قصة الرومانسية “لقاء الروح” للكاتبة/ صباح البغدادي.

قصة الرومانسية “لقاء الروح”

سؤال البداية

 

هل جربت يوم تحس إن المكان حواليك بيسمعك، كأنه شاهد على كل كلمة خارجة من قلبك؟

 

كانت القعدة بينهم ساكنة، النسيم بيعدّي بين الشجر وكأنه بيمسح جراح خفيفة من الهوا. السماء غامقة لكن فيها لمعة بتوعد بليل مختلف، والهدوء مسيطر لدرجة إن النفس بقى مسموع.

 

حنين رفعت عينيها لقدّام، كأنها بتواجه الدنيا، وصوتها خرج مهزوز لكنه مليان وجع:

 

 

«بنخسر كتير يا مراد… خسائر تقطّم الضهر وتخلّي الواحد يحس إن الحياة وقفت. بنعيش على شوية ذكريات ووجع بيطاردنا حتى في المنام. كنت بحلم بيهم… لكن اللي حصل ماكنش متوقّع. زي صعقة كهربا لمريض كان خلاص مات، وفجأة قام… كأن النبض رجع له، وأنا رجعت معاه للحياة من جديد».

 

 

( اعتراف مراد)

تتوالى أحداث قصة الرومانسية “لقاء الروح”.

مراد فضّل يبصّ لها، عينه فيها سكينة غريبة، وكأن صوته متأني علشان يوصّل لها كل كلمة:

 

 

«عارفة يا حنين… في ناس بتدخل حياتنا من غير ما نستأذن، من غير ما نحس، لكنهم بيغيّروا كل حاجة. يزرعوا ورد مكان اللي دبل.

أنا مش ملاك، بس أنا شفت فيكي روح بتتألم وبتتجدد كل مرة، وده كفّى يخلي قلبي يقف جنبك».

 

حنين غمضت عينيها لحظة، كأنها بتحاول تتحكم في دمعة:

 

 

«أنا كنت تايهة… وكل مرة كنت بوقع، كنت بلاقيك. تمسح دمعتي، وتضحك ضحكة طالعة من قلبك تخبّي وجعي. أنا طلعت عقدي كلها عليك، وانت استحملت… مشيت معايا خطوة بخطوة.

لحد ما حسّيت إنك خلقت جوايا روح جديدة، نقية، لسه مولودة».

 

 

 

(بين الخوف والصدق)

 

مراد مال بجسمه لقدام، نبرته كلها دفء:

 

 

«أنا ماخفتش من وجعك، ولا من كسرك. أنا شفتك زي ما إنتِ… من غير تزييف، من غير أقنعة. وده اللي خلاني أختارك من غير ما أتردّد».

 

حنين فتحت عينيها وبصت له، كأنها كانت مستنية تسمع الكلام:

 

 

«العلاقة الصح يا مراد… هي اللي بندخلها من البداية بصراحة.

من غير كدب، من غير تمثيل. ندخل بكل عيوبنا وأخطائنا، والشخص اللي بيحب بجد هو اللي يشوفنا على حقيقتنا… ويتقبلنا زي ما إحنا».

 

 

 

( سر المفاتيح)

 

مراد شد نَفَسه وبصّ لها بعينين تقيلة:

 

 

«بس في ناس بياخدوا المفتاح ويدخلوا أقدس أماكننا… يبعثروا، ويحفروا، ولما يزهقوا… يمشوا. ويسيبوا وراهم خراب كبير. واللي يعمل كده ما يستحقش حتى ذكرى».

 

حنين نزلت عينيها للأرض، وصوتها خرج واطي:

 

 

«علشان كده يا مراد… بنقفل جوانا بعد كل خسارة. وجعهم بيبقى تقيل، وجوانا حاجات مرمية بعيد، مقفول عليها. ولو حد شاف اللافتة المكتوب عليها “مينفعش تتحكي”، مش هيفهم ليه… بس الحقيقة إنها محروقة جوا القلب».

 

مراد رفع حاجبه بابتسامة باهتة:

 

 

«يعني مفتاحك مع حد تاني؟»

 

حنين ابتسمت ابتسامة حزينة، كأنها بتتذكر:

 

 

«كان… بس اتسحب لما كسر اللي جوايا. من ساعتها، أنا مش عايزة حد يدوّر على المفتاح. مش كل باب لازم يتفتح، ومش كل قلب يستحمل وجع جديد».

 

 

(وعد وقرار)

تتوالى الأحداث قصة الرومانسية لقاء الروح.

 

مراد مد إيده ومسِك إيدها بهدوء، وكلامه خرج فيه ثبات:

 

 

«لو ناوي تمشي، امشي بهدوء. لو ناوي تقسى، خلي موقفك واضح قبل ما تختفي. بس لو ناوي تبقى… خليك سند، مش حمل تاني على القلب.

أنا هنا مش علشان أكون زيهم… أنا هنا علشان أكون بداية جديدة ليكي، مش صفحة تتقفل بسرعة».

 

حنين دمعة نزلت على خدها، لكن صوتها كان فيه صدق:

 

 

«لو فارقت… متجبش سيرتي بالسوء. ولو زعلت مني، افتكر دايمًا إن اللي وجعني كان أكبر من رد فعلي».

 

مراد شد إيدها أكتر، نبرته كلها عهد:

 

 

«أنا مش هسيبك. أنا مش جاي أعدّي… أنا جاي أكمّل».

 

 

 

( ميلاد أمل جديد)

 

رفعت حنين عينيها ليه، والابتسامة اللي ظهرت على وشها كانت أول ابتسامة صافية من وقت طويل. المكان كله حس كأنه بيتنفس معاهم.

 

الهواء عدى من بين الشجر، والقمر بدأ يطلع من بين الغيوم كأنه شاهد على لحظة مختلفة.

 

إيديهم اتشبكت، مش بس كلمسة، لكن كعهد. عهد إن الأمل مش بيخلص… وإن من بقايا الجراح ممكن يتخلق حب جديد أقوى من الأول.

 

 

 

 

خاتمة قصة الرومانسية “لقاء الروح”

 

الحب الحقيقي مش إنه نلاقي حد كامل… لكن إنه نلاقي حد يشوف كسرنا، ويختار يرممنا مش يسيبنا نزيف..!

الحب مش إننا نلاقي حد كامل، ولا إننا نهرب من وجعنا القديم…

الحب الحقيقي هو اللحظة اللي نقابل فيها إنسان يشوف جروحنا من غير ما يهرب، يلمس كسورنا من غير ما يوجعها، ويقرر يرممنا مش يسيبنا نزيف.

الحب إننا نلاقي اللي يقعد جنبنا وإحنا في أسوأ حالاتنا، يفضل ماسك إيدينا وقت ما الكل يسيبنا، ويشوف في دموعنا بداية مش نهاية.

هو مش وعد بس بالكلام… هو أمان في حضن، وسند في كلمة، وجبر خاطر بيوصل للروح قبل ما يوصل للقلب.

الحب هو إننا نلاقي اللي يفتح جوانا شبابيك للأمل بعد سنين من العتمة، واللي يحوّل خوفنا لبداية جديدة.

وفي اللحظة اللي تلاقت فيها عيون حنين ومراد، كان الوضوح أبسط من أي شرح: لسه في حياة بتتنفس، ولسه في قلوب بتتخلق من جديد، ولسه في أمل قادر يغلب كل الخسارات.

#صبا

#سكريبت

#لقاء_الروح

وختامًا، إذا أعجبتك قصة الرومانسية “لقاء الروج”، يمكنك متابعة بقية أعمال الكاتبة/ صباح البغدادي على منصة عوالم من الخيال.

2 تعليقات

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *