سكريبت قصير بقلم/ رنا محمد، يحمل في طياته رسالة مهمة أن الكلمة، والدعوة الطيبة قد تغير مشاعر شخص، بل حياته.
سكريبت قصير
عمرك حسيت إن كلمة صغيرة قلبت يومك كله؟
أهو ده بالظبط اللي حصل معايا لما كنت راجعة من الشغل تعبانة، مخنوقة من الدنيا، ومش طايقة أبص في وش حد…
لكن فجأة وقف قدامي راجل كبير في السن يمكن قد جدي وهو بيبتسم وقال:
_ربنا يجعل أيامك فرح يا بنتي، ويكتبلك في كل خطوة سلامة
اتخضيت… بس ابتسمت غصب عني، وحسيت إن دعوته ليا جات في وقتها، عارف لما تحس كأن هم كبير وإنزاح من على قلبك؟ هو بالظبط كانت كلماته كده
كملت طريقي ودمعة صغيرة نزلت من عيني، دمعة مش وجع… دمعة راحة، وأنا لسه بسرح في الدعوة دي سمعت صوت شاب ورايا بيقول:
– ممكن أقولك حاجة؟
بصيتله باستغراب ورديت على عكس العادي، النهاردة يوم كل حاجة غريبة تقريبًا!
_اتفضل
_ابتسامتك بعد الدعوة دي فرّحتني أنا كمان
_بتاع ايه؟
_افندم؟
_بتاع إيه تبسطك وتفرحك إنت كمان؟
_يمكن علشان ملامحك اللي كانت زعلانة وباهتة دي ميليقش عليها غير الفرح
قال كده ومشي وسابني من غير ولا حرف زيادة منه أو مني! ساعتها اتلغبطت معرفتش أرد، لكن لقيت نفسي بضحك من قلبي على اللي بيحصل.
المشهد الثاني
رجعت البيت ولسه الكلمة اللي قالها بتلف في دماغي…
إزاي واحد غريب ياخد باله من ملامحي بالشكل ده؟! وإزاي كلمة منه تقلّب يومي من غم لابتسامة؟
عدّى كام يوم ولقيته بالصدفة في نفس الكافيه اللي بروح أذاكر فيه أيام ثانوي، وأشتغلت فيه بعد الكلية، كان قاعد بيكتب حاجة في دفتر صغير، وملامحه فيها نفس التركيز اللي خلاني ألاحظ إنه مش شخص عادي.
مردتش أتكلم وحاولت أخليه يحافظ على هدوءه وشغله، بس هو رفع عينه فجأة وابتسم:
_عاملة إيه؟
_أنا؟
_مفيش غيرك على ما أظن!
_الحمد لله، شكرًا لسؤالك
_لا شُكر على واجب
_حضرتك تحب تطلب إيه؟
_أيس سولتد كراميل
_حاضر
دخلت وبدأ زميلي في الشغل يحضرله طلبه، وبما إن المكان لسة مفيهوش ناس كتير علشان إحنا لسة الصبح ففضلت واقفة مستنية الطلب يخلص علشان اوديهوله
_اتفضل
_تسلم إيدك
_تسلم
طريقته عجيبة وأنا ردودي أعجب! عمري ما رديت على حد في شغلي هنا سواء بحلو أو وحش، ليه برد على ده بالذات!
_مش يمكن بينا حاجة مشتركة؟
_حضرتك ميصحش كده
_أنا آسف لو بضايقك، بس والله غرضي شريف
_وإيه هو غرضك يا أستاذ؟
_نتعرف
_لا والله مبتعرفش، عن إذنك
سيبته وأنا متلخبطة جوايا صوت بيقول
_هو شكله صادق
وصوت تاني بيقول
_هو زي أي حد بيحاول يلفت انتباهك وخلاص.
المشهد الثالث من سكريبت قصير
قررت أقطع التفكير ورجعت أركز في شغلي، لكن اللي محيرني إن تاني يوم لقيته موجود في نفس الكافيه، قاعد على نفس الترابيزة…
والأغرب بقا إنه محاولش يكلمني ولا يضايقني، بالعكس كان مشغول بدفتره والطلب اللي قدامه
كل شوية عيني تروح عليه من غير قصد، ولما ألاقيه مركز، قلبي يهدى… ولما يرفع عينه ويلحقني ببصة سريعة، قلبي يتلخبط تاني.
عدّى أسبوع وهو بييجي كل يوم تقريبًا، ومع إني مكنتش بكلمه، بقيت متعودة على وجوده كأني مستنية اللحظة اللي أشوفه فيها.
وفي يوم… وأنا بلم الترابيزات بعد ما الزحمة خلصت، لقيت ورقة صغيرة على الترابيزة اللي كان بيقعد عليها، مكتوب فيها:
_أنا مش عايز أضايقك، ولا عايز أضغط عليك، بس أنا حاسس إني عايز أتعرف عليكِ بجد، لو موافقة هسيبلك فرصة تردي بنفسك ولو مش موافقة، مش هتشوفيني هنا تاني.
وبعدين في الحيرة دي؟ المفروض أعمل إيه في موقف زي ده!
خلصت شغلي وروحت البيت وأنا لسة تفكيري شغال في نفس الموضوع، وهل هديله فرصة ولا لا!
المشهد الرابع
المشهد الرابع من سكريبت قصير:
_اتفضل
_بس أنا لسة مطلبتش حاجة!
_اه عارفة، بس انت دايمًا بتطلب نفس الطلب فبديهيًا جبتهولك
_اعتبره موافقة منك
معرفتش أرد ولا أقول حرف ابتسمتله بكسوف كبير لدرجة إن خدودي احمرت وبعدت عن ترابيزته بكل هدوء، لكن هو في اليوم ده فضل مركز معايا زيادة عن كل مرة، ده حتى مكتبش في الدفتر اللي دايمًا ملازم إيده.
فضل قاعد لحد ما خلصت شغلي وطلب مني اقعد نتكلم شوية، للصراحة وافقت
_أنا عمرو، بشتغل مُبرمج، عندي 25 سنة وعايز اتقدملك
_المفروض أقول ايه؟!
_اسألي السؤال اللي تحبيه، اعتبريها قاعدة مبدأية بينا على ما آخد ميعاد مع أهلك وأتقدملك
اتصدمت من صراحته… هو لسة بيقول اسمه وبيحكيلي عن نفسه وفجأة جاب سيرة الجواز كده ببساطة!
– حضرتك، إحنا حتى متكلمناش غير كلمتين على بعض!
– عارف بس ساعات في حاجات بتتحس مش بتتقال، وأنا من أول مرة شوفتك كنت حاسس إني لاقيت اللي بدوّر عليه.
كلامه خلاني أسكت، مش عارفة أرد جوايا جزء عايز يصدّق، وجزء تاني خايف يكون وهم.
– بص يا عمرو، أنا مش ضد إني اتعرف ونشوف الدنيا هتودينا فين وموضوع الجواز وكلام كبير كده مش سهل إن انا اللي أديك فيه رأيي
– تمام، مطلبتش أكتر من كده ناخد فرصة نتكلم ونفهم بعض
من اليوم ده ابتدت حكايتنا، كلام بسيط كل يوم في الكافيه، سؤال عن يومي، ضحكة صغيرة في وسط الشغل، نظرة بتطمني إن في حد مهتم.
مع الوقت بقيت مستنية أشوفه زي ما كنت بستنى دعوة الراجل الكبير اللي شوفته أول يوم
المشهد الخامس
_على ما أظن كده خلاص بقا، أجي أقعد مع مامتك!
_ما هي عزماك على الغدا يوم الإثتين وبتقولك متتأخرش
_من الأحد بالليل هكون تحت بلكونتكم
ضحكت على كلامه وهو كمل
_ عارفة، يمكن ربنا بيبعت لنا ناس في طريقنا مش بس عشان يفرّحونا، يمكن كمان عشان نلاقي نفسنا فيهم
مشيت معاه خطوتين، ومن غير ما نخطط لقينا نفسنا بنتكلم بعمق كبير، حكالي إنه كان تايه برضه، وحاسس إن حياته وقفت في مكان مفيهوش أمل ولما شاف ابتسامتي حس إنها رسالة ليه، ومن هنا ابتدت الحكاية.
من يومها وأنا مؤمنة إن الكلمة الحلوة مش بس بتغير يومك ممكن تفتح باب لحياة جديدة، لقلب يطمنك، وشريك يكمّل معاك المشوار، يمكن دعوة راجل كبير في الشارع كانت مجرد صدفة لكن بالنسبة ليا، كانت بداية نصيب جميل.. جميل أوي.
༺༻༺༻༺༻༺༻༺༻༺༻༺༻༺༻
بقلم رنا محمد “حبة البُندق”
وفي الختام، رأيكم يهمنا، اترك تعليقًا عن رأيك في القصة، وهل حقًا الكلمة الطيبة مؤثرة؟ واذكر لنا مواقف مشابهة لك مع أثر الكلام الطيب.
للمزيد من الاسكريبتات، والقصص القصيرة، تفضل بزيارة منصتنا عوالم من الخيال، سوف تجد العديد من القصص الممتعة، والشيقة.