أنا واحد من اللي نجوا من موقعة موت الكُتَّاب
ولو الموضوع غريب على سمعك شوي فتعالى أحكي لك القصة من أولها
أنا محمد ابو الحسن اسماعيل كاتب معاصر شغوف بالكتابة في فن الرعب.. مشهور برواياتي اللي شحنت الجيل الجديد بطاقة شديدة وحب استطلاع لكل ما يخص عالم الماورائيات، وأعتقد أنك سمعت عني.
وفي مرة جالي عرض من واحدة من المنصات الجديدة اللي بتدعم الكُتَّاب وتنشر أعمالهم بشكل يومي أو أسبوعي وبصراحة وافقت عليه.. علشان أنا من النوع اللي بيحب يكون قريب من الجمهور وكمان علشان دي أول منصة متخصصة في قصص الرعب وبس.
أنا معرفش مين صاحب المنصة ولا الشخص اللي تواصل معايا أعرفه شخصيًا ولكن شكل المنصة من أول التصميم لحد الشروط اللي وضعت في العقد.. كلها لفتت نظري لأنها مميزة…
يعني مثلًا واحدة من الشروط دي إننا نعمل إجتماع كل سبعة وعشرين يوم الساعة ثلاثة وسبع دقائق صباحًا، في البداية لما قرأت الشرط.. كنت فاكر إنها مجرد مزحة ولكن اكتشفت إنها حقيقة.
وعدت الأيام ومضيت العقد، لحد ما بالفعل وصلنا لأول إجتماع بعد سبعة وعشرين يوم.. وفي نفس المعاد المذكور بالدقيقة تليفوني رن…
“حفلة في حضور الوحش666”
في الوقت ده كنت لسه حالًا مخلص رواية معرض القاهرة الدولي للكتاب.. مفاتيح مدينة النحاس.. وكنت رايح أنام.. لما سمعت صوت الهاتف أتخضيت مش علشان صوته رعبني.. لأ، بل علشان لما قربت من التليفون أكتشفت أنه مش بيرن في الأساس!
أنا عامل الهاتف وضع الصامت.. وقفت شوي بحاول أفهم وفجأة التليفون رن في ايدي.. بلعت ريقي وأنا بفتح وبرد:
_ايوه مين؟
صوت أنفاس عالية من الجهة الثانية.. صمت لوقت طويل.. بعدين نطق جملة واحدة
” جهز نفسك علشان عندنا إجتماع”
الصوت سكت والمكالمة قفلت، بصيت للفون باستحقار وبعدين افتكرت موضوع الاجتماع.. غضبت جدًا من كونهم بيكلموني في وقت زي ده.. أغلقت الهاتف تمامًا.. ونمت.
الساعة في الوقت ده كانت حوالي الثالثة إلا خمس دقائق.. أنا من النوع اللي بمجرد ما أحط رأسي على المخدة بنام ومش بشعر بأي شيء بعدها..
“رقصة الوحش666”
بس استغربت لما بعدها صحيت على صوت حد بينادي عليا بصوت منخفض.. فتحت عيوني فجأة.. قومت مكاني بدور حواليا.
مديت ايدي ناحية الكوميدينو اخذت نظارتي لبستها.. طليت في ساعة الحائط اللي متعلقة قصادي.. راقبتها للحظات.. العقارب مش بتتحرك..
قومت من مكاني بسرعة وكأن صاعقة ضربتني.. لما حسيت بصوت حد ونفسه السخن في ودني..
بدأت أتلفت حواليا.. وأنا سامع ضربات قلبي..
صوت نقر شديد جاي من واحدة من زوايا الغرفة بس مش فاهم جاي من فين؟! فضل يتنقل من مكان للتاني لحد ما زاد جدًا من جوه الدولاب!
ركزت كل بصري معاه.. وأنا واقف مكاني مش قادر أتحرك بدأ جسمي يعرق وشامم ريحة كبريت شديد في المكان.. فجأة اتفتح باب الدولا ببطئ شديد.. وصوت تزييقه وهو بيفتح بينشر في جسمي.
خرج منه ببطئ وأنا واقف متحنط في مكاني وكأني تمثال.. حاولت أجري معرفتش.. قرب ناحيتي… هو حاجة مش ممكن تكون شوفت زيها قبل كده، كائن مش موجود منه غير نسخة واحدة.. نظرة عيونه لوحدها قادرة انها تشلك مكانك.
لو للبشاعة مسمى فأعتقد أنه هيكون هو ولو للخرافة اسم فهيكون هو.. وقف قصادي وبدأ ينفر في وشي بأنفاسه العالية.. رفع مخالبه وضربني ضربة قوية دفعتني للخلف بالقدر اللي خلاني ألزق في الحيط
كل ده وأنا عيوني مش عايزة تقفل.. فمي وكأنه إتلحم مش قادر حتى أصوت.. زي ما يكون اتحولت لدمية بشرية مش بتعمل شيء غير المشاهدة وبس.
“ترنيمة الهلكوت”
رغم كل الألم اللي فيا.. وعيوني اللي دموعها بتجري خلف بعضها وأنا مشلول مكاني مش قادر اتحرك.. إلا إني قدرت انطق كلمة واحدة وأسأله:
” مين؟! ”
رد عليا بصوت فحيح وذيله بملمسه الموحش بيتلف حوالين عنقي وبيقول:
” أنا الأبدية”
بعدها رفعني بذيله لفوق خبطني في السقف والدنيا إسودت في وشي.
فتحت عيوني لقيت نفسي في مكان مظلم.. بيحيط بيا سبع أشخاص بيرتدوا السواد.. رؤوسهم رؤوس مختلطة بين الكلب وبين الثور وعندهم قرون طويلة
بدأو يغنوا مع بعض أبيات في نغم مزعج خبيث بشع.. مش فاهم معناها بالأساس ولكنها بتدب الرعب في قلبك لمجرد ما تسمعها..
شقَّ العود.. عزف اللوُّد…. مَسحَ وأغرقَ كل بَنود
أودع فيَّ سر الخلود….. زمجر من ليل مولود
مشقشق من عين المولود…. لطَّخ بسواد الأخدود
جفداء الخزي الموعود…. يوفي بكلام مكتوب
لحم الحين…. عهد قرين.. يوشم بال الكاف يلي الميم.
صوتهم مزعج وكلامهم غريب.. فضلت أصرخ اصرخ بقوة وصوتي مش طالع.. وسط صراخي ظهر قط فوق صدري فجأة بدأ يصدر عنه صوت المواء الحزين وفجأة صرخ وكأنه قط متوحش..
وتوقف كل شيء واختفى من حواليا مع صرخته وكأنه ظلام وتلاشى.. علشان أقوم من مكاني ألاقيني في الحمام بتاع بيتنا راقد في وسط نجمة سداسية من الدم.
الحيطان كلها دم.. هدومي كلها لونها أحمر.. حسيت بوجع شديد في ذراعي.. خلعت البيجاما بطل مكان الألم لقيت وشم وكأنه حرق بثلاث أرقام666
اغتسلت بسرعة وخرجت بعد ما غيرت هدومي..
أنا مش فاهم ايه اللي حصل ولكني في حالة فزع ورعب لدرجة إني كنت بعمل كل شيء ببطئ شديد من كثرة ما أنا بتنفض.
بعد ما خلصت اخذت مفاتيحي وتليفوني ونزلت.. ساعتها الساعة كانت حوالي 5 وربع.. توجهت لبيت دكتور صاحبي.
عايش لوحده لذلك مترددتش إني اروح له… أول ما شافني قدام الباب في الوقت ده اتفزع.. فتح لي وهو مخضوض.
دخلني حكيت له كل اللي حصل.. ملامحه كان باين عليها الفزع ولكن أول ما وريته الوشم بحلق لي شوية وقام جاب أدواته وفحصها.. سكت وبعدين رجع يتكلم وهو باين عليه التوتر وقال:
” أنا دكتور جلدية وتجميل عدا عليا كل انواع إبر مكن الوشم اللي اتصنع في العالم لحد دلوقت.. وأول مرة في حياتي أشوف وشم زي ده”
بصيت له بإستغراب وأنا بقوله يعني ايه؟!
استرسل في الكلام اكثر وهو بيقول:
” كل أنواع الوشم بيكون على الجلد من بره.. الوشم حقك معتم أوي.. وده له نظرية واحدة وهي إن الوشم نازل بعد طبقات الجلد وواصل لطبقات اللحم… أديني اسم المنصة اللي تعاقدت معاك”
رديت عليه وقولت له اسم المنصة.. بعدها بخمس دقائق كان صاحبي بيعمل سيرش عن اسم المنصة.. ولمدة ثلاث ساعات من البحث عن أي حاجة تشبه اسم المنصة اللي تعاقدت معاها.. وكل النتائج بتقول أنه مفيش ولا اي موقع بالإسم ده!
” عهد النجاة الكاذب “
ودعت صاحبي وشكرته ونزلت.. فضلت ألف بالعربية في الشوارع.. بعدها رجعت البيت.. نمت من كثرة التعب مكنتش شايف قدامي.. محستشش بشيء.
فوقت بعدها بمدة مش فاكر قد أيه بس اعتقد إني نمت كثير أوي علشان جسمي كله كان واجعني
فوقت على صوت خبط شديد على الباب.. طلعت أجري أفتح، لقيت صاحبي واقف مخضوض ومعاه البوليس، بصيت لهم بتعجب.
صاحبي حضني بقوة وكأني كنت غايب.. دخلتهم وضابط الشرطة بدأ يسألني أسئلة غريبة من نوع..
_ كنت فين الأيام اللي فاتت؟!
_ فيه حد بيهددك؟!
_ هل ليك علاقة بفلان وفلان وفلان؟!
كل ده وصاحبي واقف بيتأملني.. بصيت له بتعجب وأنا بقول:
كنت هنا في الشقة.. أنا مش فاهم حاجة هو فيه ايه؟ لحظات وكنت بدأت افقد أعصابي تمامًا وانهار
صاحبي هداني والضابط قال لي انه خلال الاسبوعين اللي فاتوا فيه أكثر من عشرين كاتب اتقتلوا بطريقة وحشية جوه منازلهم بدون سبب وأني كنت متغيب بقالي اسبوعين حتى الشقة هنا دوروا عليا فيها ومكنش ليا وجود وإنه لولا البواب بلغ أنه شافني النهارده مكانوش هيعرفوا اني هنا…
طليت ليهم بتعجب وأنا بقول اسبوعين ازاي؟ انا لسه شايفك البارح يا علي لما سألتك على الوشم.. وبعدين بواب ايه اللي شافني وأنا كنت نايم؟
علي تعجب وهو بيقول لي:
يا محمد الكلام ده من حصل من اسبوعين ومن بعدها مشوفتكش؟!
مش دي المشكلة يا محمد المشكلة أنه خلال غيابك فيه عشرين قصة لجريمة قتل لعشرين كاتب اتنشرت من الاكونت بتاعك بكل التفاصيل.. كلها مشابهه جدًا للجرائم اللي حصلت للكتاب.
هنا مقدرتش انطق بكلمة.. صرخت عيطت قولت لهم مش حقيقي؟! انا معملتش حاجة صدقوني.
الضابط طل لي وهو بيقول:
صدقني يا أستاذ محمد لولا أنه مفيش ولا دليل يدين حضرتك كنت قبضت عليك دلوقتي بس للأسف تحليل مسارح الجرائم بتقول أنه مفيش احتمال 1 في المائة إدانة لك ولا أي حد.. دا غير إن قصصك كلها بأسماء ومواعيد وأماكن حدوث مختلفة
ويمكن ده الشيء اللي منعنا نقبض عليك علشان فيه قصص نزلت بعد ما حصلت.
الضابط أخذني كإجراء روتيني وأخذوا أقوالي اللي نفيت فيها إني بالأساس كنت بنشر القصص دي وإني خلال الفترة دي كنت نايم في شقتي بالفعل.
الدكتور النفسي حقي جه وشهد معايا إني بعاني من حالة إكتئاب بتخليني أنا بالأيام… صحيح المحامي تعب عقبال ما طلعني ولكن ده علشان حقيقي مفيش دليل واحد يديني
كل الجرائم اتقيدت ضد مجهول.. وأنا خارج من قسم الشرطة سمعت صوت بيهمس في ودني وبيقول:
” لقد قدمت فروض الطاعة ايها الناجي الوحيد”
رفعت ملابسي بطلع للوشم لقيته إختفى.. ركبت العربية ومشيت وبس كده.
تمت.
بقلم/آمنة محمد
جميلة كالعادة تسلم ايدك
جميل
جميل جدا