أسرار الغرق في النيل | منتصف الموت

أسرار الغرق في النيل | منتصف الموت

شبكت في شجرة بقاع النيل، اتحاصرت بفروعها، المعدات مكتفاني، الأكسجين بيقل.

……………

سمعت قصص تشيب على لسان الغطاسين، برؤيتهم لسكان البحر، وناس اُنقذوا من الموت، قالوا نفس الشيء.

في حد بيهمس، أخرج وما تنزلش هنا تاني…

أكدب لو قلت إن بصدقهم؛ ضغط المياه والهواجس، ممكن يصور لهم حاجات عجيبة، خاصة لو الخوف اتملك منهم، التعرض للغرق في حد ذاته رعب، ما بالك لو عقلهم اتشل.

ياما نزلت في مناطق بحرية، يُقال عليها، خطر، واطلع سليم، مفيش حاجة مريبة، سمك، شعب مرجانية، كائنات تبان لطيفة بس لو قربت منها، هنقرأ عليك الفاتحة.

وبعض الجثث، كغطاس متخصص بانتشال الغرقا، متعود عليهم، المحزن تأكلهم، وموتهم على وضعيات دفاعية.

المشهد التاني:

من كام شهر في فصل الشتا، جالنا بلاغ بغرق شاب ليلة 4 يناير، الريس قرأ الملف، حدد الإحدثيات، اختارني أنا ومجموعة من زمايلي.

اتحركنا ستة الصبح؛ مياه النيل بطبيعتها ضحلة، تقيلة فصعب ننزلها بليل؛ وده سبب غرق المئات من الشباب كل سنة.

ورغم التحذيرات والتنبيه بيخاطروا بحياتهم في سبيل المتعة اللحظية مع صحابهم، فاكرنها لعبة.

استضفنا عم عصام في مركبه متجه بينا للموقع، مصطفى قال هينزل هو الأول؛ يتفقد المكان، عرف يطلعه كان بها، حصل العكس أي فينا يحل محله.

لبس المعدات وربط الحبل في بدلته، اتفقنا خمس شدات يخرج، غطس مفيش دقايق طلع، بيقولنا هو أنا لحقت، اصبروا شوية؛ المياه متعكره.

استغربت محدش فينا لمس الحبل!! وقبل ما نبرر، طلب اناوله الكشاف التاني.

المشهد الثالث

إليك أحداث مشهد جديد من أسرار الغرق في النيل | منتصف الموت.

عشر دقايق وكررها، متعصب؛ ما صدق لمحه، فهمته إنه مكانه واحنا منتظرينه، فكه وغيرنا الإتفاق، نتابع معاه من بعيد.

مش احسن حل لكن مريح بالنسباله، اتأخر والشمس هتغيب، هيبقى بدل الغريق اتنين.

راقبنا حركة المياه؛ هتدلنا عليه، ثابتة مش بتتحرك قلقنا عليه زاد لما نسينا إتفاقنا ووحيد جه يشد الحبل لقاه مرمي في المركب.

عم عصام مكنش متأثر، لا باختفائه ولا بالشمس المتعمدة علينا لما قربنا نسيح.

جه في بالنا احتمالات كتير، غطس لعمق كبير وعجز عن الطلوع، علق في شعب، لسه بيدور؟!

جهزت نفسي وشددوا عليه يستناني، مهما غيبت، وبدون تردد غطست، مش شايف ايدي؛ رواسب الطين مش مخليني مميز.

والكشاف مش نافع، مكنش فيه قدامي غير نزولي في الأعماق؛ اصفى، اقدر اميز أنا فين، وده هيسهل عليا عملية البحث.

عديت وسط مجموعة أشجار، لو غفلت ثانية هعلق فيهم،  إلى حد ما الرؤية كويسة، وقدرت اشـ..

المشهد الرابع:
أسرار الغرق في النيل | منتصف الموت

وجه غامض بعينين بيضاوين يطل من العتمة في قصة أسرار الغرق في النيل منتصف الموت
صورة رمزية مرعبة تعبر عن قصة منتصف الموت في أعماق النيل

مصطفى بيصارع الموت، رجله علقت في شعب ضخمة، طمنته، وحاولت احرره منها، مش مبطل حركة وده خلى أكسجينه بيقل.

بعد محاولات كتير وأمل كنت هفقده، فكيته، لكن بعد فوات الأوان، الليل سدل ستاره وحرفيا احنا في العتمة.

نور الكشافات مش مأثر، بدأت الهلاوس البصرية والسمعية تسيطر علينا، خايفين نتحرك نتأذى.

الوضع اصعب مما تخيلت، جايين ننتشل جثة شاب مات غرقان، بقينا ضحية النيل.

المشهد الخامس:

تفاصيل جديدة من أسرار الغرق في النيل | منتصف الموت.

فجأة ظهر نور قوي وراه ظلال، قلت بس دول زمايلنا، عومنا نحيتهم، قربوا أكتر وأول ما وصلنا قدامهم بعدوا عننا.

كنا بنبص لبعض بذهول، دول ايه!؟ الغرانيط، جن!!؟ معقول كلامهم صح!!

كل مدى جسمه يتقل وياخدنا لتحت، الـ شافه مش قليل، أكسجينه شبهه خلص، صابته فوبيا الأعماق مش قادر اسيطر عليه.

شيلت جهاز التنفس بنبدل فيه؛ على أمل يتحملنا لحد ما تعدي ساعات الليل ونخرج.

الأضواء بتظهر وتختفي بنفس الطريقة، ومصطفى خوفه شله، ساند عليا بتقله وأنا هنهار، لكن متماسك عشانه؛ أمه دايما توصيني عليه.

وتترجاه يسيب شغلانة البحر دي، أخرتها وحشه، صوتها رن في وداني، فوقت منه عليه وهو بيسقط لتحت.

المشهد السادس:

تتوالى أحداث أسرار الغرق في النيل | منتصف الموت.

شديته بفوق فيه، ودموعي ومياة النيل بقيت واحد، مات، أنا بقاوم عشانه، هقولها ايه، ابنك النيل أخده، دي ملهاش غيره.

حضنته بصرخ من جوايا، مش هسيبه للسمك ياكله، يا نموت سوا، يا ادفنه بايدي.

شايل جثة صحبي، خوف، شعور حزن والتوهة، همسهم في ودني، هتموت زيه.

اترعبت أكتر لما اتشد من بين ايديا، اتمسكت بيه، فيه حد عايم تحتنا، ايده لمست رجلي، ضربته يكون زي ما يكون.

وهو متبت فيه مش عايز يسيبه، حاولت اتحرك مش قادر، هو ازاي بالقوة دي.

لزمت مكاني ببعده عنه بكل قوتي، جه في بالي اواجهه، تراجعت، احنا مش في البر، الله أعلم ده ايه.

سابه لثواني وفجأة ملقتش مصطفى، شوفته وهو بيتسحب، ملامحه المذعوره، لون بشرته الباهت، كأنه بيستغيث بيا.

وبقيت لوحدي الخطر محاوطني، ساعات الليل طويل، قررت اجازف الـ كنت خايف عليه راح.

عومت بشكل عمودي لفوق، أيا كان الـ هخبط فيه هيكون ارحم منهم، حاسس بيه حواليا، مرورهم جنبي بيعلي حرارة المياه.

الرعب الحقيقي أنك متبقاش شايف خصمك، لا مدرك قوته ولا شكله، خوفك بيتضاعف وتبقى فريسة سهلة.

اتحكمت في نفسي وكملت، وهمها إن كل دي اوهام لو استسلمت لها، هموت.

المشهد السابع:

تتوالى أحداث أسرار الغرق في النيل | منتصف الموت.

انتبهت على ساعتي، اربعة ونص الفجر!؟

فاضل على الشروق ساعات قليلة، نفضت يأسي وكملت مفيش عائق قدامي.

ضوء القمر بدأ بالظهور، هانت، شددت من عزميي وسرعت، ظل المركب بان، لكن الـ عليه مش زمايلي، ظلالهم مختلفة، تشبه…

حسيت بايد بتلف على رجلي اليمين، ببطء، جسمي قشعر، وقلبي كان هيقف، وقبل ما يلمسها دفعت نفسي للسطح.

ملامحه وضحت، عينه كبيرة السواد كاسيها، لونه جلده أزرق، ودانه طويلة، أسفل جسمه ديل ضخم، فيه خياشيم في وشه.

السحاب غطت القمر فرجعت العتمة من تاني، ورجع معها لخطفي، ذكرت آيات القرآن الكريم للنجاة منه، اتبخر، ومجرد ما اسكت يهجم من جديد.

لحسن حظي كان فيه مجموعة شباب ماشين فوق الكبري، استنجدت بهم شافوني، وفي لحظة غفلتي عن الذكر اتملك مني.

المشهد التامن:

المشهد الثامن من أسرار الغرق في النيل | منتصف الموت.

سحبني بقوته فعجزت عن دفعه، كانوا كتير، قوم، هقاوم مين ولا مين، القوة ليهم، استسلمت لقدري لو مكتوب ليا أموت، مفيش منقذ هيفيد.

غمض عيني واتشهد جوايا، انفاسهم أصبحت قريبة أكتر، نظراتهم هتخترقني، مش فاهم بيعملوا ايه، فتحت، هما فين!!!

الصبح صبح والنيل فاضي، أنا كنت بتخيل!؟

اتأكدت إن عيشت كابوس لما شوفت شجرة ليمون كبيرة، خارج منها رأس شاب، عومت ناحية، جايز الاقيه

المنظر بشع، السمك ملموم عليه بياكل فيه، اتحلل، ملامحه كأنه هو، كل ما اقرب للسطح أصواتهم توضح.

المشهد التاسع:

إليك المشهد التاسع، والأخير من أسرار الغرق في النيل | منتصف الموت.

طلعت بلهث، نفسي مقطوع، الناس مرصوصة فوق الكوبري، بتشاورلي، وقاسم بيقولي تعالى واقف ليه.

صرخت فيه، مصطفى مات انزلوا انقذوه منهم.

ركبت معاهم وخرجنا منتظرينه، بترعش، متلج، لفوني بغطا تقيل ريحته وحشه، كان محطوط في المركب.

سألوني عنه وجرى لنا ايه، بكيت مش قادر اتكلم، يا رتني موت معاه.

وبعد وقت ومجهود كبير طلعوه بالشجرة، جثته متآكلة، ملامحه مش باينه.

بصيت فيه، مش هو ده مش مصطفى، صرخت فيهم.

_ لسه معاهم، هناك.

محدش صدقتي، الأهالي استلموا جثة ابنهم، وملف مصطفى اتقفل.

ممنوع ذكره؛ مش أول حالة غرق تحصل لغطاس، كدبوا على أهله، واتنسى منهم.

وأنا؟

لحد النهاردة لما بقعد على النيل، بسمع همس في ودني بيناديني، مش بس من تحت المياه.

نفس نبرته، نفسه المقطع بيقولي:

” ما تسيبنيش هنا، تعالى ”

نهاية أسرار الغرق في النيل | منتصف الموت.

للمزيد من القصص الغامضة الممتعة، تابع منصة عوالم من الخيال، التي تضم العديد من القصص، والروايات لأقلام عربية مبدعة.

تابع كل ما هو جديد عن عوالم من الخيال على صفحتنا الرسمية على الفيسبوك.

3 تعليقات

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *