الجزء الاول: نصف ساعة

_يعني مُتأكِد إن الشَقة دي حلوة وكِده.

 

نظرَ لها لِولهة، مِن ثمَّ عاد للتحدث قائِلًا بجدية:-

 

_يا سِت هانم أنا برشح ليكِ أحسن شَقة العجمي وإسكندريه كُلها، هتدخلي تلاقي جَنة جوا، وبعدين سِعرها حِنين بما أنكم طالِبات مُغتربين يا هانم.

 

_خلاص، هناخدها بس هنجربها الليله دي وبُكره الصُبح هأكد عليك.

 

اومأ لها حارِس العقار بالإيجاب بينما أعطاها مِفتاح المنزل وذهب إلىٰ الاسفل، نظرت مَنار إلىٰ مَلك بينما أردفت بريبة:-

 

_مَلك مُتأكِده أننا هنقعُد فيها، مِش عارفه ليه قلبي قلقان مِنها.

 

أردفت مَلك بجدية وهيَ تنظُر لها:-

 

_متقلقيش يا مَنار أحنا أربعة يعني هنقدر نحافظ علىٰ نفسنا وبعدين أيه هيحصل يعني.

 

وبينما وهيَ تتحدث، وجدت ريم تردف بخوف:-

 

_الغريب أن الشقة مقفوله من خمسه وعشرين سنه! يعني مُده مِش قليلة وكُل ما حد يفَكر يسكُنها بيتراجع في أخر دقيقه، يعني كِده فيه حاجه غـ….

 

لمّ تكاد تُكمِل حديثها حتىٰ أستمعت لِصوت مَريم التي أردفت قائِلة ببرود:-

 

_بس كلام أنتِ وهي وهي مِش ناقصه هيَ خلينا ندخل الشُنط علشان نقسم الاوض علينا وبعدها نرغي.

 

نظرَ لها الجميع بغيظ، ومِن ثمَّ شرعت مَلك في فَتح باب المنزِل وبدأت هيَ بالدلوف إلىٰ الداخِل وما إن دلفت حتىٰ أتسعت عيناها مِن هول المُفاجأة، المنزل مُتسِخ وبِشدة، الغُبار أكوامًا في كُل مكان تشعُر وكأن هُناك أحد في هذا المكان ولَكِن يبدو أن المكان لا أحد فيه مِن مظهره، دلفَ باقي الفتيات وهمّ يضعون حقائِبهُم علىٰ الارض، كادت مَنار أن تَجلِس علىٰ الاريكه ولَكِن قاطعتها مَلك مُردِفه بجمود:-

 

_مَحدش هيقعُد نِهائي هِنا إلا لما ننضف الزريبة دي، متوقعش حد هيطيق يقعُد في القرف دا.

 

نظرَ باقي الفتيات إلىٰ المكان وأيدوها في الحديث، بينما شرعوا جميعًا في رفع أكمامِ سترتهم، وأخبرتهم مَلك أنها ستذهب إلىٰ الداخِل لتبحث عن المِرحاض حتىٰ تجِد أدوات التنظيف، وما أن دلفت إلىٰ المِرحاض حتىٰ وجدت الدِماء تملئهُ في كُل مَكان، بصمات علىٰ الحائط مُحمله بِالدماء، وكأن هُناك مَن قُتل مِن وقتٍ قصير، نظرت مَلك حولها بِرُعب شديد وشعرت بِمن خلفَها ويضع يديهِ علىٰ كتِفها، نظرت ورائها سريعًا وجدتها مريم، أرتمت علىٰ الفور بِداخِل أحضانِها وهيَ تشهق مِن كثرة الرُعب، أردفت مريم قائِلة بجمود:-

 

_متقلقيش، دي تهيئوات.

 

أردفت مَلك قائِلة برُعب:-

 

_تهيئوات إيه يا مَريم، أنا شايفه دم دا دم.

 

وجائت لتنظُر حولَها لمّ تَجِد شيء، أتسعت عيناها مِن هول الصدمه، عادت بنظرِها لها وهيَ تُردف بخوف:-

 

_كان فيه دم هِنا واللهِ.

 

وأخذت تُفَكِر ومِن ثمَّ عادت للتحدُث قائِلة بريبة:-

 

_وبعدين أنتِ عرفتي مِنين إن أنا بيتهايئلي! أزاي عرفتي.

 

وضعت مريم يديها وهيَ تُحاوِط وجنتي مَلك، بينما أردفت قائِلة بهمس وهيَ تنظُر لها:-

 

_حَسيت بيكِ، متقلقيش.

 

شردت مَلك في عيناي مَريم حيثُ وجدتها تتسعان ويظهر عليهم اللون الاسود القاتِم، ولَكِن أفاقت علىٰ صوت مَنار التي أردفت قائِلة بغيظ:-

 

_واقفين هِنا تحبولي في بَعض وأنا وريم برا مستنيين الفَرج، عاوزين ننضف المَخروبه دي وننام.

 

أحضرت مَلك أدوات التنظيف وقامت بإعطائِها لَهم، بينما أردفت قائِلة ببرود:-

 

_نضفوا الصالة علىٰ بال ما أشوف فيه كام أوضه هِنا.

 

سَمِعت مَنار تُردِف قائِلة بغيظ:-

 

_بتهربي مِن التنضيف يا مَلك، ماشي يا ست.

 

نظرت مَلك لها وعلىٰ وجهِها لا يكمُن أي تعبير وذهبت إلىٰ الداخِل، بينما أردفت مَريم قائِلة بهدوء:-

 

_متتكلميش معاها لـ تديكِ في وشك، بَقت بتروح الچيم وعَنيفه.

 

اردفت مَنار قائِلة بتذكُر:-

 

_صح أفتكرت، لا أنا مِش مستغنيه عن عُمري، الطيب أحسن.

•••••

_يا عم سيد، يا عم سيد يا حبيبي وحبيب الملايين، أنا سامِع حركة مِن الشقه إللي قُصادي هو فيه حد فيه الشقه دي!.

 

خرج حارِس الهقار والذي كان يُدعىٰ سيد مِن غُرفته التي تقع بالاسفل، بينما أردف قائِلًا:-

 

_أيوه يا بشمهندس كريم، فيه أربع بنات مُغتربين هيأجروها بُكره.

 

مِن ثمَّ عاد كريم يقول بجدية:-

 

_طب أنت مقولتش ليهم علىٰ إللي هيحصل.

 

نظرَ لهُ سيد بجمود بينما أردف قائِلًا بنفاذ صبر:-

 

_يا بشمهندس ملناش دعوه دي كانت حكايه ومرّ عليها زمن يعني ملهاش لازمه، وبعدين الشقه مِش ملعونه.

 

وتركهُ ورَحل، بينما يقِف المُهندِس كريم ينظُر في أثرهِ بغيظ، ودلفَ لِداخل العقار وهو يتمتم قائِلًا:-

 

_عارِف أنتَ راجل ضلالي وحرامي أصلًا، عاوِز تسكنها علشان تطلع بِمصلحة مِنها أما أنك راجل نوتي بصحيح.

 

اخذ يُفكِر مع نفسهُ حتىٰ وصلَ إلىٰ الطابِق الذي يقع منزلهُ بهِ، بينما نظرَ إلىٰ المنزِل المُقابل لهُ وعزمَ علىٰ أخبارِهم بالحقيقه حتىٰ يكون لهم حُرية الإختيار يظلون أو لا.

•••••

تسير بخطواتِها البطيئة نحو أحدىٰ الغُرف ودلفت إليها، وهيَ تتفحصها بعيناها وجدت فِراش يقع في مُنتصف الغُرفه وعلىٰ جانبيه مقعدين، وفوق الفِراش هُناك إيطار يحتوىٰ بداخِلهُ علىٰ صوره كبيره تجمَع بِداخِلها عائلة مكونه مِن أربعة أفراد الاب والام ويحملان بين يديهم طِفلان، ظلّت مَلك تنظُر لهم بريبة وأخذت تبحث في الغُرف عنّ أي شيء يُثير الشك، وهيَ تهمس بداخِلها قائِلة:-

 

_عندي شعور قَوي إن فيه حاجه في البيت دا، مش هتخيل بالدم ولا نظرات مَريم كده ولا دي تهيئوات أكيد، لازم اتأكِد بنفسي.

 

وأثناء ما هيَ تبحث أخذت تستمع لِصوت بُكاء حولِها يصمْ الأذُن، وضعت يداها علىٰ أُذنيها وهيَ تصرُخ بصوتٍ عالٍ قائِلة:-

 

_بس، أسكتوا.

 

وجدت باب الغُرفة يُفتح بهدوء، وتظهر مِن ورائهِ ريم، التي أردفت قائِلة بخوف:-

 

_مَلك، مَالِك صوتك عالي ليه؟.

 

أردفت مَلك قائِلة بنفي وهيَ تنظُر حولِها:-

 

_مَفيش أنا هاجي معاكِ علشان نكمِل تنضيف عاوزين ننام بدري علشان نروح الكُلية بُكره.

 

سمعتها تُردِف قائِلة بهدوء:-

 

_ماشي يالا.

•••••

 

 

يا مَلك، يا مَلك.

 

ظلّت مَنار تهتف بإسمها بينما هيَ كانت شارِدة وبِشدة فيما حدثَ معها اليوم، وما سيحدث الذي لا تعملهُ، أنتبهت لحديثها عِندما قامت بضربِها علىٰ ذِراعِها بخفة، بينما هتفت مَلك قائِلة بغضب:-

 

_نعم، خير في أيه.

 

نظرت لها مَنار لولهةً بينما ذهبت إليها وقامت بالجلوس أمامها، وأردفت قائِلة بهدوء:-

 

_مالِك يا مَلك، مِن وقت ما جينا هِنا وأنتِ مِش طبيعية وبعدين ما البيت حلو أهو.

 

نظرت لها مَلك بينما أردفت قائِلة بنفي:-

 

_مِش عارفه يا مَنار لَكِن قلبي مِش مرتاح، الشقه دي غريبه أوي هحكيلك مِن أولها.

 

وأخذت تَسرِد لها جميع ما حدث مِن رؤيتها للدِماء حتىٰ سماعِها لِصوت صُراخ الاطفال، وما إن انتهت حتىٰ أردفت مَنار قائِلة بتعجب:-

 

_أكيد دي تهيئوات يا مَلك يَعني مَريم إيه إللي هيخليها تبصلك كده، ودم إيه بس والاصوات دي محدش سِمعها غيرك لإننا ملاحظناش حاجه وأهو أحنا في الاوضه أهي ومَفيش حاجه، صدقيني كُل دا تخاريف علشان بس السَفر هننام دلوقتي ولما نِصحىٰ هنكون أحسن، عَندِنا كُليه الصُبح نامي.

 

اومأت لها مَلك بالإيجاب بينما تمددت مَنار علىٰ فِراشها المُشترك مَعّ مَلك بينما ينام كُلًا مِن ريم ومَريم في غُرفة ثانيه.

 

ظلّت مَلك تتقلب يمينًا ويسارًا محاولة النوم ولَكِن لمّ تعرف، نظرت إلىٰ مَنار وجدتها نائمه، نهضت عن الفِراش وأخذت تتجول بداخِل الغُرفة تنظُر حولها يمينًا ويسارًا، وكأنها تبحث عن شيء يُخبرها أن هُناك شيئًا ليسَ عاديًا، وقفت أمام النافِذه تُراقب الخارِج بصمت حتىٰ وجدت أمامها قُط كبير يسودهُ اللون الأسود القاتِم ينظُر لها وهو يبرز أنيابه، تذكرت مَلك حينها ان والدتها أخبرتها أنهُ مِن المُمكِن أن يكون القُطط أرواحًا، وهذا لمّ تصدقهُ مَلك ولَكِنها تذكرت فقط، قامت بإغلاق الستائر حتىٰ عادت لا تراهُ، وجائت لتنظُر خلفها ولَكِن أتسعت عيناها من هول الذهول حينا رأتهُ أمامها، تمتمت مَلك برُعب:-

 

_أعوذ بالله مِن الشيطان الرچيم، يا رب يا مُعين، أعوذ باللهِ أبعد أبعد.

 

أغمضت مَلك عيناها مِن ثمَّ قامت بِفتحِها ولَكِنها لمّ تجدهُ، ذهبت إلىٰ الفِراش وقامت بالجلوس عليهِ ولَكِن ما يُثير الدهشه أنها نظرت إلىٰ الاسفل وجدت دماءًا كثيرة تحت قدماها، حاولت الهدوء ونظرت إلىٰ مَنار وأخذت تُيقِظها وما إن أستيقظت حتىٰ جعلتها ترىٰ الدِماء والمُدهِش أنها رأتها بالفعل، بينما أردفت قائِلة بصدمة:-

 

_يا نهار أبيض، أيه دا، هيَ ناقصه فيلم رُعب مِش قادره يا مَلك لا يالا نمشي.

 

كادت أن تذهب مِن الغُرفة ولَكِن قد قامت مَلك بإمساكِها وتمتمت قائِلة بخفوت:-

 

_أسكُتِ دلوقتي، تعالي نشوف إيه تحت السرير لإن أكيد الموضوع دا وراه حكاية أصل دم بيظهر مِن العدم دي غريبه.

 

اومأت لها مَنار بإيجاب وهيَ تنظُر لما يحدُث برُعب، ذهبوا تِجاه الفِراش وبدأت مَلك تقوم بإزاحتهِ بعيدًا حتىٰ ظهرَ مكانهُ قامت بإبعاد السِجاده أيضًا وما إن أزالتها حتىٰ رأت الارض، بلّ هو عِباره عن رِمال فقط ليسَ هُناك أرض بتحت الفِراش، وعِندما رأت مَنار كُل هذا أردفت قائِلة بسُخرية:-

 

_ويا ترىٰ يا ست مَلك يا نافخه نَفسك، هنحفُر!.

 

نَفَت مَلك قائِلة:-

 

_لا نامي دلوقتي، علشان الكُليه الصُبح، وبعدها نشوف الحكايه دي، بس كُل شويه أنا بستغرب اكتر ليه مكان السرير تحت مفيهوش سيراميك! وباقي الاوضه فيها.

 

أردفت مَنار قائِلة بتفكير:-

 

_يمكِن مَثلًا جُم يعملوا الاوضه السيراميك مَكفاش فَقالوا يخفوه ويحطوا السِرير مكانه.

 

نظرت لها مَلك بوجه خالي مِن التعابير، بينما أردفت قائِلة بسُخرية:-

 

_وجهة نَظر لا تُحترَم بِصراحة، نامي يا مَنار بدل ما أرتكب جِنايه فيكِ أنا علىٰ أخري، نامي يا كنزايه.

 

نظرت لها مَنار بغيظ، بينما قامت مَلك بإعادة الفِراش إلىٰ مكانهُ ونامت هيَ.

 

وذهبت مَلك إلىٰ الخارِج ودلفت إلىٰ المرحاض وهيَ تقوم بَغسل وجهِها وما إن نظرت إلىٰ المرآة حتىٰ وجدت الدِماء عليها بهذهِ العِبارة  ‘نِصف سَاعة’

جائت مَلك لِتتحسس هذهِ العِبارة وجدت أصوات الصرخات عادت تسمعُها مِن جديد وضعت يداها علىٰ كِلتا أُذنيها وهيَ تنظُر حولَها برُعب شديد، خرجت سريعًا مِن المِرحاض بينما ذهبت إلىٰ غُرفة ريم ومريم وقامت بِفتحها وجدت ريم فقط ونائِمه ولَكِنها لمّ تَجِد مَريم ظلّ تنظُر حولَها لمّ تجِدها أغلقت باب الغُرفة وجائت لتذهب ونظرت خلفها وجدتها تَقِف أمامها، همست مَريم قائِلة بجمود:-

 

_نعم يا مَلك، عاوزة حاجه؟.

 

تمتمت مَلك قائِلة بشك:-

 

_كُنتِ فين يا بنتي ملاقتكيش في الاوضه! كُنت بتطمن عليكم.

 

أردفت مَريم قائِلة بجمود:-

 

_كُنت في الحَمام، وسعي علشان عاوزة أنام.

 

لمّ تتحدث مَلك لأن مَريم كانت قد ذهبت من أمامها سريعًا، شعرت مَلك بشيء غير طبيعي تِجاهِها، قامت بِفتح باب الغُرفة بهدوء شديد دونَ أن تشعُر، ونظرت إليها وجدتها تجلِس علىٰ الفِراش جامِده وهيَ تنظُر تِجاه النافِذه وعلىٰ حين غفله نظرت إلىٰ الباب، بينما أختبئت مَلك وذهبت سريعًا مِن أمام الغِرفه، حتىٰ جلست علىٰ الاريكة وهيَ تحاول أن تهدأ حتىٰ غَفّت مكانِها وهيَ لا تشعُر.

•••••

يُتبع..

 

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *