هل تعلم أيها الطبيب هناك شئ سيقودني إلى الجنون إننى اجده فى منزله بالفعل ولا يسمح لى بالدخول ، و هناك زوجه جاره المقرب تخبرنى دائما أن زوجها قد توفى منذ سنوات!
– جاره المقرب توفى منذ سنوات ؟
ولكن اخر ما اتذكره أن صديقى عندما كنت احتسى معه القهوه من يومين على الطاولة اخبرنى ان زوجه جاره المقرب نفذ فيها حكم الإعدام منذ أكثر من سبع أعوام !
– الو سكرتيره، ادخلى والدته التى بالخارج، انتظرنى قليلا انت بالخارج.
نعم ماذا تريد ، لا امتلك الوقت ؟
– سيدتي اعرف شهرتك جيدا، واموالك الطائلة، ومشغولياتك ، ولكننى احادثك من أجل ابنك ، أنه فى مشكلة تحتاج حلاً !
هل جننت ، هل صدقت كلامه عن أشباه البنى آدمين؟ أم عن تلك الآلة الحمقاء ؟ هل حدثك عن ما تفعله الآلة بالاشياء اللامعة وصدقت أنت تلك الخرافات ، أم صدقت انه بالفعل ابناً لى ، أيها الطبيب الأحمق !
*******************************
* داخل منزل علي *
يوجد أحد الغرف صممها (علي) خصيصاً للرسم كان يقضى بها ساعات عديدة ليبدع فى فن الرسم، تحتوى على ثلاث لوحات كبار بحجم 3 متر ونصف فى متران ، رسم أحدهما لوالده والأخرى لوالدته والاخيرة لوحة فارغة جاهزة للرسم عليها.
يتفقد (علي) ألوانه على الطاولة ليبدأ بالرسم.
كارما : (علي) أنت بتعمل ايه.
علي بفرحة : كارما انتى جيتى انا كنت لسه هجيلك مع سورانديك.
كارما : هو انت بتحبي يا (علي) ؟
على : انا عمرى ما بطلت أحبك يا كارما من يوم ما شوفتك ، انتى ليه غبتى عنى.
كارما : غصب عنى يا (علي) ، انا عاوزاك تأخد بالك دايما من نفسك .
على : ليه انتى هتروحى فين، مش تستنى أفرجك على لوحاتى دا بابا الله يرحمه، ودى ماما بهيرة، ثم يسترد والدموع تنهمر من عيناه : انا عارف انها كمان ماتت وان كل ده بيتهيقلى وجودها انا مش مجنون انا عارف كل حاجة، علشان كده رسمتها اصلى مش عارف اتقبل عدم وجودها، انا مبقليش حد غيرك يا كارما فى الدنيا ، ثم يكمل وهو يحاول يمسح دموعه : واللوحة دى فاضية لسه هرسمها فكرك ارسم مين من اللى ماتوا ومفتقدهم .
كارما : اللوحة دى مش فاضية يا (علي) ، ركز كويس.
(علي) : انا عارف ان بيتهيقلى حاجات بس اللى مطمنى إنك معايا انتى الوحيدة اللى بقيالى مش سيبتينى زيهم .
كارما وعيناها تدمع : انا زيى زيهم يا (علي).
ثم تذهب كارما وتدخل فى اللوحة الفارغة لتمتلئ برسمة لها.
يرى (علي) هذا المشهد فتنهمر فى دموعه بصوت عالى.
**********************************
* داخل عيادة الطبيب النفسي *
– بالظبط انا مرات ابوه مش أمه، امه وابوه ماتوا ، والدته ماتت فى حادثة وبعديها والده اتجوزنى ٤ شهور ومات من الزعل على مراته كان متجوزنى علشان انسهاله والظاهر معرفتش ، والحالة ساءت أكتر لما كارما حبيبته ماتت من الأدمان بعد وفاة والده تقريبا بشهرين، يا عينى مستحملش الصدمات دى كلها فاتجنن وبقى دايما بتظهرله هلاوس انهم موجودين.
= وايه حكاية الآلة والاشياء اللامعة ؟
– محلات السواريهات دى مشاريعى اللى فى تركيا ومصر، هوا بيتهيقله انها بتاعته والآلة دى حوار تبع الهلاوس، والحقيقة انا دايما بهاوده، كل ما احاول اواجهه بالحقيقة كان بينكر ويعيط وأما اضغط عليه أوى كان بيغمى عليه ،
قرر فجأه يعتزل العالم ويسكن فى شقة فى حارة حقيرة، خوفت يوصل للأنتحار اديت فلوس لجارته أم أدهم علشان تنقلى أخباره وتطمنى عليه، ووصيت ابنها انه يصاحبه علشان يأخد باله منه.
***************************
يضع (علي) بعض من مساحيق الغسيل فى كوب ثم يصب عليها بعض من الماء ويقوم بالتقليب
تنزف عيناه دموع وهو يخاطب نفسه : انا خلاص مش عارف اعيش لوحدى، كلهم فعلا ماتوا دى الحقيقة اللى مرات بابا بتحاول تقولهالى وانا بنكرها !
بس اللى مش قادر أنكره انى مش قادر أعيش من غيرهم.
يضع كوب العصير على فمه ويهم بتناوله ، فيرن جرس الباب بقسوة فيسقط الكوب من يده منكسراً
*يفتح (علي) الباب بخضة *
= انت لسه هنا فى المكان الحقير ده، انا خلاص زهقت منك مكنتش وصية دى اللى ابوك وصهالى عليك، بعد كده هسيبك لكلاب السكك تنهش فى لحمك ومش هدفعلك ايجار الشقه دى ولا هتشوف منى مليم أحمر بعد كده
ترمى حقيبة يدها على الأرض وتمسكه من اكتافه بقوه قائلة : فوق بقى وتعالى معايا تركيا تانى ، حب تانى واتجوز واترحم على أبوك وأمك ، تصفعه على وجهه قائلة : تقبل الواقع بقى.
ينظر علي يمينه فيجد سكينة لتقطيع الفاكهة ، يركض اليها ، ولا يتردد لحظة واحدة فيقوم بغرسها فى قلبه بشدة ، وسط ذهول من زوجة أبيه من هول الموقف.
…………
*تنظر من شرفتها فى حيرة من أمرها ، يرن جرس الباب ، فتذهب لتفتح مسرعة*
كارما : انت كنت فين
بلهول : بجيب أكل ما أختى ست البيت مبتطبخش بقالها كتير، معرفش ايه قلقك أوى كده ، طمنينى وصلوا ولا لسه؟
كارما بحيرة : فات 4 شهور بحالهم ، اللى سمعته عن النفق انه مبيطولش فى عبوره عن 4 شهور يعنى المفروض هما على وصول !
*****************************
ما زال بين أحضانها ، تتنهد عدة تنهيدات من أثر البكاء الشديد ثم تسترد قائلة : لا يا علي متسبنيش يا (علي) انا مليش غيرك انا بقسى عليك علشان عاوزاك تخف، من يوم ما ابنى الوحيد مات بالادمان زيه زى كارما، وانا معتبراك ابنى يا (علي) وغلاوتك من غلاوة ابنى الحقيقى متعرفش بحبك اد ايه يا (علي) ، حتى بعد ما عرفت أن كارما اللى جرته للسكة دى ، بس انت ملكش ذنب ، متسبنيش يا (علي) وانت فى مصر وسيبنى كنت لوحدى رغم كل الفلوس والناس اللى حواليا بردو لوحدى، انا مش عاوزه ارجع تانى لوحدي يا (علي) ، متسبنيش لوحدي يا (علي).
تتغرغر عينه من أثر الدموع ثم يتكلم بصوت موجوع : مش هقدر…. مش هقدر أعيش تانى بعد النهارده، الدنيا مسبتليش حاجة أعيش علشانها .
يبعدها عنه قليلاً ليمسك بالسكينة وسط بكاء وذهول منها تظن أنه سيخلعها ، تتفاجأ بأنه يغرسها أكثر فى قلبه !
تصرخ بهستريا بكلمة لااا، مع تنهيدات عميقة وبكاء
************************
سورانديك : (علي) اصحى يا (علي) ، (علي) فوق مالك عمال تضرب فى قلبك كده ليه اصحى .
(علي) بخضة : ايه ده أنا فين انا مموتش، هيا السكينة فين ؟
سورانديك ضاحكاً : متقلقش مسكتها منك قبل ما تغرسها فى قلبك.
علي ينظر اليه فى ذهول منتظر أى تفسير
يكمل سورانديك :
مش قلتلك عبور النفق مش سهل علي أى بنى آدم، فكرة النفق هوا طاقة سلبية غريبة بتوصلك لهلاوس بتجيبلك اكتئاب والفرار الوحيد منه هو الانتحار، الطاقة دى بتأثر على أى شخص مش من جنس الجن ، وده من أثر تعويذة اتقرت عليه علشان مش كل من هب ودب يعبر لعالم الجن.
النفق بيخلى البنى آدمين تهلوس، هلاوس بتخليهم يموتوا نفسهم فى الآخر، ممكن تخليهم يخنقوا نفسهم أو يرشقوا سكينة فى قلبهم، أو يسموا نفسهم إلى آخره ، اصلكوا بتتخيلوا وانتوا صاحين والطاقة بتحرك كل أعضائكوا لحد متخليكوا تقتلوا نفسكوا .
أنا كل اللى كنت خايف منه قبل ما نعبر إنى مقدرش أحوشك وانت بتنتحر ومش دارى بنفسك بالمنظر ده، بينىلو مكنتش محتجلك مكنتش استحملت الفرهدة دى كلها , بس الحمد لله أفرح كده خلاص عبرنا على خير، ثم يكمل مازحاً : حوشتك أكثر من مرة طلعت عين أهلى، عد الجمايل كان زمانك عند اللى خلقك.
علي : هوا مرات أبويا فين، أنا آخر حاجة فاكرها ان حد قابلنى فى الجنينة من العمال وقالى أن المعرض بيولع ، وفاكر أنى اصلا مدخلتش معاك النفق.
سورانديك ضاحكاً : اه مهو كلكوا بتتخيلوا انكوا مدخلتهوش النفق فى الأول وبعدين الهلاوس بتزيد لحد ما بتنتحروا، قولى صحيح العامل ده اسمه محمدى؟
علي متعجباً : اه عرفت ازاى
سورانديك ضاحكاً أكثر : مهى دى أول حاجة انت بدأت تهلوس بيها ، بعد ما دخلنا النفق، قبل ما تتخيل حوار مرات ابوك وكارما اللى ماتت من الإدمان اللى هيا أصلا فى الحقيقة مش بتطيق ريحة السجاير ههههه .
علي : هو أنا كان صوتى عالى أوى كده وأنا بهلوس!
*****************************
بهلول : كله كوم والخازوق اللى لبسه سورانديك لـ (علي) كوم تانى.
كارما : قصدك انه خلاه يعبر النفق من غير ما يقوله انه لو حب يرجع قدامه على الأقل تلت سنين.
بهلول : طبعا انتى ناسيه أن أى أنس بيعدى من النفق دا لو عدى أصلاً، النفق بيحفظ جسمه ولو عدى تانى وحاول يرجع بيحرقه بأشعه مميتة ، وقدامه ثلت سنين على الأقل عبل ما النفق ينسى شكل جسمه.
كارما : طول عمر سورانديك مبيفكرش الا فى نفسه ، بس بينى وبينك دى أكثر حاجة بسطانى علشان كده انا كمان خبيتها على (علي) أنا نفسي يقعد هنا علطول مش ٣ سنين بس!
******************************
ينظر (علي) يمينه ويساره فيجده مكان واسع مرصوف كالطرق من كل الجهات على مرمى البصر ولكنه فى وسع الصحراء وعلى مرمى البصر من أمامه بشكل بعيد جدا، بعض البوابات وأمام كل باب حراس يتخلل هذا المكان المرصوف بعض النافورات المربعة الشكل خضراء اللون.
يفوق من هذا من منظر هذا المكان العجيب على صوته وهو يسعل بشدة بطريقة هستيريا
(علي): مالك سلامتك ، خد اشرب انا معايا ميه، انت لازم تكشف انا بقالى فترة كل ما أشوفك الاقيك بتكح جامد كده !
بعد أن يرتوى يتكلم بصوت منبوح : متشلش همى ، المهم انا جبت معايا كاب ونظارة وعاوزك كمان تدهن وشك بالدهان الاسود ده علشان تتخفى ومحدش يشك فيك من الحراس ، والكاب دا صنعته مخصوص فيه البتاعة الطويلة دى علشان تخبى شكل ودنك .
يستند سورانديك عليه قبل أن أن يسقط ، يسنده علي ويرقده على الأرض .
(علي) بخضة : مالك يا فيك ايه
سورانديك : سامحنى يا (علي) ، انا خبيت عليك أنك مش هتعرف ترجع عالم الأنس تانى الا بعد ٣ سنين على الأقل .
ينظر اليه طويلاً بذهول
يكمل سورانديك وعينه تدمع : انا عاوزك تأخد بالك من نفسك .
يتحسس وجهه ببطء : انت متستهلش تموت يا علي ، انت أطيب انسان قابلته، انا آسف إنى هسيبك لوحدك هنا، وآسف إنى وقعتك فى كل الحوارات دى، يا ريتنى كنت مت قبل ما أسافرك هنا، ثم يكمل بابتسامة ألم : بس نصيبك بقى يا لول، دا سوء حظ منك
تدمع عيناه اكثر : انا طول عمرى عايش لنفسى، دلوقتي بس صدقت كلام كارما إنى لو كنت عشت اجمع فى حب الناس كان أحسنلى، يتنهد ببطء : أرجوك سامحني، وخد بالك من نفسك عبل ما تعرف ترجع تانى لعالم الأنس.
تُغلق عيناه ببطء وتسقط يده إلى جانبه
ما زال (علي) ينظر اليه فى ذهول مصدوماً من وفاته، لا ينطق بأى كلمة !
يرُج علي الجثة بعنف ويصفعه بعض الصفعات ليفيقه ، ولكن لا استجابة فقد أصبح جثة هامدة فى لمح البصر!
********************************
*فى واحدة ست عاوزه حضرتك برا*
أدهم : دخلها
أم علي : فين الفلوس يا أدهم
أدهم : فلوس ايه يا ست انتى ؟
أم علي : مش علي موصيك قبل ما يسافر انك تدينى فلوس شهرية لإحتياجاتى واحتياجات البيت، من ساعة ما سافر ومشوفتش منك ولا مليم، وانت استوليت على كل حاجة وقفلت محلات ابنى، وخدت محلات بتاعتك لحسابك انت، وسرقت بضاعة ابنى وحطتها فى محلاتك وغير الآلة بقيت تستخدمها لحسابك ، دا جزاته أنه وثق فيك وحكالك عن الآلة ، بقى انت صاحبه انت ، تسرق صاحبك اللى استأمنك على أمه وفلوسه.
أدهم : علي دا قفل مش وش انه يبقى بيه، انا اللى المفروض ابقى بيه مش ابقى شغال عند عيل زى ده وهو اللى ريس عليا، وانا محدش ليه عندى حاجة وعلي مش هيشوف الآلة دى تانى، انا استوليت عليها خلاص واعتبرينى اه سرقتها وسرقت بضاعته، وانتى مش عاوزه اشوف وشك هنا تانى، ثم يكمل بسخرية : وبما انك كده كده مش هتعرفى تسحبى فلوس علي اللى فى البنك لأن كل حاجة باسمه ، ابقى روحى بقى اشتغلى خدامة فى البيوت علشان تصرفى على نفسك بعد كده هو دا مقام اللى زيك بزمتك دى أشكال وش نعمة ثم يعلى صوته : يلا من هنا، يلا برا.
*******************************
يختبئ وراء أحد النافورات خائفاً، يضم قدمه إلى صدره ، ينظُر إلى جثة سورانديك من بعيد مذهولاً ، منتظراً أن يأتى أحد ما ويراها
مرت الدقائق … والساعات…. مرت على قلبه ببطء وخوف شديد أن يفضح امره ويكتشف أحدهم انه ليس من الجان!
بعد فترة طويلة من الوقت..
يسير أحد الحراس وهو يتحدث فى الهاتف فترصد عيناه الجثة، يغلق هاتفه سريعاً، ينادى لبعض زملاءه، يأتون مهرولين، يقلبون الجثة من جميع النواحى فلا تستجيب ، فيحملون الجثة ويذهبون.
تبتعد جثة سورانديك شئ فشئ ….
يترقب علي كل هذا من بعيد فى صمت شديد ما زال فى ذهول يدور بخاطره ألف فكرة وفكرة عما سيفعله الآن بمفرده ، وجهه عبوس من قلة حيلته ، وحاله الذى وصل اليه !
ماذا سيحدث له وهو الآن بمفرده فى عالم الجان؟
لم يستطيع عبور النفق الا بعد ٣ سنوات؟
لم يستطيع عبور النفق بمفرده من الأساس يلزمه جنى مرافق؟
ماذا سيحدث له اذا اكتشف أحد انه من عالم الأنس؟
يتعب من كثرة التفكير إلى أن تكاد رأسه تنفجر من كثرتها ، فيضع رأسه على ركبتيه من التعب ويبكى بغزارة ، إلى أن يغلبه النوم فيغط فى نوم عميق !
************************************
كارما : لا مش قادرة استحمل كده كتير أوى اكيد حاجة حصلت، يكون مات من سورانديك فى النفق ومعرفش ينقذه.
بهلول : هو سورانديك غبى دا محتاجه أكيد مش هيستهتر فى حوار زى ده .
كارما : يبقى قوم بينا نروح عند البوابات.
***********************************
بهلول : مكنتيش قادرة تستنى للصبح.
كارما : دلوقتي أحسن علشان محدش يشوفنا.
ينتظران حوالى ساعة
بهلول : محدش بدل ورديته كل ده، انا خايف النهار يطلع.
كارما : استنى فى واحد بيتكلم فى الاسلكى اهوه.
الحارس : ايه اللى آخرك متأخر نص ساعة على ورديتك، طب هجيلك القاعدة اسلمك اللاسلكى والجهاز، يلا سلام ، ولا اقولك قابلنى فى الطريق علشان منسبش البوابة فترة طويلة لوحدها .
**********************************
بهلول : ادينا دخلنا هنعمل ايه دلوقتي.
كارما : هندور عليه ، بس الدنيا كحل أوى.
***** بعد فترة من الوقت ****
بهلول : دى آخر نافورة ممكن يستخبوا وراها وبرده مش موجودين.
كارما : يعنى ايه ، معقولة مواصلوش كل ده.
بهلول : أو وصلوا، وعرفوا يعدوا من البوابات بس سورانديك مرجعش بيه على البيت.
**********************************
*فى أحد أسواق عالم الجان*
يتجول (علي) بلا هدف، يتلفت يمين ويسار، يتفقد المكان بغرابة، يشبه تماماً أسواق البشر، إنهم أمم مثلنا، فقط التغير فى شكل الأشياء كشكل تصاميم الملابس والأحذية وغيرها لكن المأكولات والمشروبات كما فى عالم الأنس فى الشكل والحجم لكنه لم يجرب الطعم إلى الآن وهذا لا يمنع بوجود بعض الأطعمة التى يرأها لأول مرة ، يتسائل لماذا لم يخبره سورانديك انهم لديهم نفس الأطعمة وجعله يحمل الأطعمة فى حقيبته طوال الطريق.
بعد فترة من المشى وضع حقيبته وجلس ليستريح قليلاً ، فمر منادياً راكباً على أحد السيارات أشبه بالموتسيكل الذى يحتوى على سيارة نقل ، ينادى أن ملك الجان يريد من يقرأ اللغات ليترجم له رسالة وسيتقاضى أجر وفير ومطلوب على وجه السرعة .
حمل علي حقيبته سريعاً وسار وراء المنادى
****************************
*فى أحد الحوارى*
كارما : ايه ده هما الحرس بيعملوا ايه فى شارعنا .
بهلول : تعالى نسأل البقال ، بقولك يا عم زغروط هو فى ايه ؟
زغروط : البقاء لله، بيقولوا سورانديك مات وعاوزين حد يستلموا من المستشفى .
كارما : وحد راح.
زغروط : هوا ليه حد دا مقطوع من شجرة ومحدش عمره كان بيحبه ، الله اعلم بقى يدفنوه فى مدافن الصدقة !
*********************************
فى أحد الشوارع الخالية بعيد عن الأسواق مازال المنادي ينادى
سواق عربة المنادي : ما كفاية كده بقى النهاردة التعليم فى عالم الجان قليل ما انت عارف مفيش فايدة بقالنا 6شهور بندور على مترجم ، وكده كده مجهود على الفاضي ، اهوه بنريح الملك وخلاص !
المنادى : على رأيك، يلا ارجع للقصر.
ينادى علي عليهم : يا باشا ، يا فندم
يلتفت المنادى والسواق فى نفس الوقت
السواق : خير يا أستاذ؟
علي : أنا عاوز اشتغل الشغلانة اللى انتوا بتنادوا عليها دى.
المنادى باستغراب : انت بتفهم فى اللغات!
علي : ايوه، الحمد لله
السواق بتعجب : طب اركب.
********************************
تجول يميناً ويساراً داخل الغرفة بتوتر ثم تسترد بتوتر أكثر : سورانديك مات !
ثم تصمت قليلاً وتكمل : مات عند البوابات يا بهلول ، دا معناه انهم وصلوا وان (علي) تايه دلوقتي فى عالم الجن ، ثم تسترد بعصبية : ايه مشاه الغبى كنت هجيله ، زمانه نايم فى الشارع ، انا مش عارفه الاقيه ازاى دلوقتي .
بهلول بتلعثم : ما جايز …. اقصد يعنى …… مات فى النفق.
كارما بخضة : فال الله ولا فالك، سورانديك مش غبى علشان يسيبه يموت زى ما انت قلت ، ان شاء الله عايش ولازم ندور عليه.
*******************************
*فى الطريق إلى قصر الملك*
المنادي : هو حضرتك منين من المنطقة؟
علي بتوتر : ساكن فى منطقة شعبية اوى فأكيد متسمعش عنها.
السواق : اصل قليل لما بنلاقى حد بيعرف لغات!
علي : هو الرسالة دى مين باعتها للملك؟
المنادى : وغلاوتك يا بنى ما عارفين احنا بقالنا اكثر من ست شهور نطلع ننادى ونرجع ايد ورا وايد قدام!
علي يخاطب نفسه متعجباً : ايد ورا وايد قدام، دا بيتكلموا شعبى اوى نفس لهجتنا بالظبط !
المنادى:امال حضرتك كنت فين من أول مابدأنا ننادى على المترجم ، دا المملكة كلها عارفه !
علي بتلعثم : أصل كنت مسافر ورجعت .
*أمام بوابة القصر*
السواق ينادى : افتح يا عم زغزغة خلصنى، انت يا بواب ؟
زغزغة : مين اللى معاكوا ده، أخيراً ! معقولة ربنا نصفكوا.
المنادي : دا فيها حلاوة اد كده من الملك لو عرف يترجم؟
علي يضحك فى نفسه : زغزغة ايه الاسم ده!
******************************
تنظر بنت ملك الجان الصغرى من شباك غرفتها تتفقد ما يحدث فى الأسفل بتمعن.
الفصل التاسع سر الاله الزرقاء
"كل شيءٍ هنا بين الجنون والخيال. صرخاتٌ لا يسمعها أحد، وجدرانٌ تتساقط في قلب (علي) قبل أن تسقط على عينيه. ظنَّ أنه يهرب من ماضيه، لكنه استيقظ ليكتشف أن النفق لم يكن سوى مرآة لهلاوسه. ماتت كارما في قلبه ألف مرة قبل أن يراها تذوب في لوحته الفارغة. وحين ظنَّ أنه انتحر، وجد أن الموت ما زال أبعد مما يظن. هنا، في عالم الجن، لا شيء يشبه الحقيقة... ولا شيء أبعد عن الجنون."