على شاكلة فيلم سجين1

على شاكلة فيلم سجين

علاقة عمتي اعتماد بعلياء أختي! 

المهم، بعد ما ساءت سمعتها وسط الناس، قرروا يبعدوا عن الكل… علياء أختي أكبر مني بعشر سنين، للأسف بنت عمتي اعتماد كانت معاها في نفس كليتها في القاهرة وبقوا أصحاب جدًا. وشاء القدر إن أختي تتجوز هناك في هضبة المقطم من ابن واحد من أكبر مالكين محلات الذهب، وكان برضو معاهم في نفس الكلية، وحبوا بعض فاتجوزوا.

أنا كمان كُليتي في القاهرة، لكني قاعدة في سكن مع صحابي، ودي آخر سنة ليا في الكلية، ولأن إحنا في الشتا، فَمكنش ينفع إني أروح أزور أختي وأروَّح في نفس اليوم، خاصةً إنه كان تاني يوم عندنا في الكلية كان إجازة، فقررت إني أبيّت اليوم ده في الفيلا المشؤومة بتاعت أختي وجوزها، واللي خلاني أقول عليها مشؤومة اللي حصل ليا من أول ليلة بيّت فيها عندهم!

شكل علاقتي بعلياء

نسيت أعرفكم عليا، أنا اسمي ندى، في آخر سنة ليا في كلية فنون جميلة.. طبعًا عرفتم من اسم كليتي أنا هوايتي إيه؟ في الحقيقة، أنا مدخلتش الكلية عشان خاطر مجموعي مثلاً جابني الكلية دي أو التنسيق أو غيره، أنا دخلت الكلية دي من حبي فيها، ولأنني فنانة موهوبة.

في الليلة اللي أنا رُحت فيها أزور أختي وأشوف ابنها اللي بتربطني بيه علاقة حُب قوية، مش مجرد خالة وابن أختها، لا، لكن أنا بحسه ابني فعلاً، مش ابن أختي… واليوم اللي بروح له فيه أشوفه بيبقى يوم عيد بالنسبة له، لكن بسبب التقييمات العملية الكتير في كُليتي، وإني على وشك دخول امتحانات، وإني أنا أسلم مشروع كليتي اللي هو في آخر سنة، فيعتبر بقى لي أربع شهور ما رحتش لأختي، ويوم ما أقرر أزورها، للأسف يبقى اليوم اللي عمل فيه آدم ابن أختي حادثة… كان بيلعب الكُرة مع صحابه، فوقع وقعة جابت له كسر في رجله.

عايزة أعترف اعتراف هو تقيل على قلبي شوية، لكن للأسف دي الحقيقة… أنا أختي من النوع الأناني شوية، اللي تحب كل حاجة تبقى لها لوحدها، ومحدش يشاركها فيها، وده لمسته منها بمعاملتها ليا وأنا طفلة… لما أدركت إنه هيبقى لها أخت تشاركها كل حاجة، وأولهم اهتمام بابا وماما، وإحنا بنتين بس، وكان لينا أخت تالتة أكبر مننا إحنا الاتنين، ولكن ماتت في ظروف غامضة.
هي في الحقيقة وقعت اتزحلقت وراسها اتخبطت في سيف البانيو فماتت، لكن أنا بسميها ظروف غامضة لأن أنا أختي دي كانت حريصة جدًا على كل حاجة… هو فعلاً محدش كبير على الموت، لكن لحد الآن مش قادرة أقتنع إن هي ماتت فجأة كده!
كنت دايمًا بشك إن هو بفعل فاعل، ممكن حد من العيلة مستقصدنا، الله أعلم؛ لأن إحنا كنا عايشين في بيت عيلة، لكن بما إن بعد الظن إثم، فأنا استبعدت الموضوع ده، أو بحاول استبعده.

 

أنا مش قادرة أنسى أختي دي… كانت حنونة عليا من أي حد في الدنيا، بس… بس علياء مكنتش زعلانة زي ما أنا زعلانة على فراق أختنا، كان زعلها عادي بسيط، أسبوع أو أقل من أسبوع، وبدأت تمارس حياتها وخلاص، والأمور رجعت لمستقرها يعني، لكن أنا لسه بعد ست سنين الحادثة دي مأثرة فيا.

آدم ابن أختي 

خلينا في المهم، أنا شكلي خدتكم معايا في دوامة ملهاش مخرج، بس زي ما أنتم عارفين، أنا بحب أكتب في مذكراتي دايمًا كل المشاعر اللي جوايا، لأن مليش صحاب قريبين أو حد أحكي له.. يعني معنديش بيست فريند زي ما معظم البنات اللي في سني عندها. ولا أخفيكم سرًا، أنا حابة نفسي كده؛ لأن نادرًا لما بثق في حد.

علياء مكنتش بتحبني في الأول، مكنتش بتعاملني كويس لغاية ما خلاص يعني عرفت إن ما فيش مفر من كوني أختها، فبقت تتعامل معايا يعني شوية ببرود شوية كويس، لغاية ما اتجوزت وبقى تعاملني حلو أوي.. يمكن عشان بقى لها حياتها ومستقرها الخاص، ومسكنها الخاص بيها، وحياتها اللي تخصها هي بس، محدش بيشاركها فيها غير ابنها! الله أعلم، أنا مش عايزة برضو أسوء الظن بالنوايا، لأن في الأول وفي الآخر دي أختي، ومينفعش حتى أدي دماغي مساحة أو لعقلي حيّز إنه يسوحني في التفكير لدرجة يخليني أحيانًا أبقى كارهة إني ليا أخت زي علياء، بس إنها خلفت «آدم»، فده يشفع لها أي حاجة، لأن زي ما قلت، آدم ده حتة مني، مش بس ابن أختي، أنا بعتبره ابني كمان.

الساعة التاسعة مساءً، كنت قاعدة مع آدم في أوضته، بحاول أضحكه وأخرجه من الزهق اللي هو فيه بسبب قعدته في السرير اللي هتستمر لمده شهر ونص أو شهرين على الأقل، لأن الدكتور قال إن كسر مش ضعيف، يعني مش مجرد زقة، كان حد زقه زقة جامدة أو عمل حادثة قوية، وهو في الحقيقة وقع وهو بيلعب كرة فقط. هو شيء غريب، لكن محدش علق عليه كتير، يعني قالوا ممكن أطفال بيلعبوا، وواحد وقعه على رجله آدم، بس الفترة اللي هيقعد فيها في السرير متجبس مبالغ فيه مقارنة بوقعة ضعيفة زي دي، لكن أنا مدمنة في حاجة اسمها البحث في التفاصيل، مبعرفش إن أنا أعدي الأمور عادي زي باقي الناس وكده، أنا التفاصيل بتلفتني، أقل حاجة فيها بتلفتني، فاستغربت جدًا إزاي أختي ساكتة على موضوع كسر رجله بالقوة دي، وما كلمتش حد من أهالي الأطفال اللي كانوا بيلعبوا. وأنا لما لقيتهم واخدين الأمر عادي وساكتين، فسكت أنا كمان، أصل لو اتكلمت هيقولوا إيه، جاية تحرضهم على الخناق أو جاية تعمل مشاكل!، أنا في الأول وفي الآخر ضيفة، جاية تزور مريض ويومين وماشية، وعلاقتي مكنتش قوية لدرجة إني أنا أقعد أحكي معاها وأتكلم معاها، كنت دايمًا بحس إن في حدود ما بينا، خصوصًا وإن زوجها في الفترة الأخيرة كانت بتشتكي منه إنه بقى عصبي جدًا وبيتعصب من أقل حاجة وعلى اللا شيء، فمكنش فيه أي مجال إن أنا أفتح الموضوع مع أي حد فيهم بخصوص الكسر القوي في رِجل آدم.

إيه اللي حصل لآدم بالضبط؟ 

بس وأنا قاعدة معاه، حسيت إن الكلمة بتخرج منه بالعافية، وإنه جواه حاجة عايز يقولها ومخنوق ومش قادر إنه يتكلم أو خايف يتكلم، فبدأت أخده بالسياسة، وأخذه في حضني، طمنته، وسألته:

__ احكي لي اللي حصل وأنت بتلعب، احكي لي الحقيقة يا آدم، مين وقعك؟ وقعت إزاي بالضبط؟!

لقيته زي ما يكون ما صدق حد سأله أو حد شبّعه حنان عشان يقول كل اللي جواه، والطفل لما يعوز يحكي اللي جواه مش عايز غير مسحة حنان على شعره، ويتطمن، وحضن يحتويه، وده اللي أنا عملته بالضبط، عينيه رغرغت بالدموع، وبص لي، وقال بصوت مبحوح:

__ أنا حسيت بحد بيزقني جامد، حسيت إن حد شالني من على الأرض بارتفاع بسيط، لكن كأني نزلت من على سابع سما، حسيت بهبدة جامدة في جسمي، هبده أترجت لها كل مفاصلي، حسيت إن كل عضو فيا بيهتز من قوة الهبدة، وحسيت بالمسكة اللي اتمسكت بيها من وسطي، لكن محدش عمل كده، لأن لما فوقت كنت وقعت لوحدي، محدش من صحابي قرب لي، ولا حد زقني؛ لأني كنت بلعب في مساحة واسعة، لكن مش ده اللي حصل، مش ده اللي حصل يا خالتو ندى، اللي حصل غير كده تمامًا، أنا مش عارف أشرحه لك إزاي، بس حسيت كإن حد هو اللي عمل فيا كده، حاجة خفية هي جت كسرتني ومشت، أنا مش عارف أشرح لك إزاي، بس أكيد إنت فاهماني، إنتِ أكتر واحدة بتفهميني يا خالتو، مش كده؟!

