ليه أغلب العلاقات دلوقتي بتفشل؟0

ليه أغلب العلاقات دلوقتي بتفشل؟

تحليل نفسي واقعي، العلاقات العاطفية.

بقلم : زينب عطية 

الحقيقة اللي محدش بيحب يسمعها… 

مقدمة كده على السريع.

اسمعني كده، إحنا بقينا في زمن كله ” خُد وعِد ” مش “اقعد ونِبني”

زمان كنا بنقعد شهور، ويمكن سنين، عشان نعرف حد كويس، ونشوفه في المواقف عامل إزاي.

دلوقتي ؟ ممكن تقابل حد في نص ساعة، وتحس إنك قابلت ” نيو لوف” ، وتبدأ تحلم معاه كأنك عارفه من سنين.

والسؤال اللي محتاج تسأله: هل دا فعلًا حب ؟ ولا إحنا بنتعلق بالراحة اللي بيِدّيهولنا الواحد في الأول وبعدين نزهق؟

العلاقة الحقيقة محتاجة صبر ، محتاجة تسامح ، محتاجة شغل على نفسنا. بس إحنا بنحب ” مقطع” مش قصة كاملة.

وصدقني، مش غلط إنك تحب بسرعة ، لكن الغلط إنك تخلّي السرعة هي المعيار.

في المقال دا هنمشي خطوة بخطوة : هنفهم ليه بنقع في المصايب العاطفية دي ، ونشوف أمثلة، ونجبلك أفكار سلوكية سهلة تقدر تجربها بنفسك قبل ما تحكم على حد.

ليه كل حاجة حلوة بتبوظ بسرعة؟ 

العلاقات في زمن السوشيال ميديا/ فشل الحب.

خليني أسألك سؤال بسيط كده: عمرك حبيت بصدق؟

اللحظة اللي كنت حاسس فيها إنك أخيـرًا لقيت ” الشخص الصح”..

وبعد شوية تلاقي كل حاجة بردت ؟ أو حصلت مشكلة بسيطة كبرت لدرجة إنها كسرت العلاقة كلها؟ 

اللي بيحصل دا مش صدفة،  ومش ” نحس ” زي ما ناس كتير بتقول.

اللي بيحصل إن احنا بقينا بنحب بسرعة أكتر ما بنفهم، وبنـرتبط قبل ما نعرف نفسنا كويس.

إحنا جيل عايش فـي عصر السرعة ، عصر كل حاجة فيه ” دلوقتي حالًا” 

أكل جاهز ، شغل سريع ، ردود فورية…حتى الحب بقى instant

بس للأسف،  المشاعر مش زي الانترنت، ماينفعش تتشـحن في ٣ دقايق.

اللي بيخلي أغلب العلاقات تفشل دلوقتي هو إننا بندور على ” الإحساس” مش العلاقة” 

يعني إيه؟

يعني بندور على الشعور اللي في أول العلاقة : الكلام ، الاهتمام الحلو ، الطمأنينة …

بس أول ما نحس إن الموجه دي خلصت بنفقد الحماس.

وساعتها نبدأ نقول : ” مكنش قدّي” ” اتغيـّر” “، أو ” العلاقة دي خنقتني” 

لكن الحقيقة ؟ 

اللي اتغير هو إحساسك مش الشخص.

العلاقات دلوقتي  بقت مراية للنقص مش الحب..

التعلق المرضي ، العلاقات السطحية ، نقص الحب.

واحد من علماء النفس ” إريك فروم ” كان بيقول : 

الناس مش بتقع في الحب ، الناس بتقع في الحاجة “ 

الجملة دي عميقة جدا…. ليه؟ 

لأن إحنا  ساعات بنحب عشان نحس إننا كاملين، مش عشان نشارك الحياة مع حد.

يعني بدل ما العلاقة تبقى مشاركة ، بتتحول لعلاج النقص. 

وده السبب إن أول ما الشخص التاني يقصّر، نحس إننا ” فقدنا نفسنا” 

المشكلة إنك بختار وإنت مش شايف نفسك ، لما العلاقة تقع، بتحس إنك اتكسرت، بس اللي اتكسر مش الحب…

اللي اتكسر هو الصورة اللي كنت شايف بيها نفسك جوّا العلاقة.

مثال من الواقع.

 تجارب الحب والعلاقات السريعة.

خد مثال بسيط: سارة وأحمد  اتعرفوا على بعض من 6 شهور. كل حاجة كانت مثالية: مكالمات يومية، كلام لطيف، خطط للمستقبل. بس بعد كام شهر، بدأ الحماس يقل. هي بقت تحس إنه “بارد”، وهو بقى يشوفها ” مُتطلبة “.

بس الحقيقة إن الاتنين كانوا بيدوّروا على الراحة، مش على علاقة. أول ما المجهود دخل المعادلة، كل واحد رجع للمنطقة الآمنة  الوحدة.

ليه بنحب بسرعة ونمل أسرع؟

دوبامين، إدمان الحب، العلاقات المؤقتة.

الدماغ البشري بيشتغل بمبدأ بسيط: “كل مرة تاخد مكافأة، بيتفرز دوبامين.”

الهرمون ده هو اللي بيخليك تحس بالسعادة لما حد يهتم بيك أو يطمن عليك.

لكن لما تعتمد على إحساس الدوبامين ده بس، العلاقة تبقى إدمان مؤقت مش حب حقيقي.

يعني باختصار، اللي بيحصل في أول العلاقة مش دايم… ده مجرد “مُحفّز”.

واللي محتاج يحصل بعد كده هو نضـج العلاقة من الانبهار للفهم، من المتعة للراحة.

تمرين بسيط قبل أي علاقة جديدة:

قبل ما تبدأ تحب، جرّب تجاوب على 3 أسئلة بصدق:

1.  أنا بدور على حب ولا بدور على راحة نفسية من وجعي؟

2.  أنا مستعد أشوف الشخص ده بعيوبه زي ما بشوف مميزاته؟

3.  لو العلاقة دي وقفت بكرة، هل هفضل أنا ولا هتكسّر؟

لو لسه مش عارف تجاوب، يبقى محتاج توقف شوية، مش علشان ما تحبش، لكن علشان تحب وإنت فاهم نفسك، مش هارب منها.

بداية الفهم.

قبل ما نلوم “الناس”، أو نقول “كل العلاقات فاشلة”، خلينا نراجع إحنا بنفهم يعني إيه علاقة أصلاً؟

العلاقة مش مسابقة ولا ساحة اختبار، هي مساحة أمان تشارك مش استهلاك.

الحب السريع والإشباع الفوري “دوبامين والإدمان العاطفي” الجزء الثاني.

إدمان الدوبامين  – الإشباع الفوري – الإدمان العاطفي – علم النفس العصبي .

كلنا بقينا عايزين نحب بسرعة، نرتاح بسرعة، ونتشاف بسرعة. بس في الحقيقة… اللي بيحصل جوانا مش حب، ده دوبامين.

 يعني إيه دوبامين؟

الدوبامين ببساطة هو مادة كيميائية في المخ مسؤولة عن المكافأة.

كل ما تعمل حاجة بتحسسك بالراحة أو اللذة ، الـمخ بيكافئك بجرعة صغيرة منه. بتكسب، بتضـحك، بتاخد لايك على صورة، أو حتى حد بيبعتلك  “وحشتيني”  كل دا بيطلق دوبامين.

وكل ما الجرعة دي تتكرر، المـخ يتعود عليها، ويطلب أكتر… لحد ما يتحول الموضوع لإدمان. زي ما بيحصل في المخدرات بالظبط، بس هنا الإدمان مش على مادة… الإدمان على الإحساس.

مثال بسيط من الواقع:

أول ما تحمل تطبيقات زي Tinder أو Bumble وتلاقي “match” بيحصل اندفاع في الجسم  نبضة، ابتسامة، شعور بالنصر.

دي جرعة دوبامين. بعدها بثواني… تختفي، فتبدأ تدور على “match” جديد. وهكذا… تدور على شعور مش على إنسان. نفس اللي بيحصل في العلاقات الحديثة، رسائل، مكالمات، وردة حمرا في أول أسبوع، وبعدها فراغ.

الناس مش بتحب بعض، الناس بتحب الإحساس اللي بتحسه وهي بتحب.

