بتوقيت العاشرة
للكاتبة: صباح البغدادي
المشهد الأول: ظلال العاشرة
كانت الساعة تشير إلى العاشرة مساءً، حين خيّم الصمت على المكان المجهول.
هواء بارد يتسلّل من بين الجدران، كأنّ الليل نفسه يراقب ما يحدث في خفيةٍ مريبة.
على بعد خطوات، كانت الأضواء الخافتة تتراقص فوق أرضٍ مبلّلة، تفضح أثر الأقدام التي مرّت تواً.
سار بخطواتٍ هادئة، يراقب بعينيه الحادتين كل زاويةٍ مظلمة.
صوته الخافت تمتم بين الظلال:
كل حاجة هنا بتقول إن في سرّ كبير… وجريمة اتنفذت بإتقان.”
أنا الضابط إسماعيل حسن، كُلّفتُ بالتحقيق في قضية غامضة هزّت المدينة:
مقتل الدكتورة أسماء، الطبيبة في أحد المستشفيات الخاصة.
قضيةٌ لم يُعرف دافعها بعد، لكن شيء في التفاصيل كان يصرخ بأنّ الحقيقة لم تُكتشف بعد.
المشهد الثاني: ملف الجريمة
في غرفة التحقيق، جلستُ أمام ملفٍ أثقلته الأوراق والصور والتقارير.
فتحت الصفحة الأولى، فإذا بصورة “الدكتورة أسماء” تبتسم ابتسامة تحمل شيئًا من الغموض.
عيناي توقفتا عند سطرٍ دوّنه أحد المحققين:
الوفاة حدثت في تمام الساعة العاشرة، بسبب ضربة قوية في مؤخرة الرأس بأداة غير حادة.”
تمتمتُ لنفسي:
يعني اللي قتلها كان قريب منها… وبيخاف يتكشف.”
صوت زميلي “محمود” قطع حبل أفكاري:
يا إسماعيل، المستشفى مش متعاونة أوي، والناس هناك خايفين يتكلموا.”
أجبته بنبرة حاسمة:
يبقى نروح لهم تاني، بس المرة دي مش كضباط… هنروح كأننا صحفيين.”
المشهد الثالث: زيارة المستشفى
تسللنا إلى المستشفى بخطةٍ سريعة، كانت رائحة المعقمات تملأ المكان، لكن خلف النظافة المبالغ فيها… كان هناك شيء خفي.
استقبلتنا ممرضة شابة، نظراتها قلقة.
قلت لها بهدوء:
مساء الخير، إحنا بنسأل عن الدكتورة أسماء، كانت شغالة هنا، صح؟”
ارتبكت وهي تجيب:
أه… بس ماتت فجأة. محدش عارف إيه اللي حصل بالضبط.”
اقتربت منها خطوة:
كانت متخانقة مع حد قبل كده؟”
خفضت عينيها وقالت بصوتٍ خافت:
هي كانت دايمًا بتتشاكل مع دكتور اسمه حسام… كان بينهم حاجة كده مش مفهومة.”
نظرت إلى محمود، وابتسامة صغيرة رسمت على وجهي:
أهو ده أول خيط.”
المشهد الرابع: طرف الخيط
عدت إلى المكتب وأنا أراجع التسجيلات التي التقطناها من كاميرات المستشفى.
في إحداها، ظهر الدكتور حسام يخرج من غرفة “أسماء” قبل وفاتها بعشر دقائق فقط.
رفعت رأسي ببطء وتمتمت:
بتوقيت العاشرة… كل حاجة حصلت في الدقيقة دي بالظبط.”
صوت محمود وهو يدخل الغرفة أعادني للواقع:
جبنا سجل المكالمات يا إسماعيل… فيه رقم غريب كانت بتكلمه قبل موتها بنص ساعة.”
قلت بابتسامة خافتة:
يبقى اللي على الطرف التاني… هو مفتاح اللعبة كلها.”
المشهد الخامس: المكالمة الأخيرة
جلس الضابط إسماعيل حسن أمام شاشة الحاسوب، يُدقّق في تفاصيل سجل المكالمات.
رقم غريب تكرّر أكثر من مرة في الأيام الثلاثة الأخيرة قبل وفاة “الدكتورة أسماء”.
رفع حاجبه
الرقم ده مش مسجّل لا باسم صديق ولا قريب… بس دايمًا بيتصل في أوقات متأخرة.”
دخل محمود وهو يحمل كوب قهوة
عملت تتبّع للمكالمة، وطلعت من خط مجهول… بس العنوان اللي ظهر تابع لشقة فاضية في الزمالك.”
ابتسم إسماعيل ابتسامة باهتة وقال بنبرة واثقة:
يبقى هنروح هناك… يمكن الشقة دي تخبرني اللي محدش عايز يقوله.”
المشهد السادس: الشقة الغامضة
الساعة كانت تقترب من منتصف الليل.
هدوء مريب يلفّ الممرّ المؤدي إلى الشقة رقم (10).
الضوء في نهاية الممرّ يتذبذب كأنّه يخشى أن يشهد ما سيحدث.
طرق إسماعيل الباب طرقًا خفيفًا، ثم بصوتٍ منخفض
افتح يا دكتور حسام… عارف إنك جوه.”
لم يأتِ صوت.
لكن حركة خافتة خلف الباب كشفت أنّ هناك من يراقب من الداخل.
في لحظة، أشار إسماعيل إلى محمود، فدفع الباب بقوة ليفتحاه معًا.
كان الدكتور حسام يقف أمامهم بوجهٍ شاحب ويدين ترتعشان.
قال بصوتٍ مرتعش:
أنا… أنا ما قتلتهاش! والله ما قتلتها!”
اقترب منه إسماعيل بخطواتٍ بطيئة وقال بهدوءٍ قاتل:
محدش قال إنك قتلتها… بس شكلك بيقول إنك عارف مين اللي عملها.”
جلس حسام على الكرسي وهو يضع يديه على رأسه، وبدأ الكلام يتقطّع من بين أنفاسه:
هي كانت عايزة تبلّغ عن ملف فساد في المستشفى… وأنا كنت بحاول أمنعها بس مش علشان المصلحة، كنت خايف عليها.”
نظر إليه إسماعيل بعينٍ فاحصة
يعني كانت عارفة سر كبير… وماتت قبل ما توصله لحد.”
رفع حسام رأسه ببطء، وصوته امتلأ بالخوف:
في حد تاني كان ورا الموضوع… المدير العام نفسه.”
المشهد السابع: الاسم الذي لا يُذكر
في صباح اليوم التالي، جلس إسماعيل أمام نافذة مكتبه، وأشعة الشمس تخترق الغرفة بخجل.
كان يحمل في يده تقريرًا جديدًا وصل للتوّ.
تقرير يضمّ أدلة تشير إلى تورّط المدير العام للمستشفى في قضايا مالية مشبوهة، وعلاقته الغامضة بالدكتورة أسماء.
دخل محمود وهو يتنفس بصعوبة
اتأكدنا يا باشا… الدكتورة
كانت هتسلّم مستندات خطيرة قبل موتها بساعات.”
ابتسم إسماعيل ابتسامة ثقة
يبقى اللعبة قربت تخلص… بس قبل ما نقفلها، لازم نعرف اتقتلت ليه بالظبط، ومين اللي نفّذ بإيده.”
ثم أضاف بنبرةٍ غامضة:
لأن في كل جريمة، دايمًا في حدّ بينظّف ورا القاتل.
يُتبع…!





مبدعة زي العادة كاتبتي
يخليلي ياك بب♡♡♡♕