اسكريبت اجتماعي بقلم رنا محمد.
اسكريبت بقلم رنا محمد
هتخرج برضو وهتسيبني!
معلش عندي شغل.
كل يوم شغل، طب وأنا!
بكرة نتجوز ونبقى سوا في بيت واحد.
مظنش يا بشير.
وقفت بصلي واتنهدت. كملت السلم ونزل، وانا شايفة الدنيا حواليّا بتتلاشى. فعلاً زهقت — علاقتنا وإحنا ولاد عم كانت أحلى بألف مرة. ليه الشغل بقى ياخد كل وقته؟ وليه صحابه فجأة بقوا يتدخلوا في كل حاجة، سواء بتليفون، أو بخروجات مفاجئة؟
دايمًا بحسّ إني آخر حاجة ممكن تمر على باله. ولو خطرت — يبقى من باب الصدفة.
مشهد جديد من اسكريبت بقلم رنا محمد.
دخلت شقتنا بعد ما قابلته على السلم. أنا طالعِه بعد ما اشتريت الحاجات اللي هو عايزها، بس كانت رجعاتي مملوءة تضايق وهموم. مش عاجبني الحال اللي وصلنا له.
«مالك يا سمر؟»
«مفيش يا سلمى، هنام بس وهبقى زي الفل.»
«طب والحاجة اللي اشتريتيها؟»
«لما أقوم من النوم، ولو عايزة تاخدي حاجة خديها — ماليش نفس ليهم.»
«بشير مزعلك؟»
«لا خالص، ده حتى في الشغل.»
إحنا متعودين مانطلعش مشاكلنا برا — مهما كان حجمها. بنحاول نحلها سوا، من غير تدخلات قد تغيّر ملامح أي طرف بينا. لكن المرة دي، قررت أحط حد: يا إما نتظبط، يا إما الخطوبة تتراجع من أساسها.
نمت، لكن مش كتير — حوالي ثلاث ساعات. صحيت مفزوعة من التفكير. الموبايل رَن: بشير بيتصل. وقفت ثواني أتأمل الشاشة وبسأل نفسي: أرد ولا أسيبه يتصرف بطريقته؟ لكن حسمت ورُدّيت.
«ألو؟»
«إزيك يا سمر، كنتِ نايمة ولا إيه؟»
«آه.. كنت نايمة شوية.»
«طب كويس، أنا خلصت الشغل بدري النهارده. تعالي نخرج نتعشى برّه.»
«نتعشى! بص يا بشير، أنت عارف إني مش بحب النفاق. أنا مش عايزة أكل ولا خروجة — أنا عايزة أفهم إحنا فين من بعض يا بشير!»
سكت شوية، وبعدين ردّ بهدوء مزعج: «أنا فاهم إنك متضايقة، بس لازم تفهميني. الشغل مش هزار وأنا بعمل ده علشان بكرة نعيش سوا ونعيش مرتاحين.»
ردّيت: «طب وأنا يا بشير! أنا مش رفاهية في حياتك، أنا خطيبتك. عايزة أحس إني معاك مش على الهامش.»
«خلاص، خلينا نتكلم وجهاً لوجه بدل التليفون — أنا جايلك دلوقتي.»
قفلنا السكة. قعدت أبص في السقف وأسأل: يا ترى المرة دي هيسمعني بجد، ولا هنفضل نلف في نفس الدايرة المقفولة؟
تتوالى أحداث اسكريبت رنا محمد.
نص ساعة مرت، وبشير نزل وطلع السطح — الملتقى بتاعنا دايمًا هناك. السطح كان شاهد على مشكلاتنا، وعلى أيامنا السعيدة قبل ما يشتغل كله. طلعت لقيته واقف في نص الضلمة، ضوء عمود النور من بعيد بيحط ملامحه في إطار باهي. لما شافني، حسّيت في عينيه حاجة من الندم والخوف.
قعدنا على نفس الكراسي اللي دايمًا قاعدين عليها. الهوا بيهز فروع الزرع اللي زرعناها وإحنا صغيرين، وكبرت معانا وبقت مالية المكان.
«أنا آسف يا سمر. مش حابب أبدأ بكلام كبير، بس أنا غلطت. الشغل أخد مني أكتر من اللازم، ومهما أقول مش هيوافيكِ حقك. عارف إنك استحملتي كتير، بس إزاي أتصرف؟ الشغل ده لازم.»
ردّيت بحرقة: «بس كل يوم يا بشير، كل يوم نفس الحكاية. كل يوم بتختفي. اللي بينا بقى حسابات على حاجات تافهة. أنا مش عايزة آسف وخلاص — أنا عايزة فعل، عايزة حاجة تتغير فعلاً.»
سكت هو وبصّ بعيد، عيونه كانت على الوردة اللي زرعناها يوم خطوبتنا — الوردة الأخيرة اللي فضّلت معاها الذكرى. قال بنبرة فيها صدق وخوف: «عارفة يا سمر، ساعات بفكر يمكن إنتِ شايفة إني مش بحبك كفاية… بس العكس. أنا بحبك لدرجة إني عايز أضمن لنا حياة من غير ما نحتاج لحد. بخاف لو قللت في شغلي نتحمل صعوبات بعدين.»
رديت بسرعة: «الحب مش فلوس وبس يا بشير. مش محتاجة عربية جديدة ولا شبكة غالية ولا شقة ولا. محتاجة وجودك، تفاصيلك، وقتك. محتاجة تحس بيا قبل ما تحس بالشغل.»
سأل: «طب قوليلي إيه اللي يرضيكِ؟ قوليلي أعمل كذا وأنا هعمله.»
قلت: «عايزاك تنظم وقتك يوم في الأسبوع ليا بس. حتى ساعتين تلاتة من غير شغل، من غير صحاب، من غير موبايل. ولما نخرج، يكون موبايلك مقفول أو بعيد. أنا مش هقدر أعيش مع واحد مشغول عني طول الوقت.»
«ماشي.. هحاول. بس إنتِ كمان ساعديني — الضغط بياكلني ومش بعرف أوزن بين كل حاجة.»
«أنا طول عمري معاك وبساعدك يا بشير. بس المرة دي لو لقيت إني مش فارقة عندك، هضطر أراجع نفسي.»
«متخافيش.. مش هسيبك تحسي إنك لوحدك تاني.»
بقية أحداث اسكريبت رنا محمد.
مسك إيدي وضمّها جامد. بقي يصبر ويبصلّي في عيوني كأن الدنيا فيها سكون. بعد شوية قال وهو مبتسم بخفّة: «انتِ وراكِ حاجة؟»
«لا، ليه؟»
«يعني نسهر سوا، اشطا؟»
«اشطا جدًا.»
«للدرجادي، واحشك؟»
«رخم!»
هذا الاسكريبت بقلم الكاتبة رنا محمد.
ضحكنا، وزرقت قلبي بخفة — ضحك بسيط بس مريح. بعد شوية، كلّم أخوه يجيب لنا شوية حاجات للسهرة. أنا نزلت عملتلنا شاي باللبن، والماما طلعت دوسية چيلي هدية وحطتها بسرعة وطلعت تاني.
قعدنا على الأرض، الصينية بينا. قسمت الشاي والچيلي وقالت: «واحد شاي باللبن عشان تبطل تفكير، وواحد چيلي عشان تروق دماغك. وبلاش تقول بعد الكوباية عندي شغل.»
ردّ: «لا يا ستي، النهاردة مفيش غيرك.»
قلت: «كلام كبير ده، خلي بالك!»
قال: «كبير إيه؟ ده قليل عليكِ.»
قرب مني وبصلي النظرة اللي كنت مفتقداها — نظرة فيها طمأنينة وأمان. حسّيت قلبي يهدى، والهم اللي كان مالي صدري بدأ يتبخر.
تتوالى أحداث اسكريبت رنا محمد.
قعدنا نتكلم في ذكرياتنا — يوم لما كنا بنجري ورا بعض في الشارع وإحنا صغيرين، وازاي زرعنا أول شجرة على السطح وكانت صغيرة، وازاي نكبرنا معاها. ضحكنا لحد ما رجعنا لزمن البساطة، زمن اللي أقل حاجة فيه كانت تفرحنا.
قرب مني وقال بجدية: «أنا مش هقول إني هتغير في يوم وليلة… بس أوعدك إني هفضل أفتكر اللحظة دي كل ما الشغل يغريني أو ياخدني منك.»
قلت: «يعني خلاص هتسيبني آخد نص وقتك؟»
قال وهو يتغافل: «نص إيه يا مجنونة! إنتِ عمري كله.»
ضحكت ووشي محمّر من كسوفي، لكن حسّيت بطمأنينة حقيقية — كأني رجعت أتنفّس بعد خنقة طويلة.
نهاية اسكريبت بقلم رنا محمد
قعدنا لحد نص الليل نحكي ونضحك. الجو كان خفيف ومريح، والسطح كان شاهد على كل حاجة — لكن المرة دي ماكنش شاهد على خلاف، ماكنش شاهد على خصام. المرة دي كان شاهد على وعد جديد: وعد بالحب اللي مش بينتهي مما مرت السنون.
—
بقلم: رنـا محمد “حبة البُندق”
رأيك يهمني
الكاتبة/ رنا محمد.
إذا أعجبك هذا الاسكريبت، يمكنك متابعة مزيد من الاسكريبات للكاتبة رنا محمد على منصة عوالم من الخيال.
جميله جدا