من منظور علم النفس العصبي:

العالم Robert Lustig بيقول في كتابه “The Hacking of the American Mind”

الدوبامين بيخليك تدور على المتعة… لكن السيروتونين هو اللي بيخليك تحس بالرضا.

وده معناه إن كتير مننا بيدوروا على الاندفاع الأولاني مش على الاستقرار أو السلام. اللي هو بيسموه في العلاج النفسي الإدمان العاطفي ، إنك تدمن الشعور مش العلاقة.

ليه ده خطر في العلاقات؟

لأن العلاقة اللي مبنية على الإشباع اللحظي عمرها ما تعيش. كل لما تهدى، المخ يزهق، فيبدأ يدور على “شعور جديد” مع شخص جديد. ودي النقطة اللي بتخلي العلاقات الحديثة تفشل بسرعة جدًا. مش عشان الناس بقت وحشة، لكن لأن المخ نفسه اتبرمج على السرعة.

الحل؟

الوعي، تعرف إن الشعور الحلو مش دايم، وإن العلاقة مش المفروض تكون “هجوم عاطفي”، بل رحلة فيها ups and downs. لما تفهم إن الدوبامين مجرد إشارة مش حقيقة، ساعتها هتعرف تفرّق بين الحب الحقيقي، والإدمان المقنّع.

الجزء الثالث: ليه بنرتبط باللي بيكسرنا؟

نظرية التعلق وتأثيرها على العلاقات.

لو سألت أي حد “ليه كل علاقة بتفشل؟”

هتسمع إجابات زي: “هو اتغير”، “هي ماقدرتنيش”، “الظروف”. لكن الحقيقة أعمق من كده بكتير… المشكلة مش فيهم، المشكلة في جرح قديم جواك.

 يعني إيه “نظرية التعلق” أصلًا؟

زمان، في الخمسينات، عالم اسمه جون بولبي (John Bowlby) قرر يدرس العلاقة بين الطفل وأمه.

ولقَى إن الطريقة اللي الطفل بيتعلق بيها بأهله، هي نفس الطريقة اللي بيتعلق بيها بعدين في الحب.  يعني باختصار… علاقاتنا العاطفية دلوقتي هي نسخة مكبّرة من علاقتنا الأولى بالحُب، أمّنا.

تلميذته ماري أينسورث (Mary Ainsworth) كملت التجارب، وقالت إن في 3 أنواع رئيسية من التعلق:

 النوع الأول: “التعلق الآمن”

ده الشخص اللي بيتحب صح، شاف في طفولته أمان، فكبر وهو عارف يعني إيه يثق ويطمن.

لما بيحب، بيحب بعقل وقلب، بيعرف يقول “محتاجك”، وبيعرف يقول “عايز أكون لوحدي شوية” من غير ذنب.

دول نادرين شوية، بس هما اللي بيبنوا العلاقات اللي بتكمل، زي ما قال عالم النفس Amir Levine في كتابه Attached:

“الأمان مش ممل، الأمان هو أكتر شكل حقيقي من الشغف.”

 النوع الثاني: “التعلق القَلِق”

هو اللي دايمًا بيخاف يفقد التاني.

عايز يطمن كل دقيقة، بيحلل الكلمة والسكوت والنَفَس.

لو ما ردش على الرسالة في خمس دقايق يبدأ السيناريو:

“أكيد زهق مني… أكيد بيبعد.”

القَلِق في الحب مش محتاج حب أكتر، هو محتاج أمان أكتر، بس ساعات، بيخوف اللي قدامه من كتر التمسك، فالعلاقة بتقع، ويأكد لنفسه إنه “مش كفاية”… وده أخطر دوّامة ممكن يعيش فيها.

 النوع الثالث: “التعلق المتجنّب”

هو العكس تمامًا، بيخاف يقرب… يتوتر من القرب العاطفي، ويهرب لما العلاقة تبقى جد.

يحبك، بس يخبي، يشتاق، بس ما يعترفش، وده ناتج عن تجربة طفولية فيها رفض أو برود.

خلته يتعلم إن القرب = وجع، فقرر يعيش “في أمان بارد”.

