أخطاء الكُتاب المبتدئين في كتابة الرواية – مشهد لمراجعة النصوص

7 أخطاء قاتلة يرتكبها الكُتاب المبتدئون (وكيف تتفاداها بذكاء)

7 أخطاء قاتلة يرتكبها الكُتّاب المبتدئون (وكيف تتفاداها بذكاء)

الكثير من الكُتّاب يقعون في أخطاء قاتلة يرتكبها الكُتاب المبتدئون، وتلك الأخطاء قد تدمّر مشروع الرواية قبل أن يبدأ
هل بدأت للتو رحلتك في عالم الكتابة الروائية؟ رائع! لكن دعني أكون صريحًا: الطريق ممتلئ بالحفر. ليس لأنك تفتقر للموهبة، بل لأن هناك أخطاء شائعة يقع فيها حتى أكثر الكُتّاب حماسًا. في هذا المقال، نكشف عن أكثر 7 أخطاء قاتلة يرتكبها المبتدئون، مع خطوات عملية لتجنّبها بذكاء وثقة.


1. الانشغال ببناء العالم ونسيان القصة

يبدأ كثير من الكُتّاب المبتدئين رحلتهم في عالم الرواية برسم خرائط للممالك، وتأليف أسماء غريبة للمدن، وابتكار أنظمة سياسية معقّدة، وحتى تحديد أنواع العملات والمواسم. هذا الحماس في بناء العالم أمر رائع ومثير، بلا شك. لكن، في خضم هذا الإبداع، يضيع السؤال الأهم: “ما هي القصة؟”

غالبًا ما ينسى الكاتب أن القارئ لا يبحث عن موسوعة، بل عن رحلة مشوّقة. القارئ يريد شخصيات تتحرك، صراعات تتصاعد، أحداثًا تشدّه من الصفحة الأولى حتى الأخيرة. أما تفاصيل العالم، فهي ليست سوى خلفية تُعزّز القصة وتمنحها طابعًا خاصًا، لا أن تبتلعها تمامًا.

لذلك، لا تبدأ من الجغرافيا أو أسماء القرى، بل ابدأ من قلب الحدث. اكتب ملخصًا واضحًا لما يحدث، حدّد نقاط التحول، وتعرّف على دوافع الشخصيات. بعد ذلك، ابنِ العالم حول القصة، لا العكس.

حين تُعطي الأولوية للحبكة، يصبح العالم أكثر من مجرد خيال… يتحوّل إلى تجربة حية يعيشها القارئ، دون أن يشعر أنه غارق في تفاصيل بلا معنى.
“ابدأ من قلب الحدث وليس من التفاصيل الثانوية.”

2. حوار جامد وغير واقعي

الحوار في الرواية ليس مجرد تبادل كلمات بين الشخصيات، بل هو وسيلة لكشف مشاعرهم، نواياهم، وحتى صراعاتهم الداخلية. ومع ذلك، يخطئ بعض الكُتّاب حين يجعلون الشخصيات تتحدث بطريقة رسمية أو متكلّفة، كما لو أنهم يلقون خطابًا في مسرح كلاسيكي. والنتيجة؟ يشعر القارئ أن ما يقرأه مصطنع، وبالتالي ينفصل عاطفيًا عن القصة.

في المقابل، الحوار الناجح يشبه الحديث اليومي: بسيط، حيّ، متدفّق. لا يعني هذا أن يكون الحوار سطحيًا أو مملًا، بل أن يُشبه ما قد يقوله الشخص فعلًا في هذا الموقف. وهنا تأتي أهمية اختبار الحوار.

اقرأه بصوت عالٍ. هل يبدو طبيعيًا؟ هل تشعر أنه حوار بين شخصيتين مختلفتين فعلًا؟ إن لم يكن كذلك، فقد حان وقت التعديل.

أيضًا، لا تنس أن لكل شخصية صوتها الخاص. ما يقوله المحارب يختلف عن العالِم، وطريقة تعبير الطفل ليست كالكاهن. عندما تمنح الحوار روحًا حقيقية، تنبض شخصياتك بالحياة، ويتحوّل القارئ من متفرج إلى شريك في الحدث. حتي تتجنب ال 7 اخطاء قاتلة يرتكبها الكتاب المبتدئون

3. تجاهل صوت الراوي

من الأخطاء التي تمر دون انتباه، أن يكتب الكاتب روايته وكأنه ينقل تقريرًا رسميًا أو يروي نشرة أخبار. الكلمات قد تكون مرتبة، والأحداث متتابعة، لكن الإحساس غائب، والنص يبدو جامدًا. والنتيجة؟ القارئ يشعر بالبرود، ولا يجد ما يربطه بالمحتوى.

في الحقيقة، الرواية ليست فقط ما يحدث، بل كيف يُروى الحدث. وهنا تحديدًا يظهر صوت الراوي. هذا الصوت هو ما يمنح النص روحه، وهو ما يجعل القارئ يشعر أنه لا يقرأ فقط، بل يستمع لصوت حيّ يتحدث إليه.

لذلك، لا تكتب من مسافة بعيدة. اقترب من القصة، وأضف لمستك الخاصة. اجعل الراوي يعبّر، يرى، يتفاعل، وربما يعلّق. سواء كان ساخرًا، حكيمًا، بريئًا أو غامضًا، المهم أن يمتلك شخصية واضحة.

عندما تمنح الراوي حضورًا حقيقيًا، تمنح القارئ علاقة أعمق مع النص. فبدل أن يقرأ فقط، سيبدأ في الاستماع، والتفاعل، والتساؤل. وهنا، يبدأ السحر الحقيقي في السرد.

اقرأ أيضًا: كيف تختار شخصيات الرواية؟

4. الإفراط في الوصف أو قلّته

الكتابة الجيدة لا تعني أن تملأ الصفحات بوصف لا ينتهي، ولا أن تترك القارئ يتخبط في فراغ بصري بلا ملامح. في الواقع، الإفراط في الوصف يجعل القارئ يشعر بالملل والضياع وسط التفاصيل، بينما قلة الوصف تجعله غير قادر على تخيّل العالم الذي تدور فيه الأحداث. وكلا الطرفين يؤديان إلى فقدان التفاعل مع النص.

من هنا تأتي أهمية التوازن. لا تكتب وصفًا لمجرد أنك تريد إبهار القارئ بلغتك، بل اسأل نفسك دائمًا: “هل يخدم هذا الوصف الحدث؟ هل يعزّز الشعور في هذا المشهد؟”

الوصف المثالي هو ذلك الذي يُشعر القارئ أنه يرى ويسمع ويشتم ويتفاعل، دون أن يُثقل عليه. استخدم الحواس بحكمة، وركّز على التفاصيل التي تصنع الفرق. على سبيل المثال، بدلًا من وصف الغرفة كاملة، ركّز على شيء واحد يعكس جوّها العام، مثل شمعة ذائبة أو كتاب مهترئ.

اجعل الوصف يخدم القصة، لا يُغرقها. وتذكّر دائمًا أن القوة ليست في الكمية، بل في الدقة والتأثير.

5. ضعف البداية

من أكثر الأخطاء التي يرتكبها الكُتّاب المبتدئون هو الاعتقاد بأن القارئ سيمنح الرواية وقتًا كافيًا حتى “تبدأ”. لكن الواقع مختلف تمامًا. القارئ، خصوصًا في هذا العصر السريع، يُكوّن انطباعه الأول خلال الصفحة الأولى، بل أحيانًا من السطر الأول. فإن لم تُمسك به من البداية، فهناك آلاف الروايات الأخرى التي تنتظره.

لهذا السبب، يجب أن تكون البداية مشوّقة، لا تُقاوم. لا تُهدر الصفحات الأولى في الوصف المطوّل أو المعلومات الخلفية الثقيلة. بدلًا من ذلك، قدّم موقفًا قويًا، أو لغزًا غامضًا، أو مشهدًا مشحونًا بالعاطفة، أو حتى حوارًا ذكيًا يثير الفضول. أي شيء يجعل القارئ يقول: “أريد أن أعرف المزيد”.

وبالإضافة إلى ذلك، لا تنسَ أن الصفحة الأولى هي وعد غير مكتوب بينك وبين القارئ. إذا شعر أن الرواية ستأخذه في رحلة مثيرة منذ اللحظة الأولى، فمن المرجّح أنه سيبقى معك حتى النهاية. إذًا، لا تؤجّل الإبهار. اجعله يحدث من السطر الأول.و من خلال فهم أخطاء الكُتاب المبتدئين وتجنّبها، تبدأ رحلتك الكتابية بثقة.

