خواطر فلسفية
بقلم صباح البغدادي
الخسارة
بنخسر كتير…
خساير تقطُم الضهر، وبنبقى فاكرين إن الحياة انتهت بعد الخسارة…
عايشين على حبة ذكريات وبس…
حتى في المنام كنا بنحلم بالغاليين…
بس حصل اللي مش متوقّع!
صعقة كهربا لمريض كان خلاص مات… وفجأة صحي!
أمل من جديد…
روح ربّانية في شخص زرع ورد في قلوبنا من تاني…
خلّانا نعيش من جديد…
ده حتى لما بنتوه وسط أحزاننا، بيلاقينا…
بيلمّ اللي اتكسر فينا، وبيخبّي عيونا اللي بتفضح وجعنا…
بيخبّيها بضحكة طالعة من القلب.
بنبدأ نطلّع العُقد اللي جوانا على الشخص ده، وبيستحملنا عادي…
بالعكس، بيحاول يفك العُقد دي واحدة واحدة…
لحد ما يبقى روح جديدة فينا… لسه مولودة وطاهرة…
علشان نقدر نكمّل… وبنكمل فعلًا!
بس خدو بالكم قبل ما تخطّوا خطوة واحدة في المشوار معاه!
إن العلاقة الصح الوحيدة… هي اللي بتدخلها من البداية:
بصراحة… من غير تزييف، من غير كدبة واحدة، من غير تمثيل…
من غير افتعال…
بكل ماضيك وتجاربك الفاشلة، بكل عيوبك وبلاويك.
العلاقة الصح… هي اللي الشخص اللي قدامك بيشوفك فيها زي ما إنت،
وبيقبلك زي ما إنت.
دي العلاقة الوحيدة اللي أساسها اتبنى صح…
غير كده، الأساس بيبقى مغشوش، ومع الوقت… لازم يتهدّ.
بنقابل غيرهم وبعدهم، ونتكلم ونحكي…
بس جوا قلبنا بيبقى لسه في شوية حاجات مرمية بعيد… متتحكيش.
مقفول عليها بمفتاح، ومكتوب عليه:
(مينفعش… ومتفكّرش تحكيها).
وغالبًا المفتاح ده بيكون مع حد واحد بس…
مالوش تاني، ولا ليه بديل.
وطالما ما حكيناش عنها… يبقى للّي بيحاولوا يدخلوا جديد،
بلاش تسألوا وتتطقّسوا وتشبعوا فضولكم على حسابنا…
ما تحاولوش توصلوا للمكان ده…
عشان ما تتعبوش ولا تتعبونا معاكم!
وصلت؟!!
أما بقى عن أصحاب المفتاح، وأصحاب المكان ده…
فبلاش تدخلوا وتكركبوا وتشيلوا وتحطّوا،
وفي الآخر تمشوا وقت ما تخربوها…
بلاش يا اللي كنتوا في يوم ضحكة مرسومة على الوشوش…
بلاش يا حلم طال طرف الحقيقة، واتمسك، وحلف هيتحقق ومفيهوش قسوة…
بلاش يا حلم، يا قلوب طبطبت في يوم، وحلفت دموع العين ما تروي الخد في وجودهم…
بلاش يا اللي حصنكم كان جنة، ومحسبتوش دفاها يزيد زيادة ويتقلب حاجة تانية…
بلاش يا فكرة، اتمسكت بيكم، واتعلّقت المواقف بنظرة من عينيكم…
بلاش… عشان لو الفرحة مستهلكة، بتسيب وجع قدام…
بلاش، الوجع ده بيكون منكم، وتسكُن القسوة أحضانكم،
وتبيعوا العِشرة بالساهل…
بلاش علشان تمحوا مواقفكم اللي اتكتبت بحبر،
تمسحوها بإستيكة خايبة…
بلاش…
عشان الصدمة بتكون وحشة، ونتايجها مش سهلة…
ما بلاش تحدفوا الكورة بعزم ما فيكم في الحيطة،
علشان لو اتردّت… هتكون ضعف القوة اللي اترمت بيها!
خفّوا… وراعوا القلوب اللي كانت بين إيديكم في يوم…
علشان القسوة، لو اتملّكت من الطيب، بتحلف ما تسيبوش،
وساعتها انسوا براءة الوشوش…
لو عايزين تمشوا… استأذنوا، وعدّوها بهدوء…
لو ناويين على القسوة… طيّبوا مواقفكم لحد ما تختفوا من القلوب…
لو كان ليكم حد تاني… روحوا، وخدوا معاكم مواقفكم وذكرياتكم،
وأحلامنا اللي بوجودكم كانت هتتحقق في يوم…
وبعد ما تروحوا… أمانة،
تجيبوا سيرتنا بالخير،
ومتزعلوش لو كان رد الفعل على فعلكم زعلكم…
أكيد الفعل كان قاسي علينا أكتر مما تتخيلوا…
ومع السلامة…
نورتوا…
اقفلوا الباب براحة، وحياتكم…
القلب ما بقاش يحتمل جراح ولا خبطة تانية، وغلاوتكم…
واكفينا يا رب شرّ العشم، والتعلّق، والسند على غيرك…
والحب اللي بيتخلق للناس الغلط…
والاشتياق للناس اللي إحنا مش فارقين معاهم…
والحزن اللي ما بيبانلوش آخر…
والأحلام اللي بنشوف فيها اللي فارقونا…
واكفينا يا رب…
السعادة اللي آخرها وجع…
والصحبة اللي آخرها فراق…
والحنين اللي ساكن في الأماكن وورق النتيجة…
اكفينا شر خلقك يا رب…
الارتياح…
الراحة جوّه أي علاقة بتكون علاقة لوحدها… إنك ترتاح لأشخاص أفضل من الحب نفسه.
ممكن تحب، بس تحس إنك مش مرتاح، فـ تكمّل لمجرد إنك بتحب، ومن هنا بتفترقوا.
لو خيروك بين الارتياح والحب، اختار الارتياح.
الحب مش مقياس أبدًا للزواج… بين السما والأرض مكان حلو نتوه فيه، لكن الجواز عايز أرض صلبة نقف عليها.
هل مؤهّل نفسيًا؟!
متّزن شخصيًا؟! إنسان سوي؟! فاهم يعني إيه مشاركة حياتية؟!
مش روتين بقى والكلام المعتاد…!
أغلب الرجالة مش عايزين “ست بيت” وتربية أولاد ومين عمل إيه ومين لأ.
مش بقول إن الحياة وردي، لأ، أكيد فيها مشاكل… بس من غير ما كل واحد يرمي المشكلة ع التاني.
لازم تفهموا إن المشكلة حلها مشترك بينكم.
أغلب المشاكل بتحصل لما حياتكم تبقى “مشاع” قدام الجميع، وغالبًا بتكبر بسبب الجمهور المتابع.
ليه ما تختصروش مشاكلكم عليكم انتوا بس؟
وزي ما عرفتوا تعملوا مشكلة، هتعرفوا تحلوها لوحدكم… إلا لو سلم الأمر واحتاج دخول طرف تالت.
غالبًا بيكونوا عايزين بنت عندها طموح، ويا حبذا لو كانت نِدّ له… هما الاتنين نِدّ لبعض.
طموحة عشان تقدر تستوعب طموحه، وتشاركه هوايته.
الحب مش مشروط، والجواز مش مشروط، بس لازم تكون بينهم حياة مرنة.
أشاركك هوايتك، وتشاركني هواياتي، وإحنا الاتنين نطلع أولادنا سويين، بتفكير صح، واحترام قدامهم.
وده كله تحت كلمة “الارتياح”…
مفيش حاجة اسمها “ملزَمة” ولا “مش ملزَمة”.
لازم تفهموا إن الزواج علاقة مقدسة بين اتنين، ومفيش حاجة اسمها راجل وست… في حاجة اسمها “مشاركة”.
ما إنتِ مش هتتجوّزي عشان تشيلي المسؤولية لوحدِك، انتوا الاتنين تصبّوا اهتمامكم في البيت والأولاد وكل شيء مشترك بينكم.
غير كده، هتكون حياة فاشلة جدًا…
التفاهم في كل شيء مطلوب.
وعشان ده يحصل…
خدها “صديقة” قبل “حبيبة”، اللي تروح عليها وتحكيلها يومك كان إيه، وإيه المشاكل اللي حصلت، وتستوعبك بسرعة.
وخدها “حبيبة” قبل “مراتك”، اللي تطلع لها كل كلام الحب اللي مش بتقوله لغيرها، ومينفعش يتقال لغيرها أصلًا.
وأخيرًا “مراتك”، اللي ربنا أنعم عليك بيها، وعلى عتبة بيتها ترمي همومك من غير تردد، وتبوح بسرعة بكل اللي جواك.
يعني خَلّيها تلعب كل أدوار البطولة في حياتك.
وانتِ…
خدي “أخ” قبل “حبيب”، اللي قدامه تتنطّطي على لعبة حلوة، و”صديق” قبل “حبيب” اللي بتتكلمي معاه بصراحة ومتاكدة إنه هيفهمك ويوجهك للصح.
و”أب” ليكي لو غلطتي، يسامحك مش يقولك: “بينا ورقة وخلاص؟!”
لأ، إحنا بينا عمر كامل عشناه بتفاصيله… وجع، وقُصاده حب.
وأخيرًا “زوجك”، اللي ربنا أنعم عليكي بروحه تطيب على قلبك… خليه بطلك في كل حواديتكم، وتكونوا لبعض مسك الختام…
العلاقات المرهقة
العلاقات اللي ماشية بالزق والمناهدة وقلة الحيلة، كان لازم ييجي وقت وتخلص.
العلاقة اللي دايمًا فيها الحاجات الحلوة بتيجي متأخر… فـ ما بيبقاش ليها طعم.
ردود الأفعال اللي بنستناها ومبنلقاهاش…
الردود المقتضبة…
العلاقة اللي من النوع ده بتدشدش الروح مش بتكسرها.
الحاجات اللي مش بتجري ورانا بنفس القدر اللي إحنا بنجري بيه وراها…
الـ “وحشتني” اللي بتتقال مجاملة، مش إحساس، عشان بس أنا قولتها الأول، فـ لازم تترد…
فتقوم تترد في وشنا بوجع بيسيب عاهة نفسية مستديمة.
كسرة النفس بعد الصدمات…
الحرية الناقصة…
التراكمات اللي مكوّمة طبقات تراب على الروح…
الكلمة اللي ممكن تلم كل ده ومبتتقالش…
السند… الاحتواء… ردود الفعل المصمَتة…
كسر الحواجز، والخروج من الدواير المقفولة… الكذب…
الخروج عن القطيع… الورطة والعقدة والزنقة…
وعدم وجود مخرج من الدائرة المفرغة للحياة…
التأخير المصيري بيدشدش الروح أوي…
والعلاقة اللي بتدشدش الروح دي لازم ييجي وقت وتخلص لوحدها…
ملعون أبو العلاقة اللي فيها خوف وقلق وكوابيس…
وفيها حاجات مكسّرة، والشغف فيها كل يوم بيقل، والضحكة دايمًا كدابة…
وردود الفعل الباردة، والليل بيطول، والناس الخدّاعة…
كل حاجة فيها أساءت استخدام الحلو فينا…
لعنة التوهان
ملعونة التوهة اللي تخلي الدنيا في وادي وإنت في وادي.
دائمًا في حلقات مفقودة من دايرة الحياة!
بس لو ركّزنا في المتاح ورضينا بيه، عمره ما هينسينا المفقود…
هو ممكن يعوضنا عنه شوية، لكن للأسف وجع الحاجة المفقودة بيفضل ملازمنا طول ما إحنا عايشين في الدايرة.
وخصوصًا كل ما نيجي عند الحلقات المفقودة في طريقنا، وغصب عنّا نتكعبل ونقع فيها…
وللأسف وجعها الأكبر إنها بتفضل نقطة في حياتنا، وبنخاف جدًا نوصلها، أو حتى حد يعرف إننا بنضعف بسببها.
وساعات بتظلم أوي، عشان ربنا يخليك تشوف حتة نور مكنتش شايفها.
اطمن واعرف إن ربنا هيعوضك.
عوض ربنا بينسي أي حاجة وحشة شفناها في حياتنا…
عوض ربنا بينسيك اللي فقدته من الأساس…
عوض ربنا حلو جدًا…!
صفحة جديدة
لما الشخص يقرر يتخلص من التراكمات ويقول: “أنا هبتدي صفحة جديدة”،
يلاقي الدنيا عاملة بالظبط زي اللي كاتب بقلم حبر على الورقة،
ولما يقلبها، يلاقي بواقي الحبر على الصفحة اللي بعدها!
وقتها، لو ناوي فعلًا على صفحة جديدة، لازم يصبر…
لحد ما يلاقي بواقي الحبر اختفت تمامًا…
ويبدأ على صفحة صافية وجديدة.
كل حاجة بتسيب أثر، مش بيروح بسهولة…
بس الواحد لو ناوي يبتدي فعلًا على حاجة تريّحه،
لازم يتعب شوية عشان يتخلص من اللي باقي فيه…
وعلى قدّ تعبه، هيحس بقيمة الراحة…!
اقرأ قصة كرانشي بالسجق من هنا



جميل جدا