التريند البلوجر والشيخ

بقلم صباح البغدادي
المشهد الأول: التريند نار بين البلوجر والشيخ
كنت قاعدة بتصفح الفيس كده، زي أي يوم فاضي، لحد ما لقيت بوست عجيب طالعلي ف أول الصفحة:
“شيخ معروف اتجوز بلوجر كانت من غير حجاب.. وحجبها بعد الجواز!”
فضلت أبص على الصورة كده، وأقول لنفسي:
“هو الواحد لو عايز مانجة ليه يروح يجيب برتقال ويقولها اعملي نفسك مانجة؟ طب ما يشتري المانجة من الأول ويريّحنا.”
ضحكت بسخرية، بس جوايا كان في حالة حيرة غريبة..
يعني هو بيحبها كده ولا عايز يغيّرها عشان الناس؟
المشهد التاني: مكالمة هاجر
الموبايل رن..
هاجر!
رديت وأنا لسه بسرح في البوست
ـ ألو يا هاجر، شوفتي التريند ده؟
صوتها جالي منفعل جدًا:
ـ آه شوفته، بس أنا مش فاهمة! الواحد يكون عايز يتجوز بنت بمواصفات معينة.. ويروح يحب واحدة عكس كل اللي في دماغه! وبعدين لما يرتبط بيها يبدأ يقولها: اتغيري، البسي كده، اعملي كده!
ضحكت بسخرية وأنا بحاول أهديها:
ـ يا بنتي الطبع غلاب.. ومش كل الناس بتتغير، فـ في اللي بيستجيب وفي اللي لأ، بس أنا مستغربة من الشيخ نفسه أكتر من البنت.
هاجر ما سكتتش، كانت متوترة جدًا:
ـ بصي، السوشيال ميديا بوّظت كل حاجة. بقي كل تريند سباق مين يعمل دوشة أكتر. والبلوجر دي أكيد استغلت الموضوع.
المشهد الثالت: هدوء وعاصفة
سكت شوية وقلت بهدوء:
ـ مع إن الشيخ ده كنت بقول عليه مستحيل يتجوز تاني بعد حبّه لمراته الأولى، بس يمكن ربنا كتبله كده. يمكن هو شايف فيها حاجة محدش شايفها.
هاجر ردت بتوجس واضح:
ـ لا لا، هي شهّرت بيه من أول أسبوع، نازلة بوستات وصور ومكتبة المهر والدهب بالتفصيل، يعني دي نية حب ولا نية تريند؟
ضحكت وأنا أحاول أخفف التوتر:
ـ ما يمكن بتحبه فعلاً وعايزة الناس تعرف إنه مش أي شيخ، ده جوزها.
هاجر بنبرة فيها غيرة وسخرية:
ـ بتحبه ولا بتحب المتابعين؟! هي عايزة اللايكات والمشاهدات.. والشيخ بالنسبالها طريق شهرة مش أكتر.
المشهد الرابع: حديث النفس
بعد ما قفلت معاها، فضلت ماسكة الموبايل وبقلب ف الكومنتات،
نص الناس ضدهم، والنص التاني بيباركلهم وبيقولوا “الحب بيغير”.
اتنهدت وأنا ببص ع الصورة تاني،
ـ يمكن الحب فعلاً بيغير.. بس يا ترى التغير ده بيكون نابع من القلب؟ ولا خوف من كلام الناس؟
رفعت عيني للسقف وقلت لنفسي بهدوء
ـ يمكن الاتنين غلطانين، ويمكن الاتنين صادقين، بس في زمن التريند.. مفيش حد بيصدق التاني إلا بعد ما يخلص الهاشتاج.
المشهد الخامس: العاصفة على السوشيال ميديا البلوجر والشيخ
الصبح كان الجو هادي، بس الدنيا على الفيس كانت مولعة.
البلوجر نزلت بوست جديد:
“الستر نعمة، وربنا هداني على يد جوزي الشيخ الجميل اللي غير حياتي.”
الصورة معاها بالحجاب، ووشها مبتسم،
لكن الكومنتات… نار.
واحدة كاتبة:
ـ “كنتي قمر وإنتي بشعرك! إيه اللي خلاكي تلبسي حجاب؟!”
وواحدة تانية ردت عليها:
ـ “احترموا قرارها يا جماعة، دي اتجوزت شيخ يعني طبيعي تتغير!”
وفي نص الهجوم والمدح، دخلت واحدة بتسخر:
ـ “هي اتجوزته ولا دخلت مدرسة تحفيظ قرآن؟!”
ضحك الناس تحت الكومنت كأنهم في حفلة تنمر جماعية.
أما الشيخ، فكان قاعد في أوضته ماسك الموبايل،
وشه متغير، وملامحه فيها خنقة وغضب مكتوم.
قال بصوت واطي كأنه بيكلم نفسه:
ـ “أنا نويت أسترها، مش أعمل سيرك!”
فتح الفيس، لقى الهجوم عليه هو كمان وشاف التريند البلوجر والشيخ..!
ـ “يا عم الشيخ اتجوزت عشان تتشهر!”
ـ “بتوع الدين بقوا تريندات دلوقتي!”
ـ “اتجوز بلوجر عشان يعمل نفسه متفتح!”
لكن كان فيه ناس تانية بتدافع:
ـ “الراجل اتجوز بالحلال، ما عملش حاجة غلط!”
ـ “هو حرام يحب واحدة كانت مش ملتزمة ويتمنى هدايتها؟”
اتنهد الشيخ، وقفل الموبايل وقال بصوت مبحوح:
ـ “النية كانت لله، بس الناس مش سايبة حد في حاله.”
في نفس اللحظة كانت البلوجر قاعدة قدام الموبايل،
عينيها فيها دموع بس بتحاول تثبت نفسها.
قالت قدام الكاميرا في لايف مرتعش الصوت:
ـ “أنا كنت بلوجر عادية، وكل اللي فيا الناس كانت شايفاه. بس ربنا هداني، ومش ندمانة على قراري. الشيخ جوزي مش فرض عليا حاجة.. أنا اخترت الحجاب بإرادتي.”
الكومنتات انهالت بسرعة:
ـ “انتي كدابة!”
ـ “طب ليه بتعملي لايف بالحجاب؟ لو صدقِة اقفلي السوشيال ميديا!”
ـ “تحية ليكي يا أختي، استمري وربنا يثبّتك
البلوجر اتنهدت، وقالت في سرها:
ـ “هو ليه الناس بتفتكر إن التوبة محتاجة موافقة منهم؟!
الشيخ دخل عليها بعد اللايف، شافها ماسكة الموبايل بتعيط.
قرب منها وقال بهدوء:
ـ “كفاية يا حبيبتي، سيبيهم يقولوا اللي يقولوه. إحنا عارفين نيتنا.”
قالت وهي تبكي بحرقة:
ـ “أنا كنت فاكرة الناس هتفرح إني اتغيرت، بس واضح إنهم عايزينني أعيش ع اللي كنت عليه.”
مسك إيدها وقال:
ـ “الشهرة اختبار أصعب من الغُربة، بس لو نيتك لله، ربنا هيحميك من كل ده.”
سكتوا لحظة، والدنيا حواليهم هدوء غريب،
بس الفيس لسه مولّع…
والتريند رقم واحد: #البلوجر_والشيخ
المشهد السادس: الحلم اللي قلب الحقيقة
الليل كان ساكت، بس عقل البلوجر كان عامل دوشة.
اتمدت على السرير، والموبايل جنبها بيفتح كل شوية بإشعارات وتعليقات،
نص بيشكرها ونص بيسبّها.
غمضت عينيها من التعب… ودخلت في حلم غريب.
في الحلم، كانت لابسة الحجاب، واقفة على المسرح،
والإضاءة عليها لوحدها، والجمهور بيصقف،
وهي بتضحك بصوت عالي وتقول:
ـ “أنا البلوجر اللي غيرت نفسها عشان التريند!”
ضحك الناس…
والشيخ كان واقف في الصف الأول، عينيه فيها كسرة وجع،
قال بصوت مبحوح:
ـ “كنت فاكرك اتغيرتِ لله مش عشان اللايكات.”
سكت المسرح، والإضاءة بدأت تخفت،
والجمهور اختفى،
فضلت هي لوحدها،
لبسها بدأ يتغير… الحجاب وقع، الكاميرا اتكسرت،
والفلاشات انطفت.
صرخت وهي بتحاول تجمع بقايا صورتها على الأرض.
ـ “استنوني، أنا لسه البلوجر المشهورة، أنا لسه عايزة التريند!”
لكن مفيش صوت رد…
كل اللي سمعته كان صوت الشيخ بيبعد عنها وبيقول بهدوء مؤلم:
ـ “أنا كنت فاكر حبك هيخلينا أقرب لربنا.. بس لقيتك بتحبي الكاميرا أكتر مني.”
صحيت وهي بتنهج،
وبصت على الموبايل…
فيه إشعار جديد:
“عدد مشاهدات الفيديو الأخير: مليون ونص.”
ابتسمت ابتسامة باهتة، وقالت لنفسها بصوت متردد:
ـ “يعني أنا كده نجحت؟ ولا خسرت؟”
في اللحظة دي، كان الشيخ في أوضته التانية،
قاعد لوحده بيقلب في صور جوازهم على الموبايل،
وشه باين عليه ندم،
قال لنفسه بنبرة فيها وجع وسخرية:
ـ “اتجوزت أعمل بيت.. لقيت نفسي عامل تريند.”
قام وهو ماسك السبحة،
بص في السقف وقال بهدوء:
يا رب سامحني.. كنت فاكر قلبي هيهديها، بس نسيت إن الشهرة أقوى من أي وعظ.”
البلوجر وقفت قدام المراية،
بتبص على نفسها،
وشها جميل، بس عينيها فاضية.
قالت بصوت مكسور:
ـ “يمكن كنت بحلم أكون تريند… بس يمكن الحلم نفسه اللي ضيّعني.”



[…] أقرا قصة التريند البلوجر والشيخ من هنا […]