قصة رومانسية “صدفة لم تكن عابرة” للكاتبة/ دينا الحمزاوي.
قصة رومانسية صدفة لم تكن عابرة
كانت “ملك” تسير في شوارع القاهرة المزدحمة بعد يوم عمل طويل، حقيبتها الصغيرة على كتفها، وملامحها مرهقة لكنها ما زالت تحمل تلك الجاذبية الهادئة التي تجعل المارة يلتفتون إليها من حين لآخر.
كان الجو خانقاً، والزحام لا يُطاق، والسيارات تتناحر على أحقية المرور.
تنهدت ملك بضجر، وقالت لنفسها:
“هو في يوم هييجي أرجع البيت من غير ما أتخانق مع الزحمة دي؟”
وبينما كانت تحاول عبور الشارع، اندفع شاب أمامها فجأة، فاصطدمت به بقوة حتى كادت تسقط أرضًا، لولا أنه مد يده سريعًا وأمسك بذراعها.
قال ضاحكًا:
“خدي بالك يا آنسة، الشارع هنا مفترس.. مش ماشيين فيه بني آدمين، دول وحوش!”.
نظرت إليه بحدة، ثم قالت ببرود:
“ما أنا كنت ماشيه عادي.. إنت اللي خبطتني”.
رفع حاجبيه بدهشة :
“إزاي وأنا اللي منقذك؟ يعني أشيل ذنبك وأسيب فضلي؟”.
لم تستطع ملك منع ابتسامة صغيرة من الهروب على شفتيها، لكنها حاولت أن تُظهر جدية:
“تمام يا بطل، متشكرين على إنقاذ حياتي”.
ضحك وقال:
“أنا اسمي آدم.. ممكن أعرف اسم البطلة اللي كادت تُدهس بالزحام؟”.
ترددت قليلًا ثم أجابت باقتضاب:
“ملك”.
“اسم يليق.. ملكة ماشية وسط الشوارع المزدحمة”.
المشهد الثاني
هزت رأسها محاولة تجاهله، ثم أسرعت في خطواتها، لكنه لحق بها بخفة كأنه يعرف الطريق أصلًا.
“معلش يا ملك.. أنا تايه شوية. ممكن أسألك عن العنوان ده؟”.
ناولها ورقة صغيرة.
ألقت نظرة سريعة، وفجأة تجمدت في مكانها.
رفعت عينيها إليه بدهشة وقالت:
“العنوان ده.. بيتي!”.
صمت آدم لحظة، ثم ابتسم ابتسامة غامضة وهو يحدق فيها قائلًا:
“أهو كده ربنا بيسهل الأمور.. كنت تايه من بدري، وطلعتِ إنتِ الطريق”.
ارتبكت ملك، وتساءلت في نفسها:
“صدفة؟ ولا وراها حاجة أكبر؟”
قصة رومانسية المشهد الثالث
وصلت ملك أمام باب منزلها ، وهي لا تزال غير مستوعبة كيف ذلك الغريب الذي التقطت به في الشارع منزله بنفس منطقتها!
وقفت أمام العمارة وقالت له بارتباك:
“هو انت ساكن هنا؟”
ابتسم آدم ابتسامة عريضة وقال:
“واضح كده.. تخيلي يا ملك! دي أجمل صدفة حصلتلي في حياتي”.
“أجمل صدفة؟ ما هو ممكن تطلع نصب أو stalker!”.
“stalker إيه بس يا شيخة؟ هو أنا فاضي أراقبك؟ أنا حتى مش لاقي أرقب نفسي!”.
ضحكت رغمًا عنها، ثم فتحت باب العمارة.
دخل آدم خلفها بثقة شديدة لدرجة إنها قالت:
“إنت داخل كده عادي؟”.
“طبعًا، ده إحنا جيران بقى، ولا مش عاجباكي الجيرة دي؟”.
وصلوا للمصعد، ثم وقفا بجانب بعضهما البعض ، كان الصمت سيد المكان. قبل أن يقطع هذا الصمت صوت غريب.
قالت ملك بخوف:
“إيه الصوت ده؟”.
سقط قلب آدم من الخوف ، لكنه تمالك نفسه وقال:
“دي.. دي بطن المصعد يا ملك، جعانة!”.
انفجرت ملك من الضحك، وهي تضع وجهها بين يديها:
“جعانة إيه يا آدم.. المصعد عنده معدة!”.
“ما هو لازم ياكل عشان يطلع بينا!”.
المشهد الرابع
وصل المصعد إلى الطابق المقصود ، خرجت ملك بسرعة. لكن آدم خرج خلفها ، فقالت له بحدة :
“ثانية واحدة.. إنت جاي ورايا ليه؟”.
“معلش يا ملك.. أنا لسه مش عارف شقتي فين بالظبط.. ممكن أسأل البواب”.
في هذه اللحظة ظهر البواب، وملك كانت تقف متحفزة.
قال آدم للبواب:
“من فضلك يا عم، فين شقة الأستاذ عبد الحميد؟”.
رد البواب:
“الدور الرابع.. شقة **”.
اتصدمت ملك قائلة :
“بس.. شقة ** دي قصاد شقتي بالظبط!”.
وضع آدم يده على رأسه قائلاً بتمثيل:
“إيه ده! يبقى أنا جارك الجديد.. ودي بداية الصداع بالنسبة ليكي!.
انفجرت ملك من الضحك وقالت:
“صداع إيه.. ده كابوس!”.
المشهد الخامس
دخل كل واحد لمنزله ، لكن في منتصف الليل، أستمعت ملك إلى صوت ضجة عالية وصوت واحد يغني بصوت بشع:
“بكتب اسمك يا بلدي.. ع الحيطان اللي باقيه!”.
خرجت ملك من شقتها وهي تطرق على باب آدم بعصبية.
فتح الباب وهو يرتدي ترينج ويمسك بيديه كوب من الشاي .
“إيه يا ملك.. لسه بدري.. تعالي شاركيني الكاريوكي!”.
قالت بعصبية :
“كاريوكي إيه في نص الليل؟! إنت هتخليني أطلع أعمل بلاغ!”.
“بلاغ؟ ماشي.. بلّغي إن جارك الجديد عنده صوت ذهبي!”.
وضعت ملك يدها على وجهها من شدة الضحك قائلة:
“يا نهار أبيض.. ده شكلي مش هعرف أنام من النهاردة!”.
نظر لها آدم وقال بابتسامة واثقة:
“متقلقيش.. مش هسيبك تنامي لوحدك أبدًا”.
ارتبكت ملك قليلاً، بينما قلبها يخفق، لكنها تجاهلت ذلك الشعور وقالت:
“طيب بس أوعى صوتك يوصل لبقيت الجيران”
ضحك آدم وقال:
“هما اكيد دلوقتي سمعوني وهيطلعوا يقتلوني”.
المشهد السادس
في الصباح خرجت ملك من شقتها ذاهبة إلى عملها ، لكنها تفاجأت بـ آدم واقفاً أمام باب شقته، وهو يشرب قهوته الصباحية :
“صباح الخير يا جارة.. خدي القهوة دي، اعتذار رسمي عن دوشة امبارح”.
رفعت ملك حاجبها:
“ممم، يعني بدال ما تقلل الدوشة جاي ترشيني بالقهوة!”.
ضحك آدم وهو يحك بجانب رأسه
“هي مش رشوة.. دي مصالحة.. وبعدين ده أحلى قهوة في المنطقة”.
مدت ملك يديها وهيا تأخذ فنجان القهوة :
“ممم.. ماشي، سماح مؤقتًا”.
وقفا مع بعضهما بداخل المصعد.
“ملك.. أنا عارف إني ظهرت فجأة في حياتك، بس أنا مش بحب ألف وادور.. أنا معجب بيكِ من أول ما شفتك”.
تفاجأت ملك من حديثه وقلبها ينبض بسرعة لكنها قالت بمرح :
“ده عشان خدت منك فنجان القهوة؟”.
“لا.. عشان إنتِ مختلفة.. ضحكتك مختلفة، طريقتك مختلفة، حتى عصبيتك حلوة”.
حاولت ملك أن تخفي ابتسامتها وقالت:
“طب إيه، هتعمل كاريوكي تاني؟”.
“لو ده اللي يخليكي تضحكي.. هغني كل يوم!”.
ضحكت ملك وهي تهز رأسها بيأس. وهمت ذاهبة إلى عملها قبل أن تلحظ أنه يسير خلفها فألتفتت إليه قائلة بتساؤل
“هو انت بتلحقني ولا إيه؟”.
“لا والله.. أنا متعين في نفس الشركة اللي إنتِ شغالة فيها، بس في قسم تاني”.
ضربت ملك كف على كف:
“يا ساتر! ده كده من الشارع، للبيت، للشغل.. إنت ناوي تبقى ظلي؟”.
نظر لها بابتسامة واسعة وقال:
“ظلك.. أو يمكن قدرك”.
صمتوا قليلاً للحظة، تاركين لعيونهم مجال للحديث ومن هنا بدأت حكاية جديدة.. حكاية جار وجارة، تحولت حكايتهم من صدفة غريبة… لبداية قصة حب حقيقية.
تمــــت❤️
ک/ دينا الحمزاوي
للمزيد من قصة رومانسية، وروايات متنوعة، تابعوا منصتنا عوالم من الخيال، التي توفر لك العديد من القصص الممتعة أونلاين.
إبداع