لكن الحقيقة إن المتجنّب مش بارد، هو موجوع… بس ساكت.

زي ما قالت Brené Brown:

اللي بيهرب من الحب، في الحقيقة بيهرب من جُرح قديم.

أمثلة من الواقع:

البنت اللي بتحاول تراضي حبيبها مهما غلط، علشان ما يمشيش زي باباها لما كانت صغيرة.

الشاب اللي بيخاف يعترف بحبه، علشان اتوجع لما صدق واحدة قبله.

الاتنين اللي بيحبوا بعض بس كل مرة يخافوا يقربوا أكتر… ويفضلوا في النص، لا سابوا ولا كملوا.

طيب نعمل إيه؟

ابدأ بنفسك….اعرف نمط التعلق بتاعك، مش عشان تلوم،

لكن عشان تفهم سلوكك في الحب.

اعرف إنك لما بتخاف التاني يبعد، فده صوت الطفل اللي جواك. ولما بتبعد عشان تحمي نفسك، فده نفس الطفل اللي بيتخنق من الوجع. والوعي هنا هو بداية التحرر من النمط.

العلاقات مش علاج، العلاقات مراية، بتورينا اللي محتاجين نداويه في نفسنا.

الجزء الرابع : الخوف من العمق… وفوبيا الانكشاف.

الخوف من الانكشاف – فوبيا القرب – فن الحب – الضعف العاطفي

ليه بنخاف نقول اللي جوانا فعلًا؟

لو ركزت شوية، هتلاحظ إن أغلب الناس في العلاقات بتحب تتكلم عن كل حاجة إلا الحاجة المهمة: نفسهم.

ما بيحكوش عن الوجع، ولا عن الخوف، ولا عن الحتة اللي بتوجعهم في النص.

ليه؟ لأننا اتربينا إن الضعف “عيب”، وإن اللي يبان عليه وجع “بيتهزأ”، وإن اللي يبوح “بيتفضح”.

“إحنا بنخاف ننكشف أكتر من خوفنا من الهجر”

الكلمة دي مش مجاز.

علم النفس النهارده بيقول إن أغلب البشر عندهم نوع من أنواع فوبيا الانكشاف العاطفي.

يعني ببساطة… بيخافوا الناس تشوفهم على حقيقتهم. مش لأنهم مزيفين، لكن لأنهم اتعودوا من صغرهم إن حقيقتهم ما كانتش مقبولة.

كل مرة كنا بنعيط وقالولنا “بطل عياط”، كل مرة حاولنا نحكي عن خوف واتقال “كفاية دراما”، اتعلمنا ندفن مشاعرنا… ونلبس وش الأمان.

 نظرية “القناع الاجتماعي”  إريك فروم

المفكر الشهير إريك فروم (Erich Fromm) قال في كتابه فن الحب:

“الإنسان الحديث يهرب من ذاته بالعمل، بالاستهلاك، وبالسطحية… لأنه لا يحتمل أن يرى فراغه الداخلي.”

الكلمة دي تلخص كتير من اللي بيحصل دلوقتي، إحنا بنخاف من العمق، لأن العمق بيخلينا نواجه حاجات مش جاهزين ليها: نقص، حرمان، إحساس بعدم الكفاية.

فنهرب في كل حاجة سطحية: مكالمات قصيرة، حب سريع، صداقة مصلحية، ونسمي دا “راحة”.

بس الحقيقة؟ دي راحة مؤقتة من مواجهة الذات.

أثر التربية والمجتمع.

مجتمعنا بيكافئ اللي “بيتماسك” مش اللي “بيعترف”، بيطبطب على اللي بيكتم، مش اللي بيحكي.

في البيوت، بيتقال للولد “ما تبقاش عيل”

وللبنت “ما تفضحيش نفسك”.

والنتيجة؟ كبرنا واحنا بنخاف ننشاف.

العلاقات اللي بتفشل مش بتفشل من اختلاف،  بتفشل من الخوف: الخوف من الاعتراف، من المواجهة، من البُعد، من القُرب.

كأن كل واحد فينا عامل لنفسه حصن… بس الحصن دا بيخنق، مش بيحمي.

أمثلة من الواقع.

لما تسأل حبيبك “مالك؟” فيقول “ولا حاجة” وهو بيولع من جواه.

لما واحدة تبين دايمًا قوية، مع إنها كل ليلة بتعيط ومش عايزة حد يعرف.

لما واحد يضحك جامد وسط الناس، بس بيحس بالوحدة أكتر من أي وقت.

الانكشاف مؤلم،بس عدمه بيكلفك روحك.

وعي بسيط، بداية العمق.

الحل مش إنك تفتح قلبك لأي حد، لكن إنك تبدأ تفتحه لنفسك الأول. اكتب، احكي، واجه.

زي ما قالت Brené Brown — الباحثة في الشجاعة والضعف:

الانكشاف مش ضعف… هو الشجاعة اللي بتخلق روابط حقيقية.”

كل علاقة حقيقية محتاجة اتنين يختاروا يخلعوا الأقنعة، ويقولوا لبعض: “أنا مش كامل، بس حقيقي.”  وساعتها بس، يبدأ العمق اللي بندور عليه.

الجزء الخامس: المثالية والصورة المنشورة، خدعة السوشيال ميديا في العلاقات.

تأثير السوشيال ميديا على العلاقات – المثالية العاطفية – مقارنة النفس بالآخرين – كارل روجرز – الذات المثالية – عدم الرضا العاطفي – الواقع مقابل الصورة.

خليني أبدأ معاك بسؤال بسيط: هو إحنا بجد لسه بنحب… ولا بقينا بنمثل الحب عشان الصورة تبان حلوة؟

لما الحب يتحول” لـبوست ناجح”

في زمن السوشيال ميديا، بقى الطبيعي إن العلاقة تُقاس بعدد الريأكتات مش بكمية الوجود الحقيقي.

بقينا بنعيش في عالم الصورة مش الشعور. لو العلاقة مش بتتصور أو مش بتتبين على الستوري، نحس إنها مش حقيقية.

بس الغريب؟ كل ما الصورة تبان أجمل… بيكون وراها وجع أكبر.

زي ما قال الكاتب أوسكار وايلد:

” كلنا عايشين في الوحل، لكن في ناس بتبص لفوق عشان الصورة تطلع كويسة.”

المقارنة القاتلة.

الدماغ البشري، حسب دراسات علم النفس المعاصر، عنده ميل تلقائي للمقارنة.

كل ما تشوف بوست عن “الكابلز المثالي”، بتبدأ تسأل نفسك: هو أنا فين من دا؟ ليه علاقتي مش كده؟ ليه مش حاسس بنفس السعادة؟”

وهنا يبدأ الإدمان المقنّع: إدمان المثالية، تفضل تطارد صورة مش موجودة، وتقارن واقعك المؤلم بـ “فلاتر” ناس تانية.

وده بيولّد إحساس عميق بعدم الكفاية، مش لأن علاقتك وحشة، لكن لأنك صدقت إن كل الناس مبسوطة… غيرك.

 نظرية “الذات المثالية” في علم النفس.

عالم النفس كارل روجرز (Carl Rogers) اتكلم عن حاجة اسمها الفجوة بين الذات الواقعية والذات المثالية.

يعني ببساطة: كل ما المسافة بين “أنا الحقيقي” و”أنا اللي نفسي أكونه” تكبر، كل ما يزيد الألم النفسي وعدم الرضا.

وسوشيال ميديا للأسف بتوسّع الفجوة دي كل يوم، بتخلينا نحس إن الطبيعي مش كفاية، وإن الحب الواقعي بعيوبه لازم يتقارن بحب مصفّى على الشاشات.

مثال من الواقع.

تخيّل بنت وولد مرتبطين بقالهم سنتين، بيعيشوا علاقة شبه كل الناس، مشاكل بسيطة، لحظات حلوة، ضغوط.

لكن كل مرة يدخلوا على إنستجرام يشوفوا “الكابلز” اللي بيحتفلوا كل أسبوع، بيسافروا، بيكتبوا لبعض “أنت نصي التاني”، تبدأ المقارنة.

 هي تحس إنه بطل يهتم، وهو يحس إنها دايمًا مش راضية. وتتحول المقارنة لهدم العلاقة من جوّا، من غير خيانة أو مشكلة… بس من توقعات غلط.

 نصيحة واقعية: ارجع للأرض.

اسأل نفسك دايمًا: هل أنا بدوّر على علاقة تحسّسني بالأمان، ولا علاقة تبان شكلها حلو قدام الناس؟

 الحب الحقيقي مش “بوست” ولا “هاشتاج”، هو لحظة صمت بتجمع اتنين فاهمين بعض من غير فلتر.

زي ما قالت الكاتبة Brené Brown: “المثالية محاولة مستميتة للهروب من النقد… لكنها في النهاية تقتل التواصل الحقيقي.”

 عيش الواقع مش الصورة.

العلاقات محتاجة صدق، مش عرض، محتاجة نرجع نحب بالحقيقة مش بالمشاركة.

اقفل الموبايل شوية، وابصّ في عيون اللي بتحبه بدل ما تبص على صورته.

وساعتها هتعرف إن أجمل لحظة مش اللي تصورّت، لكن اللي اتعاشت بصدق.

الجزء السادس: مشكلات عملية: التواصل، الحدود، الغضب، والغيرة.

العلاقات – التواصل الفعّال – إدارة الغضب – الغيرة في العلاقات – الحدود النفسية – العلاج السلوكي المعرفي – مهارات الحب – جون جوتمان – كارل روجرز

“أدوات واقعية تخليك تبني علاقة ناضجة مش مؤقتة”

بعد ما عرفنا ليه أغلب العلاقات بتفشل  من التعلق، المثالية، والخوف من الصراحة.

يجي السؤال الأهم: طب نعمل إيه بقى؟ إزاي نخلّي العلاقة تكمّل؟

الحقيقة إن الحل مش في “حب أكتر”… لكن في “وعي أكتر”. مشاعر الحب لوحدها مش كفاية.

اللي بيبني علاقة ناجحة فعلاً هو السلوك الواعي والتفاهم العملي.

وده اللي علماء زي جون جوتمان (John Gottman) وآرون بيك (Aaron Beck) في مدارس العلاج السلوكي المعرفي (CBT) اتكلموا عنه بوضوح.

أولًا: التواصل مش كلام… دي مهارة.

الناس فاكرة إن التواصل هو “نتكلم أكتر”، بس الحقيقة إن التواصل الفعّال هو نسمع أكتر.

جون جوتمان في أبحاثه على الأزواج قال:  “الأزواج اللي بيستمروا مش لأنهم ما بيتخانقوش… لكن لأنهم بيعرفوا إزاي يتخانقوا.”

يعني إيه؟ يعني وقت الخلاف، بدل ما تهاجم، فسّر.

بدل ما تقول “إنت دايمًا مش بتفهمني”،قول “أنا بحس بالتجاهل لما ما تردش عليّ”.

ده اسمه في العلاج السلوكي “رسائل الـ I” أو “I statements”. بتبدأ كلامك بـ “أنا بحس” بدل “إنت بتعمل” وده بيقلل الدفاعية ويفتح مساحة تفاهم بدل معركة.

 ثانيًا: الحدود مش قسوة، دي حب ناضج.

الحدود في العلاقة مش معناها بُعد أو جفاء، الحدود معناها “أنا بحترم نفسي وبحترمك”.

في ناس بتفتكر إن الحب يعني “كل حاجة تبقى مشتركة”، بس الحقيقة إن أقوى علاقة هي اللي فيها مساحة شخصية. زي ما قال الطبيب النفسي إريك فروم: الحب الحقيقي هو اتحاد مع الحفاظ على الفردية.”

يعني تعرف تقول “لأ” من غير ما تحس بالذنب، وتعرف تسيب مساحة للآخر يعيش هو كمان. وده بيخلّي العلاقة متوازنة، مش خانقة.

ثالثًا: الغضب — افهمه قبل ما يدمّرك.

الغضب مش دايمًا عدوان… أوقات كتير بيبقى إشارة لألم داخلي.

في CBT بيقولوا إن الغضب غالبًا بيخفي تحته مشاعر تانية زي الخوف أو الإهانة.

قبل ما تنفجر، اسأل نفسك: ” أنا متضايق ليه؟ من الموقف ولا من إحساسي إن محدش مقدّرني؟”

جرب “قاعدة الـ 10 دقايق”:

قبل أي رد أو نقاش حاد ، خد 10 دقايق بعيد عن الموقف، ارجع بس بعد ما تهدى.

العقل بيحتاج الوقت ده عشان يرجع يشتغل “بعقل” مش “بانفعال”.

رابعًا: الغيرة،  مش دايمًا حب.

فيه خيط رفيع بين “الغيرة الصحية” و“الغيرة المرضية”.

الغيرة الصحية بتقول:” أنا بحبك ومش عايز أخسرك.”

الغيرة المرضية بتقول: “أنا مش واثق فيك ولا في نفسي.”

وده بيحول العلاقة لمعركة سيطرة مش شراكة.

 العلاج هنا مش “إمنع الغيرة”، لكن افهم مصدرها.

هل بتغار لأنك فعلاً شايف خطر؟ ولا لأنك مش واثق في قيمتك الشخصية؟

الغيرة بتخف لما يزيد الإحساس بالأمان الداخلي، مش لما تراقب الطرف التاني أكتر.

خامسًا: أدوات بسيطة من العلاج السلوكي (CBT)

1.  اكتب مشاعرك بدل ما تنفجر بيها.

الكتابة بتخلي الوعي يزيد وبتقلل التوتر.

2.  طبّق “إعادة البناء المعرفي”.

لما تجيلك فكرة زي “هو مش بيحبني خلاص”،

اسأل نفسك: “هل دي حقيقة؟ ولا تفسير من دماغي؟”

3.  مارس “الاستماع المتعاطف”.

حاول تسمع بنيه الفهم مش بنيه الرد، دي من أهم أدوات جوتمان لإنقاذ العلاقات.

4.  افصل وقت الانفعال.

لما الموقف يسخن، قول “نتكلم بعد ما نهدى”، مش “أنا ما بتهربش”،  لكن “أنا بحمي العلاقة من الانفجار.”

خلاصة الجزء:  العلاقات اللي بتكمل مش اللي فيها “حب أكتر”، لكن اللي فيها مهارات أكتر: تواصل – حدود – إدارة مشاعر – ووعي بالذات.

زي ما قال جوتمان: “الحب فن، لكن الحفاظ عليه علم.”

وده العلم اللي لازم نبدأ ندرّبه، زي ما بندرب عضلة في الجيم، عشان نبني علاقة صحيّة مش مؤقتة.

الجزء السابع: العلاج والشفاء: إزاي نبني علاقات صحّية.

من التعلق والوجع… لوعي وسلام داخلي.

لو وصلت لحد هنا فده في حد ذاته بداية شفاء؛ لأنك بدأت “تسأل” مش “تلوم”.

بدأت تبص جواك مش حوالينك، اللي لازم تعرفه إن العلاقة الصحّية مش بتتبني على الحظ، لكن على الوعي، والنضج، والنية الصافية للتطور.

زي ما قال الطبيب النفسي محمد عرفة: العلاقات مش بتوجع لأنها غلط… بتوجع لأنها لسه بتكشفك لنفسك.

أولاً: العلاج يبدأ من جوّا مش من اللي قدّامك.

الناس دايمًا تدور على “العلاقة الصحّ”، لكن محدش بيسأل:

هل أنا شخص جاهز لعلاقة صحيّة؟

العلاج النفسي بيبدأ لما نعترف إن عندنا أنماط متكررة.

كل مرة نختار نفس النوع من الناس، ونعيش نفس النهاية بأشكال مختلفة.

الوعي هنا إنك توقف وتقول: “واضح إني محتاج أفهم نفسي قبل ما أدور على حبّ جديد.” 

وده مش ضعف، بالعكس… ده أول خطوة في الشفاء.

 خطوات عملية تبني بيها علاقة ناضجة.

1.  اعرف نمط تعلقك.

لو إنت شخص بتتعلق بسرعة أو بتخاف تسيب العلاقة، اقرأ عن Attachment Theory أو “نظرية التعلق”.

هتفهم إنك مش مجنون، إنت بس محتاج “أمان” أكتر مش “حب” أكتر.

2.  مارس الصراحة الآمنة.

اتكلم عن خوفك بدل ما تخفيه.

الصراحة هنا مش فضفضة مطلقة، لكن مشاركة واعية: “أنا بحس بالأمان لما نتكلم بوضوح.”

3.  اعمل جلسة تقييم ذاتي كل فترة.

اسأل نفسك:

–   هل أنا مبسوط؟

–   هل العلاقة بتكبرني ولا بتستهلكني؟

–   هل أنا باخد راحتي في التعبير ولا دايمًا بخاف؟

4.  تعلم مهارات التنظيم العاطفي.

دي حاجة CBT (العلاج السلوكي المعرفي) بيعلمها بوضوح.

لما تحس بانفعال قوي، جرب

“التنفس العميق + الكتابة + المشي”.

دي مش نصيحة سطحية… دي طريقة لإعادة توازن كيمياء المخ فعليًا.

5.  احترم وقت الانسحاب.

لما تحس العلاقة مأزومة، خُد مساحة من غير تكسير، المساحة بتخليك ترجع “تشوف الصورة كاملة”، بدل ما تفضل جوّه العاصفة.

 ثالثًا: إمتى أروح لدكتور نفسي؟

الخطوة دي مش ضعف ولا رفاهية، زي ما بنروح دكتور قلب لما بنحس بخفقان، بنروح دكتور نفسي لما نحس إن عقلنا أو قلبنا مش قادرين يوازنوا.

تروح لدكتور نفسي لما: تحس إنك دايمًا بتختار نفس النمط الغلط.

لما الغيرة أو الخوف بيشلّك.

 لما العلاقة بقت وجع أكتر من راحة.

لما تبقى محتاج حد محايد يسمعك من غير حكم.

الدكتور مش هيقولك تعمل إيه، لكن هيساعدك “تشوف” اللي مش شايفه.

زي ما قال كارل يونغ:  “حتى تجعل اللاوعي واعيًا، سيظل يوجّه حياتك وستسميه قدَرًا.”

يعني ببساطة، لو ما فهمتش دوافعك اللاواعية، هتفضل تكرر نفس التجارب وتقول “ده حظّي!”.

 رابعًا: تمارين بسيطة للشفاء الذاتي.

1.  تمرين المرآة:

كل يوم بص في المراية وقول لنفسك:

“أنا أستحق حبًّا صحيًّا مش مؤلم.”

التكرار هنا بيعيد برمجة دماغك حرفيًا.

2.  تمرين “الكرسي الفاضي”:

تخيل الشخص اللي وجعك قاعد قدامك، وقول كل اللي نفسك تقوله.

الهدف مش المواجهة… الهدف إنك “تتحرر من الصمت”.

3.  تمرين “الكتابة الترميمية”:

اكتب 3 حاجات:

–   اللي وجعك.

–   اللي اتعلمته.

–   اللي ناوي تسيبه ورا.

دي طريقة قوية لإنهاء دائرة الألم.

خامسًا: مراجع وكتب تساعدك تبدأ.

د. محمد طه – الخروج عن النص / ذكر شرقي منقرض.

د. محمد عرفة – كلمات تداويك.

د. أحمد هارون – أنت كما يراك علم النفس.

إريك فروم – فن الحب.

جون جوتمان – The Seven Principles for Making Marriage Work

دي كتب سهلة، بلغة قريبة، هتخليك تشوف العلاقات مش كـ “قدر” لكن كـ “اختيار واعي” بيتكرر.

  الخلاصة:

العلاقات مش “معادلة حب”

دي رحلة شفاء مشترك بين اتنين، بيقرروا يواجهوا نفسهم قبل ما يواجهوا بعض.

زي ما قال د. محمد طه:  “العلاقة اللي تشفيك، مش اللي تكمّلك.”

ابدأ بنفسك، سامح، افهم، اتطور، وساعتها الحب هييجي في شكله الطبيعي: هادئ، ناضج، ومُطَمّن.

 تمت….

بقلم : زينب عطية

للمزيد من القصص والمقالات المميزة ✨
تابعونا على
عوالم من الخيال



تابعونا على فيسبوك

تعليق واحد

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *