قصص رعب قصيرة: الصدمة الطائرة.
كان وقع خبر إختفاء الطفل حسن والعضو الثالث داخل فريق التحقيق الثلاثي صادمًا للغاية جعل الطفلين الصغيرين يتأرجحان كطيارة ورقية خفيفة أطلقها صانعها لتهتز محترقة في الهواء بعد خطوتين وقد استبدل تيار الهواء من تحتها ببركان، مرَّت على أدمغتهم كلمات الأساتذة العابرين في الحصص التي ليس لها نهاية والتي بدت كسجن أبدي يحجزهما عن الصراخ دون توقف رعبًا مما قد علما.
أخذ عثمان الصغير يبكي في صمت ويسيل مخاطه المائي عبر أنفه البارد تباعًا وهو يكتب داخل كراسته ما يمليه عليه الأساتذة بينما وجم علي وأنقطعت عنه كل مؤثر خارجي فبدا وكأنه قطعة حجر سقطت من السقف المشقق فوقه، وراحت الدنيا تميد به وهو يتخيل أن الدور القادم سيكون لها ولكن ترى من منهما سيختفي بالبداية هو أم عثمان النائح؟
ضرب جرس الفسحا كنوارس صرخت مستنجدة، تطلب من العالم الصامت أن يوقف مهزلته قبل أن تأكل الطفلين أفكارها وتخرج من أنفيهما على صورة وحوش ضارية، لملم المدرس حاجياته وحرج ومن خلفه تدفق الأطفال كقطيع من الخراف الثائرة نحو السلم متجهين للفناء بينما نظر الطفلين لبعضهما البعض طويلًا قبل أن يقوما في يأس متجهين نحو الفناء أيضًا.
قصص رعب قصيرة
قصص رعب قصيرة: داخل الفناء… الأبدي.
جلس الوالدان على المقعد الخشبي في فناء المدرسة، يقبض عثمان على الساعة الفضية وكأنها يخشى تركها، بينما أخرج علي سندوتشات الجبن بالخيار يقضمها كمدمن صغير وهو يقول:
_ حسن كمان أختفى! يعني أيه؟
نظر عثمان للساعة التي بيده قليلًا والتي كانت متوقفة على العاشرة وخمس دقائق ثم قال:
” يعني..يعني مش عارف.. الحرامية خطفوه هو كمان..”
ركز علي بصره على الملعب المقتظ بالأطفال أمامه قبل أن يخرج من حقيبته كيس من المقرمشات ويلتقم منه واحدة ويقول: وأنا هنسكت، ونسيب الحرامية ياخدوه هو كمان، كده هيخلصوا على العيال كلهم ومش هيفضل غيرنا أحنا في بحر البقر كلها، وساعتها هيضطر يخطفنا أحنا كمان، وحسن صاحبنا، زمانه مضايق وخايف والحراميه بيعذبوه.
نظر له عثمان بخوف وقد جحظت عينيه اللمعتان ببريق الطفولة المختلط بالخوف وقال: أحنا لازم نلاقي حل، هنعمل أيه؟
علي: هندور على الحرامي ونمسكه.
قصص رعب قصيرة
قصص رعب قصيرة: نقطة البداية.
أثناء حديث الطفلين وضح لها أن النقطة المتصلة بين الثلاثة أطفال الذين أختفوا كانت هم أنفسهم وبالتحديد نفس المنطقة التي يقطنون بها فيوسف آخر مرة رأوه فيها كان في منزلهم حينما أخذوه من ملعب الكرة ليفحصه والد علي وتركوه على السلم وعند عودتهم لم يجدوه.
وإذا كان كلام الرجل الخرف حقيقي فأيضًا محمد إختفى عند توجهه لعمارتهم داخل نفس المنطقة، وكذلك حسن الذي كان ضمن الفريق والتي كانت آخر مرة يروه فيها عند تواجده معهم في نفس يوم البحث عن محمد حينما ودعهم في آخر اليوم، ليتفاجأوا في اليوم التالي بإختفاءه حينما أعلن المدبر عن إختفاءه.
وقف الطفلان على مدخل العمارة التي يقطنان بها وأنظارهم لا تكاد تفارق الباب الخشبي في الدور الأول والتي تقطن خلفه السيدة الشريرة التي يكرهانها، وعقليهما ينبض بتصديق واحد من أنه لابد بأن تلك السيدة هي التي تخطف أصدقائهم ولكن كيف يمكنهما أثبات ذلك؟
قصص رعب قصير: القائد.
وكيف يمكنهما التبليغ عنها، هما مجرد طفلين صغيرين، ظلا هكذا على حاليهما ينظران للباب الخشبي بأعين مرتعبة، قبل أن ينتفض الإثنين من مكانها صارخين كقطط برية وقت في النهر، إلتفتا خلفهما للمدخل قبل أن يصدر صوت ضحكات شقية عالية، ضحكات يحفظها عثمان جيدًا، ويحبها علي كثيرًا ، إنها ضحكات أخيه فارس الذي يكبره بخمس سنوات، فارس الذي يحب المرح والمزاح ويعشق المقالب ومضايقة أخيه عثمان الجبان
وقف الطفلين يرجفان وهما ينظران للفتى الضاحك وقد راعهما بعدما تسلل من خلفهما وهما شاردان وصرخ بقوة، رمقه عثمان بغضب بينما هدأ علي وهو يبتسم ليسألهما قائلًا:
_ واقفين كد ليه يا عيال، بتتفرجوا على أيه؟ هي السيما فتحت هنا؟
نظر له عثمان بضيق وهو يقول: وأنت عايز أيه يعني، على فكرة هقول لأبويا على اللي بتعمله ده في الجواب علشان يأدبك.
ضحك فارس بقوة وهو ينظر لعلي ثم قال وهو يحتضن أخوه: خلاص متزعلش.. قولوا بقى واقفين كده ليه؟ هي أمنا الغولة دي عملت لكم حاجة؟
قصص رعب قصيرة
قصص رعب قصير: العم سعيد صاحب السطوح المجيد.
تجمع الأطفال الثلاثة على سطوح المنزل حول غية الحمام التي يربيها العم سعيد الطيب، ذلك الرجل ذو الحس المرهف والذي يسمح لأطفال العمارة بالإستمتاع بمراقبة أنواع الطيور النادرة التي يضعها على السطوح بعد استئجاره من مالك العمارة، رجل ثري هادئ الملامح مبتسم في كل وقت وفنان نادر الوجود.
ترك فارس من أمام القفص ليجلس فوق الكرسي المثبت أمام لوحة عملاقة غير مكتملة لطفل مبتسم يقف على سور العمارة ماددًا كفه للسماء حيث يقف عليها طائر الحمام الأبيض فاردًا جناحية في إستعداد للطيران، رمق الفتى اللوحة بتركيز قبل أن ينظر للفتيان قائلًا:
_ ما تنطق يا أبني أنت وهو.. مالكم فيه أيه؟
نظر علي لعثمان وهو يقول…..
قصص رعب قصيرة: فارس بلا دليل.
حكى الطفلين كل شيء لفارس الذى وقف ينظر لساعة حسن التي بيده في تعجب، قبل أن يقول في جدية تامة وكأنه رجل شرطة صغير:
_ وأنتم بقى شاكين في أمنا الغولة علشان الساعة اللي لقيتوها قدام باب شقتها.
علي: أيوه أكيد يا فارس، هي الوحيدة اللي ممكن تعمل كده، أنت مش شايف نظرتها، وكمان كلهم أختفوا وأحنا آخر اتنين شوفناهم وده معناه أن أي حد هيقرب مننا هتاخده علشان أحنا بنضايقها.
حكَّ عثمان رأسه بتركيز وهو يقول: أحنا كده محتاجين ندخل شقتها ونتأكد من معلومة زي دي، بس إزاي نقدر ندخلها وفي الأساس هنفتحها إزاي؟
نظر له فارس مبتسمًا ولمعت حينيه ببريق الدهاء كمن أكتشف الحل الأمثل وقال: هو مفيش غيره، رمضان المنشار اللي يقدر يحل لنا المشكلة دي!
نظر علي وعثمان لبعضهما البعض وقال في صوت واحد: المنشار؟
ضحك فارس وهو ينظر للوحة الموضوعة أمامه بثقة ثم قال وهو يتوجه لباب السطول راكضًا : ورايا على بيت المنشار.
إندفع الثلاثة ناحية الشارع المكتظ بالعابرين بعدما خرجوا تجاه النور مبتعدين عن العمارة السكنية الشاهقة متجهين للبحث عن الفتي الغامض الذي يدعى المنشار ومن خلفهم صاح العجوز الخرف كالمجنون وأبخرة المشعل في يده تتعالى في سماء الحارة وهو يقول:
” سكة بعيدة ودنيا غريبة… مجانين كبار وعقلاء صغار ودنيا موجها عالي أغدر من البحار… أنت الحنين على عبادك يا رب… أنت الحنين على عبادك يا رب”
إنتظروا الحلقة القادمة من ثلاجة الخالة…. بقلمي_ آمنة محمد أبوالخير.
لو عجبتك تطلع للحلقة الأولى من هنا:



