الطاولة فيجد نفسه أنه ما زال يحتفظ بكتاب حياة الجان بشكل لا شعورى “
(علي) بذكاء : هديكى الكتاب ذات نفسه ، بس تقوليلى الآلة دى لزمتها ايه ؟
الفتاة بفرحة : بجد أنا متشكرة جدا يا أستاذ …..
(علي) : اسمى (علي) .
* وأنا كارما ، فرصة سعيدة .
(علي) : أنا أسعد ، المهم أنا استخدمها ازاى ، قـ….صدى ، لزمتها ايه !
كارما : لحد دلوقتى مكتشفوش غير لزمة النص اللى بيلمع من الآلة ، من الشخص اللى قال انه لاقاها واكتشف استخدمها ، لحد ما حطها بالغلط فى الفريز علشان يخبيها ، اتضح أن التجمد بيفقدها قوتها ، وبعدها اتجنن من زعله عليها ودخل المستشفى ، وهناك صحفى قابله وحكاله عنها .
دى بقى الأداة بتاعه الأشياء اللامعة ، كان بيوجه القرص النص دائرى للآلة اللى قدام الجزء اللى بيلمع ، على أي صورة لأى حاجة بتلمع في مجلة أو كتاب مثلاً ، كان شعاع الآلة يحول الصورة دى لحقيقة ، يعنى بتخلي الشئ ده بدل ما هو في الصور يطلع قدامه على الطبيعة .

كان بيحول الخواتم الألماظ اللى بتلمع إلى حقيقة ، كون ثروة من ملايين ، لحد ما بتوع من أين لك هذا قبضوا عليه ، واتسجن ، وأما خرج من السجن فكر يبدأ مشروع تانى فى حاجة تانية بتلمع .

بس ملحقش ، قبل ما يخش السجن خبأ الآلة فى الفريز الخاص بيه فى مكتبه كان مقفول بالقفل ، وكان فاكر أنه أمن مكان لحد ميخرج ، ساعتها عرف أن التجمد فقدها قوتها ، وبعدها اتجنن ودخل المستشفى .

أما الجزء الثاني المطفي لحد دلوقتي محدش يعرف لزمته ايه ، وفى علماء بيقولوا أن كل جزء ليه اكثر من استخدام وبرده محدش يعرفه ، حتى اللى حكى عن الأداة دى مكنش يعرف ، هوا بس اكتشف استخدام الجزء اللى بيلمع بالصدفة ، بعد ما كان فاكراها خردة ملهاش لزمة .
(علي) يتمتم : بتحول الصورة اللى بتلمع لحقيقة !
كارما بلهفة : ممكن بقى الكتاب .
(علي) : اه طبعا ، أنا متشكر اووى لحضرتك ، اتفضلى ، عن إذنك .
” ثم يأخد (علي) كتاب الآلة ويغادر ”
( يجلس (علي) فى أحد وسائل المواصلات عائدا الى بيته )
يفكر (علي) مخاطبا نفسه : نسيت اسالها حاجات تانى بتلمع زى ايه ، أنا كده مش هينفع اشتغل فى الألماظ أنا كمان !

و لسه كلام سورانديك مخوفنى عن دفع الثمن ، يا ترى عايز منى ايه ، اتجنن انا كمان ! ، ولا عاوزنى اتسجن ، طب هيستفاد ايه فى الحالتين ! ، فى حاجات كتير مش مفهومة .