لمزيد من النصائح عن البداية القوية، اقرأ: كيف تكتب الفصل الأول الذي لا يُنسى؟

6. كتابة من دون خطة

العديد من الكُتّاب المبتدئين يبدأون الكتابة بحماس كبير، ولكن دون وجود خطة واضحة. في البداية، تسير الأمور بسلاسة، وتنبض الصفحات بالحياة. ولكن، مع مرور الوقت، تبدأ التفاصيل في التشتّت، وتفقد الشخصيات أهدافها، وتتباطأ الحبكة، إلى أن تنهار القصة فجأة في منتصف الطريق. لماذا؟ لأن الكاتب لم يحدّد من البداية إلى أين يريد أن يصل.

من هنا تأتي أهمية التخطيط، ولو بشكل مرن. لا تحتاج إلى جدول مفصّل بكل الأحداث، ولكنك تحتاج على الأقل إلى تصور واضح للنقاط الأساسية. مثلًا: ما هو الحدث الذي يُحرّك القصة؟ ما هي العقبة الكبرى؟ وكيف تتطوّر الشخصيات؟ وماذا سيحدث في النهاية؟

من خلال هذا التخطيط، تمنح نفسك بوصلة تُرشدك كلما ضعت، وتمنعك من الوقوع في فخ الحشو أو الاستسلام للتشتّت. الكتابة بعفوية ليست عيبًا، ولكن من دون خطة، تتحول العفوية إلى فوضى. لذلك، خطّط، ولو بخطوط عريضة، ثم دع الإبداع ينساب بثقة ووضوح.
و من خلال فهم أخطاء الكُتاب المبتدئين وتجنّبها، تبدأ رحلتك الكتابية بثقة.

7. الخوف من الحذف

من أكثر الأخطاء الشائعة التي يقع فيها الكُتّاب المبتدئون هو التعلّق المفرط بالكلمات الأولى التي يكتبونها. فغالبًا ما يشعر الكاتب أن كل جملة كتبها تعبّر عنه، حتى لو لم تكن تخدم النص أو تضيف شيئًا للقارئ. مع الوقت، يتحوّل التحرير إلى عملية مؤلمة، ويصبح الحذف كأنه خيانة للنص. لكن الحقيقة مختلفة تمامًا.

ليس كل ما نكتبه يستحق البقاء، وهذا ليس تقليلًا من موهبتك، بل هو جزء من نضوجك ككاتب. التخلّي عن الفقرات التي تُضعف الإيقاع أو تُربك القارئ هو خطوة شجاعة، بل هو دليل على وعيك بجودة العمل ككل. فالكاتب المحترف لا يتردد في حذف جملة يحبها، إن كانت تعيق تدفق السرد.

لا تنظر إلى الحذف على أنه فشل، بل اعتبره تنقية للنص. اكتب بشغف، ثم راجع بوعي، واحذف بثقة. وبعد كل مراجعة، تبدأ صفحة جديدة تكون أقرب لما تريد. اكتب، اخطئ، تعلم، وواصل. لأن العالم ما زال في انتظار حكايتك.


كلمة أخيرة لكل كاتب

كل كاتب، مهما بلغ من الخبرة، وقع يومًا في فخ هذه الأخطاء. نعم، حتى أولئك الذين نقرأ لهم الآن بإعجاب، كانت لهم لحظات شك وتردد. ولكن الفارق الجوهري بين الكاتب المبتدئ والكاتب المحترف لا يكمن في عدد الكتب المنشورة، بل في درجة الوعي. الكاتب المحترف يُدرك أخطاءه، يتأملها، ويتعلم منها. بينما يتهرب المبتدئ منها أو يظن أنها نهاية الطريق.

من هنا، لا تجعل بداية متعثرة توقفك. بل على العكس، اعتبرها خطوة أولى نحو التحسن. اكتب، ثم أخطئ، ثم تعلم. وبعد ذلك، اكتب من جديد، ولكن بثقة أكبر ووعي أعمق.

تذكّر دائمًا أن كل محاولة تقرّبك من هدفك. وكل تجربة، حتى وإن بدت فاشلة، تُضيف إلى رصيدك ككاتب. لا تنتظر الكمال، بل اسعَ للتقدّم. والعالم، بكل تنوّعه وضوضائه، يحتاج حكايتك أنت. فامنحها له، ولا تتردد.
و من خلال تجنّب أخطاء الكُتاب المبتدئين، يمكنك تحسين جودة كتابتك والوصول إلى مستوى أكثر احترافية.

هل بدأت رحلتك للتو؟ لا تفوّت قراءة هذا المقال: أسرار كتابة رواية صحيحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *