البيت الملعون
المشهد الأول البيت الملعون أول خطوة في البيت الجديد
كانوا لسه ناقلين من البيت القديم، فرحانين بالجنينة الواسعة اللي قدام البيت الجديد، شايفينها بداية جديدة يمكن تبسطهم بس الإحساس الداخلي كان بيقول إن للفرحة دي تمن، وتمن مش بسيط
الأم قالت بصوت حنون وخفيف يطمن أي قلب:
– يلا يا سليم نادِي ساندرا ونور وتعالوا اغسلوا إديكوا. باباك نزل الشنط وأنا مخلّصة الغدا.
سليم جرى وهو بيضحك، صوته بيرن في الطرقات الفاضية كإن البيت أول مرة يسمع صوت بشر بعد سنين.
– ساندرراا.. نور.. يلاااا ماما بتنده!
جروا التلاتة على الحمّام، ضحكهم مالي المكان، بس جوا كل واحد فيهم كان في رعشة صغيرة، إحساس غريب إن في حد بيراقبهم؛ حد مش باين.
الأب دخل وهو بياخد نفس طويل من التعب:
– خلاص نزلت الشنط كلها يا رب البيت ده يكون فاتحة خير.
بس برضه نفس الإحساس التقيل كان ماشي في صدره، كإن الهواء نفسه بيدوس عليه.
بصّ للسلم، حس إن خطوة خفيفة طلعت فوق لكن تجاهل وقال لنفسه: “توهم أول يوم بس.”
الكل ساكت كلهم حاسين بحاجة مش مفهومة، حاجة بتقرّب منهم والبيت واقف كإنه بيفتح دراعاته وبيستقبلهم بابتسامة مش مطمنّة.
وفي آخر لحظة، باب القبو خبط لوحده بقوة خفيفة
كأنه بيقول:
“اتفضلوا اللعب ابتدى.
المشهد الثاني البيت الملعون أول همسة من تحت الأرض
بعد ما خلصوا غسيل إيدينهم، نزلوا على السفرة. ريحة الأكل كانت مالية المكان، بس في ريحة تانية ريحة تراب قديم كأن البيت لسه بيطلع أنفاس من زمن مش زمنهم.
الأولاد قعدوا، والضحك رجع تاني يهزّ الجو، لكن فجأة نور سكتت، وبصّت ناحية الممر الطويل اللي جنب المطبخ.
عنيها لمعت بخوف:
– ماما إنتي سمعتي؟
الأم مسكت المعلقة بتوتر خفيف:
– سمعتي إيه يا نور؟
نور أشارت ناحية الممر:
– حد بيهمس حد بينادي اسمي بيقول “تعالي”.
الأب ضحك ضحكة باينة إنها مصطنعة:
– ده صوت الهوا يا نور البيت كبير فطبيعي تسمعوا أصوات صدى صوت
بس جوّه الأب نفسه، قلبه وقع.
هو كمان كان سامع كان سامع حاجة بتسحب نفسها في الممر صوت خفيف لجرّ حاجة تقيلة صوت ماينفعش يكون هوا الجو اتقل من النفس
اللمبة اللي فوق السفرة نورت وطفِت لحظة صغيرة… مجرد ثانية بس كفاية تخلي قلب الكل يقف.
ساندرا قالت بصوت مهزوز:
– ماما القبو ليه الباب بيتحرك لوحده من شوية؟
الأم ابتسمت محاولة تهديهم:
– يمكن الهواء داخل من شباك مفتوح.
لكن الحقيقة إنها شافت قبضة الباب وهي بتتهز كأن حد بيجرب يفتحه من تحت من جوّه الضلمة.
سليم، اللي دايمًا بيحاول يبقى شجاع، قال وهو بصوته رجفة خفيفة:
– طب أنا هقفل باب القبو كويس يمكن فعلاً مفتوح.
راح ناحية الباب خطوة.. خطوتين…
الممر كان بارد بشكل غير طبيعي؛ كأنك داخل قبر مش بيت مد إيده ناحية الباب ولما لمسه الباب خبط خَبطة مفاجئة كأن حد زقّه من جوّا بقوة!
سليم صرخ ورجع ورا:
– ماما! في حد جوّا القبو!
الأب جري عليه، فتح الباب بسرعة نور ضعيف طلع من القبو؛ الظلمة سميكة…
ريحتها قديمة… كأنها مش مجرد ظلمة… كأنها روح.
الأب نادى بصوت عالي:
– لو في حد تحت… يطلع! البيت ده مش مهجور!
ماحدش رد بس كان في حاجة… حاجة بتتنفّس…
وصوت مش أكتر من همسة…
طلعت من الأعماق:
– أهـــلاً…
الأم حاضنت أولادها بقوة، ومشاعر الخوف لبستهم كلّهم مرة واحدة…والبيت؟ كان واقف مبسوط…
إن اللعب ابتدى بجد.
المشهد الثالث البيت الملعون التبديل
بعد ما الأب قفل باب القبو بإيده، حاول يرجّع الجو لطبيعته، وقال بصوت عالي شوية:
– يلا يا جماعة نكمّل أكل… كل ده من التعب بس.
قعدوا كلهم، وحاولوا يتكلموا… يضحكوا… يرجعوا الإحساس بالأمان لكن سليم؟ كان ساكت… ساكت زيادة عن اللزوم. عينه كانت على باب القبو والبيت… كان بيراقبه.
في لحظة وهم منشغلين، الأم قامت تجيب ماء، الأب اتشغل بالتليفون، نور وساندرا بيتخانقوا على قطعة فراخ
وسليم…اختفى.
محدّش لاحظ إنه قام.
محدّش لاحظ خطواته الصغيرة وهي ماشية ناحية نفس الباب اللي خاف منه من دقيقة واحدة.
كأن حد بيناديه باسم مش بيظهر على لسان بشر.
مد إيده الباب اتفتح لوحده…
ابتسم ابتسامة جامدة على عكس طبيعته ونزل القبو كان أبرد من التلاجة، ريحته كانت واقفة، كأن المكان مابيحبش حد يدخل بس سليم دخل… والباب قفل وراه بهدوء.
بعد دقايق…
دقايق قليلة جدًا طلع سليم أو على الأقل الشكل اللي طلع كان شبه سليم.
وقف قدام الباب، وشه باين طبيعي… نفس الملامح… نفس الشعر… نفس العيون…
بس في حاجة عيونه كأنها مطفّية شوية ابتسامته مش ابتسامة طفل…
ابتسامة حد أكبر… أشرّ… أهدى من الطبيعي.
رجع وقعد جنب أهله.
الأم رجعت، قالت بحنان:
– سليم! ماقولتش رايح فين يا حبيبي؟
بصلها… نفس عين سليم… لكن الروح وراها مش روحه.
رد بصوت واطي قوي:
– كنت بهوّى… هنا ريحته خانقة.
ضحكت وقالت:
– طب ما تقول يا ابني، خوفتني.
نور بصّت له… قربت منه وقالت:
– سليم… إنت واقف كده ليه؟ صوتك غريب.
بصلها بثبات يخوّف طفل في سنها، وقال:
– عادي… إنتي اللي مركّزة زيادة.
الأب قال:
– خلاص يا ولاد… نرتاح كلنا شوية.
ولما قاموا، محدّش فيهم لاحظ إن سليم… الحقيقي…
لسه تحت لسه في القبو لسه بيخبط…بيعيّط…وبيصرخ…
بس صوته مش طالع… لأن القبو بيبلع الأصوات.
واللي طالع معاهم فوق…مش ابنهم.. دي روح…
اتقلّبت بملامح طفل… على قد ما تبقى مخيفة إنها تبان طبيعية.
المشهد الرابع البيت الملعون أول شرارة
الليل نزل بدري بطريقة غريبة، كأن النهار كان مستعجل يهرب من البيت.
الأسرة كلّها كانت في الريسيبشن، يحاولوا يتسَلّوا… يحاولوا يتكيفوا مع المكان الجديد.
والطفل اللي قاعد وسطهم…
مش سليم.
قعد “سليم” على الكنبة، ساكن، ثابت، مايتحرّكش غير بعينيه.
الأم كانت بتلاحظه من بعيد… حاجة في تصرفاته مش راكبة.
مش طبيعي طفل يتحوّل من خوف لبرود في ثانية.
نور قربت منه:
– سليم… تلعب معايا؟
بصلها ببطء… ببطء زيادة…
– لا.
ساندرا ضحكت وقالت:
– ليه كده؟ ده إنت اللي دايمًا بتزن تلعب! ماردش…
بس كان باصص في الأرض كأن حد واقف تحت وبيكلمه.
الأب حس إن الجو بقى تقيل، فقال:
– طيب نروح نرتّب أوضتكوا… عشان ترتاحوا بدري.
الأم خدت نور وساندرا تجهز معاهم، والأب دخل المطبخ يدور على حاجة يشربها.
وبقي “سليم”… لوحده.
وفجأة…المصباح اللي فوقه بدأ يهتز.. ضوء خفيف يتقطع وصوت بسيط، كأنه نفس حد واقف عند ودنه
هو ابتسم…ابتسامة باردة قام، وراح ناحية السلم…
خطواته كانت هادية… متحددة… مش خطوات طفل.
وقف عند باب القبو وقرب ودنه للخشب، وهمس:
– اسكت… هتطلع بس لما أقول.
من جوه كان في صوت خربشة وكأن طفل بيحاول يطلع…
بس الروح الشريرة قالت تاني:
– اسكت خليك مكانك لسه بدري.
وباب القبو اتحرك حركة خفيفة… كأن حد بيحاول يفتحه.
سليم المزيف حط إيده عليه ومنعه.
في اللحظة دي، الأم نزلت من فوق وقالت بحدة:
– سليم! إنت واقف هنا لوحدك بتعمل إيه؟
اتلفت لها بسرعة…بس بسرعة زيادة…زي حركة مش بشرية.وبعدين رجع طبيعي فجأة.
رد وهو نازل عينه لتحت:
– كنت… بلعب.
الأم قربت، حسّت غصب عنها إن جسمها قشعر.
مسكت إيده…
كانت باردة… باردة قوي كأنها إيد حد كان في تلج.
– إنت كويس يا حبيبي؟
– أيوه كويس قوي.
صوته كان ثابت بزيادة… مافيهوش براءة طفل.
رجّعته الريسيبشن، والأب سمع خربشة خفيفة جاية من ناحية القبو.
قرب، وفتح نور الموبايل تنوّرله:
– إيه الصوت ده؟
وبصوت قوي جاي من جوف القبو…صوت حد صغير…
حد بيعيّط:
– بابا أنا هنا طلعني…
الأب اتجمّد والأم اتجمدت معاه وبصّوا لسليم اللي واقف وراهم.
سليم “الجديد”…ابتسم
المشهد الخامس البيت الملعون انكشاف أول الخيط
الأب وقف قدام باب القبو زي اللي رجليه اتسمرت في الأرض.
الصوت اللي طالع من تحت صوت ابنه صوت سليم الحقيقي ومحدّش فيهم قادر يفسّر إزاي يبقى فوق وتحت في نفس اللحظة.
الأم حطّت إيدها ع صدرها، صوتها بيتهز:
– سليم إنت معانا هنا صح؟
“سليم” اللي واقف قدّامهم رفع راسه ببطء، وبص للمكان اللي الصوت طالع منه، كأنه بيتابع حد مش بيستغربه.
وابتسامته الهادية اتسعت شوية ابتسامة مش طفل ابتسامة حد لاقى لعبته.
الأب قرب من “سليم” وقال بخوف واضح:
– إنت كنت فين؟
– هنا.
– طب يا حبيبي لمين الصوت اللي تحت؟
– يمكن حد تاني.
نور خدت خطوة ورا، مسكت إيد أختها:
– ماما ده مش سليم ده شكله بس مش هو.
“سليم” الجديد لف رقبته ناحيتها، حركة سريعة، حادة، كأن عضمه مابيقاومش.
عيونه اتحولت لعمق غريب مافيهاش دمعة مافيهاش حياة طفل
وقال بصوت واطي:
– انتي شايفاني غلط.
الأب اتشجع وفتح باب القبو…الظلمة كانت كأنها جدار…
بس الصوت كان موجود واضح بيرتعش:
– بابا أرجوك أنا هنا ماتسيبنيش هنا…
الأم صرخت:
– ده صوت سليم! ابني تحت!
– ماينفعش ننزل لوحدنا
الأب قالها بصوت متوتر.
“سليم” الجديد اتقدّم قدام الباب خطوتين، وفجأة وقف، ووشه اتغير وده اللي خوفهم أكتر إن ملامحه فضلت ثابتة ماارتبكتش…ولا حتى حاول يمنعهم.
قال بهدوء غريب:
– اللي تحت مش لازم يطلع.
الأم مسكته من دراعه وهزّته:
– إنت مين؟ قول إنت مين؟!
“سليم” الجديد بصّ على إيدها وهي ماسكة دراعه…
وببطء… سحب إيده، كأن اللمسة بتضايقه…
وقال بنبرة باردة:
– أنا اللي جه قبل ما توصلوا.
الدنيا كلها تجمّدت الأب نزل أول سلمة…ثم الثانية…
صوت سليم الحقيقي بيعيّط ويخبط:
– باباااا هنااااا!
“سليم” الجديد أبصاره لحقته من فوق، ووشه اتغيّر للحظة…لحظة واحدة بس كانت روحه فيها بتلمع بلون غريب لون شر لون جوع.
الأب قرب أكتر والصوت بيزيد والقبو بيضلم وبيسحب النفس ورجع يبص لفوق…
شاف “سليم” الجديد واقف على أول خطوة من غير رمشة من غير حركة كأنه بيستنى يشوف هينقذ ابنه ولا هيكون القبو أسرع؛ الأم اتشدّت ناحيتين نحية الطفل اللي تحت ونحية الطفل اللي فوق والإحساس المرعب إن واحد فيهم بس هيفضل معاهم لما الليل يخلص.
وهنا حاجة في القبو تحركت وحاجة فوق السلم ابتسمت…
وماحدش عرف مين فيهم بدأ الأول.
وأحداث البيت الملعون… مكملة
يُتبع…!
بقلم صباح البغدادي
اقرا قصة التنمّر المميت من هنا
للمزيد من القصص والمقالات المميزة ✨
تابعونا على
عوالم من الخيال