كمية الوجع اللي كانت في صوته وهو بيحكي خلت عيني تدمع غصب عني، كنت عايزة أبان قوية قدامه عشان أدي له كل طاقة الحنان اللي تخليه يحكي كل اللي جواه، لكن ما قدرتش قصاد دموعه، قصاد طفل مسكين محتاج بس اللي يصدقه، وهو بيتكلم.

شيء غريب يحدث في غرفة آدم! 

باب الدولاب بتاعه اتفتح فجأة، واتقفل بنفس السرعة اللي اتفتح بيها، كان حد عايز يلفت انتباهنا لشيء، كأنه قوة خفية بتحوم حوالينا، عايزة تلفت انتباهنا لرسالة معينة جاية مخصوص عشان توصلها.. آدم طفل ذكي، طفل نبيه، تقدر تقول عليه من الأطفال اللي مخهم نضيف، اللي يتقال عليهم بيفهموا الحاجة وهي طايرة، فمكنش مفاجأة بالنسبة لي إنه يحكي لي اللي جواه بالعمق والصراحة دي، وكأنه بيحكي سيناريو لفيلم مثير ومرعب!

أول ما باب الدولاب اتفتح واتقفل بالسرعة دي، وعمل رجة وخبطه في الأوضة، سمَّعت في كل أرجاء الأوضة، أنا وآدم تلقائيًا حضنا بعض، وصرخنا، وجت على صوت صرختنا علياء أختي وجوزها ياسين… نظرات جوزها ياسين لينا أنا وابنه كانت كلها فزع، كأنه كان موجود معانا في الأوضة، وحس بنفس الخبطه، أما نظرات علياء، واللي لاحظتها إنها فيها برود ولا مبالاة، جت بس تطمنا، وتقول لنا إنها كانت بتنقل حاجة في الأوضة اللي جنب أوضة آدم، فاثرت نقلة الخزانة اللي كانت بتنقلها اتخبطت في الحيطه، فرجت في الدولاب الملزوق بيها الموجود في أوضة آدم… طبعًا ده كلام ما يخشش العقل، ولا حتى عقل طفل فطين زي آدم، عدينا الموضوع وسكتنا، لأن اللي حصل ده ما تكررش تاني، وفضلت مع آدم أضحك وأهزر وألعب معاه بالكوتشينه، لحد ما بدأ النعاس يزور عينينا، فطلب مني أنام معاه، وحسيت بالرفض في عين أختي، لكنها ما قدرتش تتكلم قصاد إلحاح ابنها عليا إن أنام معاه.

 

الساعة جت 12:00 نص الليل، كان آدم في سابع نومه على ذراعي، وأنا كانت عينيا بصه للسقف بشرود، بفكر في كل التفاصيل اللي حصلت دي، وبحاول ألاقي لها حل أو خيط رفيع يوصلني للإجابة، كنت حاسة إن عقلي هيقف من كتر التفكير، إنه اتشل، لكن مكنش في إيدي أي حاجة أعملها غير إن أستسلم للنوم، والصباح رباح!

الساعة 1:00 بعد منتصف الليل، قلقت من النوم، وصحيت على صوت خروشة، مكنش آدم جنبي، ناديت عليه بصوت نعسان، فكرته اتسند عشان يدخل التواليت، وأول ما رفعت راسي من على المخدة، وسندت بإيدي على السرير عشان أقوم أساعده أو أشوفه فين، لقيت منظر خلاني كتمت الصرخة جوايا، كان الصوت اختفى من حلقي تماماً، وقلبي كان هيتخلع من كتر الدق، وأنا ببص على آدم أو خيال آدم، لأن ملامحه مش واضحة في الضلمة، وهو بيعمل الحركة اللي كنا بنعملها زمان وإحنا أطفال، فاردين رجلينا على جدارين اللي هو مدخل الأوضة، كأننا بنقلد العنكبوت، وده بالضبط اللي شفته في آدم، كان واقف نفس الوقفة دي، مسنود برجليه الاتنين على الجدارين بتوع مدخل الباب، وعينيه مركزة عليا بنظرات تشيب شعر أجدعها واحد قلبه جامد ما يتهزش له شعره، كل اللي جه في دماغي في الوقت ده، إزاي قدر يعمل الحركة دي، ورجليه متجبسة؟!

يُتبع

نرمينا راضي.

لقراءة الأقليات المسلمة من هنا. 

للمزيد من القصص والمقالات المميزة ✨
تابعونا على
عوالم من الخيال



تابعونا على فيسبوك

4 تعليقات

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *