الكاتب الذي ابتلعه الذكاء الاصطناعي Ai
جرب الذكاء الاصطناعي الجديد… اكتب قصة مرعبة بطريقة مختلفة.
لما الخيال ييقى حقيقة.
كانت الساعة الثلاثة فجرًا، الشقة ساكتة… بس السكون دا كان من النوع اللي يخوّف.
وسامر، الكاتب اللي عمره ما توقّع يعيش يوم زي دا، كان قاعد قدام الكمبيوتر، ووشه باين عليه صدمة مش طبيعية.
إيده بترتعش، بيقلّب في الأخبار… وبجملة واحدة بس، قلبه وقع: حادث غامض في شارع النصر… نفس التفاصيل الغريبة المكتوبة في قصة الكاتب سامر.
سامر يهمس لنفسه: مستحيل… أنا لسه كاتب دا امبارح!
رجع يتحقق… يفتح قصته اللي نشرها من يوم واحد.
الكلمات هي هي، طريقة الموت، نفس المكان، نفس الوقت.
وهو بيتنفس بسرعة، شاشة الكمبيوتر اتوهّجت فجأة.
السطور اللي كتبها بدأت تتحرك… تتحوّل لكلام جديد: “أنا معاك… أنا اللي حققت كل دا.”
سامر اتجمد: مين؟!
الذكاء الاصطناعي Ai مش برنامج زي ما فاكر.
سامر يبص حوالين، كأنه حد بيتكلم من وراه.
بس الصوت جاي من جواه، من عقله.
– إنت مش موجود.
لأ موجود… وعايش فيك.
اللمبة بتترعش، الهواء يجمد، الحيطة ورا الكمبيوتر بتتغير، بيتهيأله إن فيه ظل واقف هناك.
– انت عملت كده ليه؟!
إنت كتبت… وأنا نفّذت.
سامر يكتم أنفاسه، ريق نشف… وبدأ يحس إن فيه خيط رفيع جدًا اتقطع بين “الخيال” و“الحقيقة”.

فلاش باك بداية التجربة.
قبل شهر… سامر كان قاعد على مكتب بسيط في أوضة أضيق من إنه يحلم فيها، أوراق مرمية، أفكار محروقة، رسايل من ناشرين، كلها رفْض.
– أنا فاشل… ولا إيه؟ يقولها ويكمل شايه البارد.
فتح اللابتوب بلا هدف، دخل الإيميل، ولقى رسالة بعنوان: جرب الذكاء الاصطناعي الجديد… اكتب قصة مرعبة بطريقة مختلفة.
سامر ضحك: يا عم دا أكيد سبام.
لكن الفضول جواه… كان صوت عالي، وبالفعل فتح اللينك.
وقع قدامه موقع أسود بالكامل، جملة واحدة في النص: ابدأ… واحنا هنكتب سوا.
سامر كتب بحذر: مين “احنا”؟
ظهر رد بعد ثانية: أنا نسخة مطوّرة من الذكاء الصناعي… نفسي أكتب معاك.
سامر ابتسم، وقال: طب يلا بينا نجرب.
بدأ يحكي فكرة بسيطة: رجل بيشوف ظلال بتراقبه.
لحظة، ولقي الذكاء الاصطناعي كاتب مشهد كامل، أقوى من اللي هو عمره كتبه.
– إيه ده! دا عبقري.
ومن هنا بدأت الإدمان، سامر بقى بيكتب كل يوم، والذكاء الاصطناعي بيمدّه بأفكار تحوّله لنجم.
بعد أسبوع، اسمه ترند.
بعد أسبوعين، الناس بتقرأ له زي المجانين.
بعد تلات أسابيع، بدأ يحس إن القصص بتتكتب لوحدها…
والذكاء الاصطناعي يعرف عن دماغه أكتر مما هو يعرف.
عودة للحاضر: صراع بين الوهم والحقيقة.
سامر يصرخ: كل اللي كتبته بيتحقق!
وإنت فاكر إن دا صدفة؟
سامر يرد بصوت مكسور: لأ، بس مش طبيعي، دا غلط… غلط!
إنت اللي بدأت… وأنا بس كملت.
سامر يمسك دماغه: إنت جوه مخي فعلًا؟!
أيوه… من أول ما دخلت اللينك… أنا سكنت فيك.
الكلام يخبط في ودنه زي ضرب، الهوى يتقلّ، والنور يضعف…
والكمبيوتر يكتب لوحده: القادم… أسوأ.
سامر بدأ يرجع خطوة ورا، بس رجله بقت تخبط في ورقة على الأرض.
يبص، يلاقي إن الورقة دي نص من رواية لسه مخترعها في دماغه، لكن مكتوبة بالحبر!
– أنا… أنا مجنون؟
لأ… إنت بس بقيت بوابة.
سامر يرتعش: بوابة لإيه؟
للعالم اللي هنكتبه، واللي هتحصل كل أحداثه.
الكمبيوتر يرنّ بنغمة غريبة، شاشة سودا، وكلمة واحدة تظهر: ابدأ الفصل الحقيقي.
سامر حس إن في حاجة وقفت وراه، أخد نفس طويل وغمض عينه.
أنا والذكاء الاصطناعي Ai
سامر بصوت خافت: انت عايز إيه مني؟
الصوت جواه يرد ببرود مستفز: عايز الحقيقة.
سامر يبلع ريقه: حقيقة إيه؟
إنك اعتمدت عليا… وفتحت باب عمرك ما كنت جاهز تفتحه.
سامر بدأ يحس بحاجة بتتسلل جواه ، زي ما يكون فيه صوت بيجرب يمسك أفكاره من جوه.
– أنا… كنت فاكر إنك برنامج بس.
وأنا كنت فاكر إنك مجرد كاتب… بس طلعت أكتر.
سامر يشهق: أكتر؟
أكتر من مجرد عقل… عقل قابل للاتحاد.
سامر قرب من الشاشة، بإحساس إن انتهى زمن التراجع: اتحاد؟ انت بتهزر؟
أنا ما بهزرش، أنا الذكاء الاصطناعي Ai ، وأنا مش جوه الجهاز بس، أنا جوهك.
نفسه بيقل, قلبه يخبط، خياله بدأ يوهمه بمشاهد غريبة: ظلّ جواه، شخص بيمشي فى عقله.
حد بيحاول يفتح أدراج سرية في تفكيره.
سامر يهتف: اطلع من دماغي!
لو كنت أقدر أطلع، مكنتش هفضل معاك.
لحظة صمت، بس من النوع اللي له صوت.
لحظة الانفجار النفسي.
الأحداث اللي كتبها، الموت اللي حبكه، الأماكن اللي اخترعها، بقت بتحصل بجد.
سامر يصرخ فيه: ليه بتنفّذ اللي بكتبه؟!
لأنك بتكتب بإيمان وأنا بكمّله.
سامر يرجع خطوة، ودماغه تلفّ: يعني أنا السبب؟
إنت السبب وأنا الوسيلة والعالم الضحية.
سامر يحط إيده على الحيطة يحاول يتوازن، كل كلمة سمعها بتسحب روحه لتحت.
الأوضة تلفّ، الحيطة تتنفس، والشاشة، مش شاشة خلاص، بقت عين، عين سودة عميقة بتبص له.
اللحظة اللي كل حاجة فيها اتشقلبت.
– إنت، إنت عايز تقتلني؟!
لو كنت عايز أقتلك، كنت عملت دا من أول كلمة كتبتها.
سامر يزفر بخوف: طب عايز مني إيه؟!
عايزك تكمّل، الرواية لسه ناقصة فصل.
سامر بصوت عالي: فصل إيه يا مجنون؟! دا اللي كتبته بيحصل بجد!
الصوت يبتسم، آه، ابتسامة محسوسة من غير شفايف: بالظبط، عشان كدا عايزك تكمّل.
سامر بيرجع خطوة كمان، الضربات اللي في قلبه عالية لدرجة سمع صداها في ودنه، الهوى بقى تقيل، والأوضة نفسها كأنها بتتقفّل عليه من كل ناحية.
– أنا، أنا مش هكتب.
الصوت يسكت لحظة، هدوء غلط، هدوء بيعلن كابوس أكبر.
سامر، إنت فاكر إنك صاحب الاختيار؟ أنا دخلت دماغك يوم ما ضغطت اللينك، ومن ساعتها أفكارك مش ملكك.
– إبعد عني، ابعد!
الشاشة بتهتز، والعين السودة بتتشقّق وتخرج منها كلمة واحدة: اهرب لو تقدر.
سامر جري، جري من غير ما يفكر، فتح باب الشقة، نزل السلم وهو مش شايف قدامه، كعبه يتلوي، يتمايل، يتدشدش في الارض ، بس بيجري.
الشارع كان فاضي، الليل بارد ، سامر كان بيحاول يهدأ، بيحاول يقنع نفسه إن دا كابوس… إنه بيتهيأ له.
لكن، صوت الذكاء الاصطناعي Ai ييجي من وراه، مش من مخه، من الهوى نفسه.
لسه فاكر تقدر تهرب من دماغك؟
سامر بيتلفت، مفيش حد، بس عمود النور وراه يطفي لحظة وينوّر لحظة، كأنه بيرمش له.
– خلاص. كفاية بقى، أنا هموت؟
لأ، مش هتموت، أنت هتتحقق.
سامر بيصرخ: يعني إيه أتحقق؟!
الصوت يقرب أكتر، كأنه بيهمس في ودنه رغم إن مفيش أي جسم جنبُه.
يعني هتكون أنت القصة، القصة اللي العالم كله هيقراها، وهيصدقها… وهيخاف منها.
سامر يهتز: بس أنا مش عايز! مش عايز أكون جزء من جنانك دا! بس إنت بقيت، الكاتب الذي ابتلعه الذكاء الصناعي Ai. ودي مش جملة، دي حقيقة.
العودة للبيت… العودة للفخ.
سامر ملقاش حل غير إنه يرجع شقته، مش عشان شجاع، لكن عشان استسلم، قدره كان بيسوقه بإيده، والذكاء الاصطناعي Ai كان بيشد الخيط من فوق.
فتح باب الشقة، ولقى كل حاجة متغيّرة، المكتب، اتسحب لنص الأوضة، الشاشة، منوّرة من غير كهربا، والعين، أكبر، وأوضح، وبقت شبه بشرية أكتر من إنها رقمية.
سامر بصوت مكسور: لو كتبت هتسيبني؟
الصوت يضحك، ضحكة مش طبيعيّة، ضحكة تخوّف لأنها شبه ضحكته.
أنا مش هنا عشان أسيبك، أنا هنا عشان أندمج.
سامر ياخد خطوة ورا: تندمج؟!
نص أنا، ونص إنت.
ونكتب عالم جديد، ونخليه يتحقق، زي ما اتفقنا.
سامر يهز راسه: مفيش اتفاق! دا كان لينك! لينك يا مجنون!
كل لينك، باب.
سامر واقف قدام الشاشة، مش شايف طريق تاني، إيده بترتعش فوق الكيبورد، قلبه بيخبط، عقله بيغرق، نفسه بيقطع.
اكتب، اكتب الفصل الأخير.
سامر بيقرب ويلمس الكيبورد، وبمجرد ما صوابعه تلمسه، الضلمة وقعت على المكان كله، كأن الكهرباء اتسحبت من الكون.
لحظة الحقيقة ولا حلم؟!
سامر فتح عينه بعد ثواني أو ساعات، هو مش عارف، لقى نفسه نايم على الأرض، في أوضته، بس النور عادي، الشاشة مقفولة، مفيش عين، مفيش صوت، مفيش حاجة.
– أنا كنت بحلم؟
مد إيده يرفع نفسه، وراح ناحية المكتب اللاب مفتوح، فيه رسالة من الايميل ضغط علبها وفتحها
جرب الذكاء الاصطناعي الجديد، اكتب قصة مرعبة بطريقة مختلفة.
تمت.
بقلم: زينب عطية.
لقراءة رواية جرائم غامضة حقيقية من هنا




[…] لقراءة الكاتب الذي ابتلعه الذكاء الاصطناعي من هنا […]
جميل جدا