لالالا استغفر الله العظيم ، لالالا يا (علي) استغفر ربك ، بلاش الأفكار الوحشة دى ، دا رزق ربنا بعتهولى ، أنا حتى لسه مجربتهاش ، جايز كلام كارما دا كمان فستك .
يضع (علي) يداه الأتنين على وجهه من كثرة التفكير : يا رب دبرلى أنت امرى .
**********************************
( داخل منزل (علي) )
يفتح (علي) باب شقته
الأم : حبيبى ، انت جيت .
(علي) وهوا يتجه نحو غرفته : ايوه يا حبيبتى ، معلش عن اذنك ورايا حاجة اعملها ضرورى .
الأم : طب مش هتسلم عليا ، طب كلت يا حبيى ولا لسه .
” يغلق (علي) باب غرفته سريعاً “
يخرج (علي) الآلة من أسفل السرير
(علي) مخاطبا نفسه : هجرب على المجلات اللى اشترتها من المكتبة مع كتاب الآلة ، هجرب مش هخسر حاجة ، ولما يظهر الخاتم هخبيه ، دا خاتم واحد مش هيضر !
يقطع (علي) أحد صور الخواتم الألماظ اللامعة من المجلة ويلصقها على الحائط ، ثم يبتعد خطوات قليلة عن الحائط .
ويمسك بالآلة و يصوب القرص الدائرى للآلة نحو الخاتم بالظبط ، فإذا بالجزء اللامع من الآلة يشتد لمعانه بشدة ، يخرج من القرص الدائرى شعاع مموج يتجه نحو الصورة ، وتهتز الآلة بشدة ، وتصدر صوتاً عالياً كصوت انفجار ، سيطر الخوف عليه ولكنه ما زال ممسك بيد الآلة ويداه ترتجفان بشدة من اهتزازها ، وفجأه !!!!!!!

تسمع الأم من الخارج صوت انفجار و دربكة شديدة فى الغرفة ، تجرى بلهفة لترى ماذا يحدث ، فتجد (علي) ملقى على الارض مغشى عليه .

وتصرخ بشدة (علي) ، مالك يا ابنى ، فوق يا (علي) ، يا حبيبى حصل ايه فوق يا حبيبى
تجرى مسرعة نحو الخارج تفتح باب الشقة صارخة : يا ناااس الحقونا يا ناااس الحقونى بسرعة ، ابنى يا ناس ابنى .
يستفيق (علي) على سرير غرفته ، ما أن فتح عيناه ، فوجد الكثير من الأناس حوله
قال أحدهم : الحمد لله قدر ولطف يا أم (علي) ، اهوه فاق اهوه .
قالت آخرى : قلقتنا عليك يا أوى يا سيدى ، حمد لله على سلامتك .
الأم : حبيبى ، دا انا كنت هتجنن عليك .
قال أحدهم : محدش يا جماعة سمع صوت انفجار !
الآخر : ما تلاقيه صوت اختراعات عم فوزى العطار التى تحت العمارة ، دايما عامل دوشة كده .
قال الأخير : طب يلا يا جماعة نستأذن احنا نسيبه يرتاح ، يلا يا أم (علي) انتى كمان سبيه يرتاح شوية .
” يخرج الجميع ويتركون (علي) بمفرده “
مازال (علي) مستلقى سريره ، شارد الذهن ، يخاطب نفسه قائلاً
مش قادر اصدق ابداً !
معقولة اللى شوفته دا حقيقة !
يعنى الكلام طلع صح !
الخاتم وقع قدام عينى من الصورة !

ثم يتمم بصوت كله لهفة : الخاتم ، فين الخاتم ، ايوه أنا شوفته ، فين الخاتم ؟

ينهض (علي) سريعاً ، ويبحث فى كل أرجاء الغرفة عن الخاتم ، يرفع الكرسى والطاولة والسجادة ، وينظر تحت السرير والدولاب ، ويقلب الحجرة رأساً على عقب بحثاً عنه .
(علي) بصوت منهك من كثرة البحث : مفيش حاجة ، مفيش فايدة ، فين الخاتم ، معقول كان حلم ، أنا شوفته بعينى ، كان بيتهيئلى ؟ ، راح فين !

تدخل الأم تجد الغرفة مقلوبة راساً على عقب وتجده يتلاقط أنفاسه واحدة تلو الآخر يبدو عليه الإنهاك الشديد ، تتسائل بغرابة : بتدور على ايه يا حبيبى ! ، ليه كل الكركبة دى ؟

(علي) بصوت منهك : اصـ…..ل ، يا مامـ…..ا ، أنا ……
الأم : اقعد يا (علي) أنا كنت عاوزاك فى موضوع مهم !

” يجلسان على السرير ويتلاقط (علي) أنفاسه إلى أن هدأ ثم بدأ بالتحدث “
(علي) : خير يا ماما .
الأم : أنت كنت في اسكندرية بتعمل ايه ؟
(علي) : ليه يا حبيبتي في حاجة .
الأم : انا لقيت ده يا (علي) ، ده خاتم الماظ ده شكله غالي قوي .

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *