سكربت مكتوب بقلم رنا محمد.

سكربت مكتوب

_هما بيطفوا النور ليه؟

_صاحب المحل خايف من الكهربا الشهر ده!

_بلاش سخافة، بجد طفوه ليه؟

_يمكن علشان دي حركة هما متعودين عليها قبل بداية السنة الجديدة بعشر ثواني تقريبًا بيطفوا النور ومع دقة الساعة 12 بيشغلوه تاني.

بس أول حاجة عينك بتيجي عليها تبقى أكتر حاجة أنتِ عيزاها تدخل سنة جديدة معاكِ وخايفة تفتقديها

 

ضحكت لتفكيرهم وإنهم بيخترعوا حاجات بمزاجهم، يمكن موجودة في علم النفس، بس الأكيد إن مش الكل فاهم وبيتعامل بالشكل ده!

 

_مش غريبة شوية يا مارك؟

_بالعكس شايفها حركة كيرييتيڤ شوية يا كوكي

_فعلًا كلنا بنحتفل بالعيد والكريسماس بس يمكن كل واحد بيحب يحتفل بالشكل اللي يعجبه

المشهد الثاني

شوية والنور بدأ يقل تدريجيًا لحد ما الدنيا بقت ضلمة حوالينا، اللي حسيت بيه مش خوف، لكن اتوترت أوي، مكان اول مرة أكون فيه، واللي بيحصل فيه وترني أكتر

 

_مارك، أنت هنا صح؟

_أنا هنا مفيش داعي للقلق، هما بس عملوا الحركة اللي قولتلك عليها.

 

صوت الكراسي وهي بتتحرك حوالينا كان واضح جدًا، والهمسات اللي بدأنا نسمعها زودت إحساسي إننا مش لوحدنا في اللحظة دي.

 

_يعني فعلاً كل الناس هنا بيعملوا كده؟

_أيوة، دي حاجة تقليدية هنا من أول ما المكان فتح تقريبًا، حاجة تجمع الناس حوالين فكرة إنهم يبدأوا السنة مع أكتر حاجة تعني ليهم حاجة كبيرة أو خايفين يفتقدوها، زي ما قُلتي تفسير نفسي شوية

 

فضلت ساكتة وأنا بحاول أفهم الموضوع.

بس فجأة سمعت صوت عد تنازلي من الناس حوالينا، فيه منهم بصوت واطي وهمس فيه اللي بيعد بصوت أعلى شوية، لحد ما الأصوات كلها تداخلت سوا.

 

_عارفة يا كرستين زمان كنت بحب آجي هنا، كنت بحتفل معاهم بس كنت بطلب قهوة وبتفضل عيني عليها لحد ما العد يخلص، بس تقريبًا السنة دي غير.

 

_خمسة… أربعة… تلاتة… اتنين…

 

وكل المكان سكت تمامًا للحظة فجأة، النور رجع مرة واحدة، ولمحت عيون مارك أول حاجة حسيت كأنه مبتسم أو بمعنى أصح عيونه مبتسمة وفيها لمعة حلوة، بس بطريقة مش محتاجة كلام.

 

_شوفتِ أول حاجة عينك وقعت عليها يا كرستين؟

_مش عارفة أقول إيه، بس يمكن… اللي شوفته كان أهم من أي حاجة كنت متوقعة.

ابتسم، ومد إيده ليا بهدوء

_كل سنة وإنتِ طيبة ومعايا

سكربت مكتوب المشهد الثالث

كانت لحظة صغيرة، بس حسيت إنها بداية حاجة أكبر بكتير من مجرد سنة جديدة.

لحظة كفيلة تزيد حياتي كلها توتر مش رعشة في إيدي او لجلجة في كلامي، كانت حاجة أكبر من كده بكتير لدرجة إني مردتش عليه!

 

سكت مارك للحظة يمكن منتظر مني رد.

وأنا من جوة حاسة إن الكلام واقف مش عارفة اطلعه إزاي أخدت نفس صغير، وحاولت ألاقي حاجة أقولها تخفف التوتر اللي حسيت بيه فجأة.

 

_مش هتتغير طول عمرك، دايمًا كده يا مارك بتحب تفاجئ الناس؟

ضحك بهدوء_مش قصدي أفاجئك، قصدي أشاركك لحظة حقيقية، حاجة تفضل في بالك طول السنة.

 

فضلت بصاله، وعقلي مشغول بحاجتين كلامه اللي أثر فيا، وإيدي اللي لسه ماسكة في إيده من غير ما آخد بالي.

 

_مارك… السنة الجديدة مش مجرد لحظة، دي أيام طويلة محتاجة تخطيط ومجهود وحاجات كتير أوي… إنتَ مستعد؟

_لو إنتِ معايا، أنا مستعد لأي حاجة.

سكربت مكتوب المشهد الرابع

النور حواليهم بدأ يثبت، والأصوات رجعت للمكان تدريجيًا الناس بتضحك.

وكأن اللحظة اللي عدت بينهم كانت كافية تجمعهم كلهم على حاجة واحدة وهي إنهم بيدوا نفسهم ولو حتى أمل جديد صغير.

 

يمكن مارك عنده حق، مش مهم تكون اللحظة كاملة، المهم مين يكون جنبك وانت بتبدأها.

تفاصيل كتير عايزينها وعايزين نعيشها بس الفكرة في اللحظة اللي بتعيشها والناس اللي بتعيش معاهم اللحظة.

 

لحظة من التفكير سرقتني وأنا براقب الناس حوالينا.

كل واحد فيهم عنده حاجة خاصة في عينيه لمعة أمل، ابتسامة مترقبة، أو حتى دمعة خفيفة من خوف أو اشتياق، كانت اللحظة دي أكتر من مجرد احتفال، كانت أشبه بمراية صغيرة بتعكس اللي جوا كل واحد.

 

بصيت لمارك، لقيته لسه مبتسم وكأنه شايف في عينيّا حاجة أنا نفسي مش فاهمها، حاولت أهرب من التفكير العميق ده بالكلام.

_مارك، عمرك فكرت إن الحاجات دي كلها ممكن تكون مش مجرد تقليد؟

_قصدك إيه؟

_يعني يمكن الناس بتطفّي النور علشان يواجهوا نفسهم شوية… كأنهم بيعملوا وقفة مع نفسهم قبل ما يبدأوا حاجة جديدة، فاهم قصدي؟

ابتسم، وقال بهدوء

_فاهمك، بس اللي أنا متأكد منه إن مش كل الناس عندها الجرأة دي، في ناس بتخاف تواجه نفسها حتى لو الدنيا ضلمة.

 

حسيت بكلامه بيغوص جوايا بطريقة غريبة، كأن النور اللي رجع حوالينا مكانش كفاية ينور اللي جوا قلبي.

المشهد الخامس

فجأة بدأ صوت الموسيقى هادي يشتغل في المكان، والإضاءة خفت شوية علشان تخلي الجو دافئ، كأنها بتقول إن اللحظة دي مش هتنتهي بسهولة، مارك قرب مني خطوة صغيرة وقال

 

_ عارفة يا كرستين السنة الجديدة مش بس بداية، هي فرصة… فرصة نشوف الدنيا بنظرة تانية، بس ده يعتمد علينا، نتمسك بالفرصة دي ولا نسيبها تفوت.

رفعت عيني وابتسمت ومسكت إيده

_يمكن دي أول سنة أحس إن البداية فعلاً ليها طعم مختلف

_وأنا سعيد إني كنت جزء من الطعم ده.

 

الهدوء حوالينا فضل شوية، بس نفس اللحظة كانت مليانة أكتر من كل الكلمات اللي ممكن أقولها، كان واضح إن السنة  دي مش هتكون زي أي سنة فاتت، إحنا حبينا نغير وتكون أجمل بوجود ناس أجمل معانا.

༺༻༺༻༺༻༺༻༺༻༺༻༺༻༺༻

بقلم رنا محمد “حبة البُندق”

رأيكم

 

للمزيد من القصص القصيرة، والروايات الممتعة، تابع موقعنا عوالم من الخيال.

تعليق واحد

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *