قصص رومانسية بالعامية طلقة افاقة

قصص رومانسية بالعامية، قصة “طلقة أفاقة”، التي تحمل رسالة في طياتها أن طلقة النهاية قد تكون طلقة الأفاقة، تابع الأحداث.

قصص رومانسية بالعامية طلقة أفاقة

الكافيه شبه فاضي، الكراسي متفرقة والجو ساكن، وصوت فيروز بيغني في الخلفية كأنه بيلمّ الشتايت المكسورة. ريحة القهوة مالية المكان، بتحاول تداري على وجع مخنوق في الهوا.

إيهاب كان قاعد في آخر القاعة، عينه شايلة سنين تعب ووجع. شكله هادي من بره، بس جواه كان في معركة مالهاش صوت.

 

ليلة دخلت وهي مترددة. وقفت لحظة تدور عليه، وبصّت ناحيته… قلبها اتقبض.

قربت بخطوات بطيئة، قعدت قصاده. بينهم ترابيزة صغيرة… لكن الحقيقة إن بينهم كان في ألف وجع وسنين طويلة من الصمت.

 

إيهاب رفع عينه، سابها ساكتة لحظات، وبعدها صوته طلع هادي، لكنه مليان مرارة:

 

ــ “أنا كنت بحبك…”

وقف لحظة، وكمل:

ــ “كنت بحبك بجد… مش حب عادي، لأ، ده حب خلاني أنسى الدنيا كلها. نسيت نفسي، نسيت كرامتي، نسيت أنا مين. بقيت مجرد واحد موجود عشانك… مش عشان يعيش، لأ… عشان يرضيكي.”

 

ليلة حاولت تقاطعه، صوتها كان ضعيف:

ــ “بس أنا…”

 

رفع إيده كأنه بيوقفها:

ــ “مفيش (بس). أنا كنت بعمل كل المطلوب، بحب… بإخلاص… بصبر. وإنتِ خدتي ده كأنه شيء مسلم بيه، كأني آلة بتنفذ، كأني زرار بتدوسي عليه. عمرك سألتيني عني؟ عن اللي أنا حاسس بيه؟ لا… وأنا كنت ساكت، وراضي، وبقول (ماشي) كل مرة… لكن جوايا كنت بانهار. لحد ما جه اليوم اللي فوقت فيه.”

بقية المشهد الأول

سكت شوية، خد نفس عميق كأنه بيطلع من غريق، وصوته اتغير:

ــ “عارفة يعني إيه تفوقي من غيبوبة؟ كأنك بتطلعي من بحر غريق وبتتنفسي لأول مرة. أنا فوقت… وفهمت إني كنت بحبك أكتر من نفسي. وده كان أكبر غلط ارتكبته. بس فوقت من الغلط ده.”

 

عين ليلة دمعت، وشفتها ارتعشت:

ــ “إيهاب… أنا مكنتش…”

 

قاطعها وهو عينيه أول مرة تبص جواها بصدق:

ــ “أنا عارف… يمكن إنتِ مكنتش تقصدي… يمكن كنتي غرقانة في نفسك برضه. بس أنا النهارده شايف الصورة كاملة.”

 

اتنهد، وصوته بقى ثابت أكتر:

ــ “عارفة؟ في ناس بتقول إن الطلقة مؤلمة… قاتلة. بس أنا جربت طلقة من نوع تاني. طلقة وجعتني، بس ما موتتنيش… صعقتني… فوقتني. الرصاصة دي خرجت من قلبي، خدت معاها كل وجعك، كل ذكراك، كل اللي كنت فاكر إنه حب. ولما خرجت، عرفتني على حاجة ما كنتش شايفها…”

 

قرب بجسمه لقدام، وقال ببطء:

ــ “قالتلي: نفسك… تستاهل تحبها.”

 

وقف، وبصّ لها للمرة الأخيرة بنظرة صافية، مختلفة.

ــ “ليلة… أنا مش راجع تاني. المرة دي أنا رايح لنفسي.”

المشهد الثاني

سابها وقام، الكرسي فضل فاضي وراه، وهي فضلت قاعدة مكانها، الدموع بتنزل بس من غير صوت.

 

إيهاب خرج في الشارع، الهوا البارد ضرب وشه كأنه بيغسله من الماضي. خطواته كانت هادية بس مليانة قرار جديد.

طلع موبايله، فتح الصور القديمة… مسحها.

فتح الشات… حذف.

ابتسم ابتسامة صغيرة، بس حقيقية لأول مرة من سنين.

 

ــ “أخيرًا… أول قرار أخده عشان نفسي مش عشانها.”

 

 

مرت أيام. إيهاب بدأ يتمرّن، يفضي غضبه وتعبه في الحديد. كل دمعة قديمة اتحولت لطاقة، كل كلمة اتكتمت بقت في عضلة جديدة بتتشكل. المراية قدامه ما كانتش بتوريه جسم بس… كانت بتوريه رجل جديد بيتخلق.

المشهد الثالث

رجع البيت، قعد على مكتبه. قدامه ورق أبيض وقلم. كتب في أول صفحة:

ــ “ليه لازم أحب نفسي الأول؟”

 

ابتدى يكتب… عن كل مرة ضحّى من غير ما ياخد، عن كل وجع كان بيسكت عليه، عن كل حاجة مش هيسمح يتكرر بيها.

 

سمع فيروز من جديد… المرة دي مش وجع. صوتها كان بيحضنه، بيديله طمأنينة.

كأنها بتهمس له:

ــ “إنت مش لوحدك… بس لازم تكون لنفسك قبل أي حد.”

 

قصص رومانسية بالعامية المشهد الرابع

بعد فترة، إيهاب واقف في شركة كان بيتمنى يشتغل فيها من زمان. لابس قميص أبيض وبنطلون أسود، مهندم، صوته واثق وهو بيقدم نفسه. عينه فيها نور مختلف.

نور راجل مش محتاج يثبت نفسه لحد… غير لنفسه.

 

ابتسم ابتسامة هادية، وقال جواه:

ــ “أنا كفاية… زي ما أنا. ولو جالي حب تاني… هيتحبني كده. من غير ما أضحي بيا تاني. أنا رجعت… ليا.”

بعد آخر لقاء بينهم، كانت ليلة أول مرة تحس إن القدر متفق مع الوجع ضدها. كأن الدنيا مصرّة تعلّمها درس جديد، بس بطريقة تفوقها غصب.

 

كانت واقفة قدام واجهة مكتبة، عينيها بتجري بين عناوين الكتب من ورا الزجاج. فجأة، نظرتها اتعلقت بشخص مألوف. قلبها اتلخبط…

 

إيهاب.

 

لكن مش نفس إيهاب اللي عرفته قبل كده.

وشه منوّر، هدومه أنيقة، خطواته واثقة كأن الأرض بتمهدله. ضحكته طالعة صافية وهو بيتكلم مع صاحبه، ضحكة كانت زمان ملكها هي… وبقت دلوقتي غريبة عنها.

 

ليلة اتسمرت مكانها. قلبها بيخبط بسرعة كأن بيحاول يفوقها من صدمتها.

“ده إزاي؟ إزاي رجع لنفسه من غيري؟ إزاي أنا اللي كنت نصه التاني… بقت حياتي أنا ناقصة وهو كامل كده؟”

 

الذنب اتجمع في صدرها زي حجر تقيل.

 

إيهاب لمحها. عينه جت عليها، لمسة سريعة… لكن ماوقفش. ما ابتسمش. ما رجعش خطوة.

كانت بصّة محمّلة بكل اللي اتقال زمان وما اتقالش. كأنها جملة صامتة:

“أنا مبقتش ملكك… أنا بقيت ملك نفسي.”

 

ليلة أخدت خطوتين صغيرة ناحيته، لكن رجليها خانتها. عايزة تناديه، تعتذر، ترجع حاجة من اللي راح. بس لقت نفسها بتبص له وهو بيبعد، خطواته رايحة لحياة جديدة مش هي جزء منها.

 

دمعة ساخنة هربت من عينها. جواها صوت خافت، قاسي، بيتردد:

“إنتي اللي ضيعتيني يا ليلة… وأنا اللي لقيت نفسي.”

 

المشهد الخامس

الليل بعدها جابها للمكان نفسه اللي شافوا بعض فيه أول مرة. كأن القدر لسه بيكمل لعبته معاهم.

ليلة قعدت مستنية، قلقها ظاهر في عينيها، دقايق طويلة بتعدي كأنها ساعات.

 

وفجأة… إيهاب دخل.

خطواته ثابتة، حضوره تقيل، شكله مش بس متغير… ده روحه كلها متجددة.

قعد قصادها، والصمت نزل بينهم زي ستارة تقيلة بتخنق الكلام.

 

ليلة كسرت التردد وقالت بصوت مهزوز:

“إيهاب… إنت اتغيّرت.”

 

ابتسم ابتسامة هادية، عميقة، وقال وهو ثابت:

“كنت لازم أتغيّر… عشان أرجع ليّا.”

 

صوتها اتشرخ وهي بتكمل:

“أنا… غلطت.

استغليت حبك، ونسيت قلبك، وكنت فاكرة وجودك مضمون. ما فهمتش إن الحب مش بس يتاخد… لازم يتصان. وإنت… إنت كنت أجدع وأوفى من كل اللي عرفتهم.”

 

سكت، عينه مغروسة في عينيها.

“عارفة يا ليلة… زمان كنت بستنى الكلمة دي منك. كنت بستنى الاعتذار… بستنى إنك تفهميني، حتى نظرة زي دي. لكن دلوقتي… ما بقيتش مستني حاجة.”

 

إيدها ارتعشت وهي بتحطها على الطرابيزة، صوتها متوسل:

“بس أنا لسه… بحبك.”

 

ضحك ابتسامة صغيرة، مافيهاش سخرية… فيها رحمة، يمكن شفقة:

“الحب اللي بييجي متأخر… شبه القطر اللي فات المحطة. ينفع تبصي له من بعيد… بس عمره ما هيرجع.

 

أنا حبّيتك بكل ما فيا… وضحيت بكل حاجة.

بس في يوم… جالي طلقة.

طلقة وقعت جوا قلبي زي صعقة كهربا.

وجعتني آه… بس فوقتني.

خلتني أعيش.

خرجت من قلبي آخر وجع ليكي… ومعاه خرجت إنتي.

 

والرصاصة دي قالتلي جملة عمري ما هنساها:

نفسك… تستاهل تحبها.”

المشهد السادس

وقف، بصّ لها آخر نظرة، نظرة وداع هادي ومليان يقين.

هي فضلت قاعدة، دموعها نازلة من غير صوت، كأنها بتتفرج على آخر مشهد في فيلم كانت بطلتُه… لكن بطلُه ما بقاش بطلها.

 

إيهاب مشي بخطوات مليانة حياة جديدة… وحط ورا ظهره كل ماضيه.

أما ليلة… فضلت قاعدة بين الدموع والفراغ، عارفة إن القطر فات، وإن المحطة دي… هتفضل محطة وجعها للأبد…!

#طلقة_افاقة

#صبا

#سكريبت

 

للمزيد من قصص رومانسية بالعامية، زوروا موقعنا عوالم من الخيال، الذي يقدم العديد من الروايات، والقصص، والاسكريبتات المختلفة.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *